الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مدد لـ "علي" مدد- رولا سرحان

2015-08-11 12:44:04 AM
 مدد لـ
صورة ارشيفية
 
 
يُروى من وقائع غزوة "أُحد"، أن المشركين حين تكاثروا على النبي محمد عليه السلام بغية قتله، أن النبي رفع صوته داعياً ربه قائلاً: "المدد يا الله منك المدد"، فظهر من بين الغبار الذي انشق أمام ناظري الرسول ابن عمه علي بن أبي طالب الذي استبسل في الدفاع عنه يميناً وشمالاً، فما كان من النبي إلا أن قال: "مدد يا علي، يا علي مدد." و"المدد" في لسان العرب تعني طلب المعونة والغوث والمساعدة وتقديم النصرة. 
 
علي دوابشة، الذي ولد بيننا، وأحرق أمامنا، ولحق به أبوه، ولربما تلحق به أمه، أوجعنا كثيراً، لا لشيء أكثر من أننا لم نتمكن من أن نمد له يد العون أو المساعدة أو أن ننصره لا حيا ولا ميتا، وأقصى ما حدث منا أن أصابنا شيء من "الحرج العاطفي" لأنه عرى بغضنا لعجزنا السياسي عن الثأر له، وهو العجز المتكرر بنفس صيغ الاستنكار التي شجبنا بها قبل عام إحراق محمد أبو خضير حياً، ومن ثم نسينا أمره.
 
كل ما في وصف وجع الامتهان لحق العيش بأمن وكرامة، لا يتعدى إرهاصات كلام سياسي شعبوي فارغ المضمون مبعثه ردات الفعل لا أكثر، والذي يأتي في إطار حاضنة سياسية مهتزة  ضعيفة لا تقوى على تحديد معالم أجندة وطنية واضحة متفق عليها بأدوات ووسائل تحرر قابلة للتحقق.
 
ولعل الأمر في واقعه يستدعي مقاربة من نوع مختلف في محاولة للوصول إلى أسباب القبول بهذا الامتهان الذي نعيشه، من قبيل تلك المقاربة بين "الشخصية اليهودية" المبنية -كما عرفها أكثر من كاتب سياسي ومحلل نفسي -على أنها تقوم على نزعات عدوانية اضطهادية للآخر لإخضاعه وإذلاله، في مقابل "الشخصية الفلسطينية" المضطهدة والضحية القابلة للتكيف مع السيء فالأسوء فالأكثر سوءا. ولعل ذلك، هو سبب استمرار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وقابلية استمراره إلى ما لا نهاية، لأنها تقوم على علاقة مركبة مقامها قبول التعايش مع فكرة "الفاعل والمفعول به". 
 
طلب المعونة والنصرة، لا يكون إلا ممن يستطيع، وممن يقدر وممن بإمكانه مد يده بالمساعدة، وهو ما لا نستطيع فعله لأنفسنا، ولا لبعضنا البعض، فمن يريد تقديم المساعدة يجب أن يكون بمقدوره مساعدة نفسه أولاً.
 
مددُ لـ "علي" ومدد لـ " أنفسنا".