الحدث- خليل جاد الله
أحدهم قال بعد نهاية المباراة: "الصغار علّموا السياسيين اليوم درساً لن ينسوه!"، إصبع يده كان لا يزال يشير إلى رجال يرتدون اللونين الأخضر والأحمر فوق ملعبٍ لكرة القدم جمع على أرضه مباراةً استثنائية لفريقي اتحاد الشجاعية بطل كأس فلسطين، وأهلي الخليل بطل كأس فلسطين أيضاً.
آلاف ... "الشغف" مقعدهم!
عشرة آلاف فلسطيني اجتمعوا قبل أيام على جنبات ملعب اليرموك بمدينة غزّة، وتحديداً في السادس من شهر أغسطس، الذي سيُدوّن لاحقاً على أنه اليوم الذي كُسر فيه الحصار "الرياضي" على قطاع غزّة، ونجح فيه فريقٌ من الضفة الغربية في زيارة القطاع بعد 15 عاماً من الانقطاع.
من بين الآلاف العشرة تلك من اعتلى صهوة المدرّجات التي اتسعت لـ 6 آلاف، وآلافٍ أُخر تبعثروا على أسطح المنازل أو استظلّوا بفيء المدرجات المدمرّة بفعل تعرضّها لضربات صواريخ الاحتلال في العدوان الأخير على قطاع غزّة.
مباراةٌ كرة قدم قرر الاتحاد الفلسطيني أن تُقام للمرة الأولى منذ 15 عاماً بين بطل الضفة الغربية وبطل قطاع غزّة بعدما انتزع حقّ "حرية الحركة" من الاحتلال في كونغرس الفيفا الأخير، فنظّم هذا النهائي لتحديد بطل كأس فلسطين "الفعلي" والذي سيرافق فريق شباب الظاهرية (بطل الدوري) بعدها إلى بطولة كأس الاتحاد الآسيوي للأندية.
الحسم تأجل للإياب .. وحسام قلّد "مارادونا"
انتهت مباراة الذهاب بين اتحاد الشجاعية وأهلي الخليل بالتعادل السلبي 0-0، بانتظار إقامة مباراة الإياب بمدينة الخليل للتعرف على هوية الرابح منها.
90 دقيقة لهث فيها لاعبو الفريقان نحو الشباك دون فائدة، فيما احتفظ "حسام وادي" قائد الشجّاعية باللقطة الأبرز في المباراة بعدما سجّل هدفاً بذراعه الأيسر( على طريقة مارادونا) ألغاه الحكم، فكتب وادي على صفحته مساءً "مسكني مساعد الحكم"!
امتزاج الأخضر والأحمر ... وإبن دير حنّا عانق ابن غزّة
ما بحث عنه "شباب" الفريقين –حقّاً- كان أكبر بكثير من تحقيق الانتصار في المباراة، ولو كان الأمر عكس ذلك لما قام أحمد حربي ومعه الحارس عزمي الشويكي من فريق أهلي الخليل، بمعالجة مهاجم اتحاد الشجاعية علاء عطيّة على أرضية الميدان بمجرّد أنه قال "آآخ"، ومثلهم فعل "الشباب" من جماهير الشجّاعية عندما استقبلوا منافسهم أهلي الخليل استقبال الأبطال بمجرّد أن سارت حافلة الفريق في شوارع القطاع.
رسائل إيجابية كثيرة صدّرتها هذه المباراة، أولها أن "الشباب له الغد"، وأن كرة القدم في فلسطين صارت اليوم سلاحاً فتّاكاً لديه القدرة على أن يكسر "سطوة" الأسلحة التقليدية، وأولها سلاح الانهماك بالتصريحات "الفصائيلة والحزبية" بين الأطراف التي تتخيل المصالحة "اعجازاً".
كرة القدم في فلسطين تمكّنت من أن تجمع خارطة فلسطين الأولى -كاملة مكملّة- في ظرف 90 دقيقة، فلعب إبن دير حنّا "وائل مريسات"، مع إبن مخيّم الشجاعيّة "فضل قنيّطة"، ومعهم التشيلي – الفلسطيني "روبيرتو كاتلون"، وساندهم خلدون الحلمان إبن الخليل، بمساعدة محمود وادي إبن مدينة غزّة ... كلّهم اجتمعوا على مستطيل واحد، فصار ملعب اليرموك، ولو كان ذلك لمدّة 90 دقيقة فقط "فلسطين تاريخية" عمرها 67 عاماً بمساحة تتعدىّ 27 ألف كم مربّع بدلاً من 7 آلاف متر مربع فقط!
كتب مهاجم أهلي الخليل مصعب أبو سالم على قميصه بعد المباراة "الرياضة فوق الجميع، نعم للمصالحة"، فختم المباراة بلوحة فنيّة عجز أمهر السياسيين عن إتمامها منذ 8 سنوات على الأقل.