"الاتفاق مع إيران "إعلان فيينا" قد حظي بدعم دول العالم ما عدا إسرائيل. هذا ما صرح به الرئيس الأمريكي "أوباما" الأسبوع الماضي في أول خطاب له بعد توقيع الاتفاق، ومن أبرز ما قاله سيد البيت الأبيض "إن البديل عن الاتفاق هو الحرب الإقليمية". وبالرغم من أنني لست معجباً بما يقوله أوباما في العادة لأسباب لا مجال لذكرها، ولكن التوقف عند ما قاله بخصوص الاتفاق الإيراني مع ما يسمى دول 5+1 وارتباط ذلك بما آل إليه الوضع عند رئيس الحكومة الإسرائيلية هو أقرب إلى الفضيحةالسياسية، وهو ما لفت نظري في تصريحات الحليف الأمريكي– الاستراتيجي!
طيلة العامين الماضيين بنى الإعلام الإسرائيلي موقفه على العداء لإيران والتحذير من الوصول إلى اتفاق معها لا يتضمن نزع قدراتها النووية وإلا فإن البديل لهم ولحلفائهم هو توجيه ضربة عسكرية تدمر كل قدراتهم النووية، ووصلت الوقاحة الإسرائيلية حدها عندما بنت استراتيجيتها العسكرية ورصدت المليارات والاستعدادات لأن تكون رأس الرمح في أي ضربة عسكرية ضد إيران.
السياسة الإعلامية الإسرائيلية من أجل ضرب إيران ربطت خططها مع الاستعداد الدائم لضرب حزب الله اللبناني وفصائل المقاومة الفلسطينية. لقد وسعت إسرائيل من دائرة المستهدفين حتى اليمن بحجة أن أتباع
أنصار الله (الحوثيين) هم من حلفاء إيران!
الآن وقد سقط الرهان الإسرائيلي على إمكانيات التحشيد على جمهورية إيران الإسلامية، وعلى من تعتقد أنهم حلفاء إيران، فإن السياسة الإسرائيلية التي يقودها التحالف الأشد يمينية في إسرائيل قد فشل ودخل في عزلة دولية سوف تظهر آثارها بوضوح لاحقاً. لقد اقترب الموقف الأمريكي من موقف الكثير من مواقف الدول الأوروبية وإعلاناتها المستاءة من السياسة الإسرائيلية، سواء في موقفها من اتفاق فيينا أو من بعض المواقف من الاعتداءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية كحرق أسرة الدوابشة بالقرب من نابلس.
الموقف الإسرائيلي الراهن بلغ حداً من الوقاحة لا شبيه له في العلاقات الدولية، فهي تحاول العبث بالبيت الداخلي الأمريكي من خلال تحريض الكونغرس على عدم تمرير الاتفاق وتشغيل اللوبي اليهودي أيضاً لهذه الغاية، وعلى التصادم مع البيت الأبيض، وهي التي بذلت جهودها من أجل عدم نجاح أوباما في دورته الثانية. علينا أن نتخيل لو أن الكونغرس الأمريكي قد عطل المصادقة على الاتفاق مع إيران، أو لم يستخدم أوباما حق الاعتراض على موقف الكونغرس. في هذه الحال فإن العزلة سوف تلحق بأمريكا، وخاصة أن الدول الأوروبية وروسيا الموقعة على الاتفاق، وبدعم من مجلس الأمن، سوف ترفع العقوبات عن إيران بما فيها العقوبات العسكرية. فمن سيكون الخاسر في هذه الحال؟!
إذا كانت إسرائيل قد بنت كل سياساتها الليكودية على العداء مع جمهورية إيران الإسلامية ومع حلفائها في المنطقة، فإنها، وللأسف، قد نجحت في زرع "البعبع" الإيراني في كثير من الدول العربية وفي بعض قواها السياسية، وتحديداً في دول الخليج النفطية، ونشرت كل أوهام الصراع الطائفي وأججت نوازع الإرهاب وسياسات الذبح والحرق، بما فيها حرق المساجد ودعم المجموعات المسلحة بكل أشكال الدعم في مواجهة ما يسمى بالخطر الإيراني والعمل على بناء دول طائفية بديلاً للدول الوطنية القائمة!
هل سيجرؤ زعيم عربي من حلفاء أمريكا أن يقول لإسرائيل ما قاله أوباما؟ وأن يعمل على وضع حد للوقاحة الإسرائيلية في بلادنا من احتلال وبناء مستوطنات وقتل ونشر الإرهاب بين المستوطنين ضد أبناء الشعب الفلسطيني؟ وكذلك التهديدات المتلاحقة ضد سوريا ولبنان؟ أم أن العدو الوحيد لهم سوف يبقى جمهورية إيران الإسلامية وأن إسرائيل أقرب لهم من إيران؟!