الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أيتها الأونروا: الفلسطيني لن ينتحر ولكن يتفجّر / بقلم: أنور الخطيب

هنا نلتقي..

2015-08-11 10:15:57 PM
أيتها الأونروا: الفلسطيني لن ينتحر ولكن يتفجّر / بقلم: أنور الخطيب
صورة ارشيفية
 
الموضوع تجاوز كونه إشاعة، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" تعيش أزمة مالية خانقة، ونائب المفوض العام للأونروا ساندرا ميتشل، أوضحت في مقابلة تلفزيونية أن الأونروا تعاني من عجز قيمته 101 مليون دولار، وإذا لم يقم الأعضاء بسداد التزاماتهم فستضطر الوكالة إلى تأخير الموسم الدراسي. وسهيل الهندي، رئيس المؤتمر العام لاتحاد الموظفين العرب في الوكالة قال للجزيرة نت إن تقليصات الوكالة الأخيرة ستطال أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، وسيطال الضرر الأكبر قطاع التعليم، وهناك مؤشرات واضحة جداً تدل على أن إدارة الوكالة ستعمد إلى تأجيل العام الدراسي، وإن نحو خمسمائة ألف طالب فلسطيني لن يستطيعوا التوجه إلى مدارسهم، وستغلق بموجب ذلك سبعمائة مدرسة، ولن يتمكن نحو 22 ألف معلم ومعلمة ممارسة من مهامهم وأعمالهم. بينما قال المستشار الإعلامي للأونروا عدنان أو حسنة  إن مسألة تأجيل العام الدراسي لم يتخذ بشأنها قرار بعد، لكنه قال إن الأونروا تعاني من عجز مالي بنيوي مركب، وهو ما يحول دون تمكن الأونروا لإدارة المصاريف التشغيلية، ومن بينها ميزانية التعليم التي تشكل أكثر من 70%من ميزانية الوكالة.
 
لا بد من القول بداية أن الأونروا تساهم منذ 67 عاما في دعم اللاجئين الفلسطينيين، داخل فلسطين وخارجها، وعلى ذمة الوكالة، فإنها في قطاع غزة وحده، تساهم الأونروا بحوالي 17% من دخل القطاع، وتدفع رواتب لـ12 الف موظف وتقدم خدمات لحوالي مليون نسمة تغطي التعليم والصحة وغيرها، ويقول فيليبو جراندي، مفوض عام الأونروا أن غزة وحدها تستأثر بحوالي ثلث ميزانية عمل الأونروا في منطقة الشرق الأوسط.
 
ومن الضروري الإشارة إلى أن الأونروا، وهي إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة، لا تمنن على الفلسطينيين، فمجلس الأمن اعترف بدولة الكيان الصهيوني (إسرائيل) منذ بداية إنشائها، ولا بد له من تحمّل تبعات اعترافه الظالم، الذي أجاز لعصابات متطرفة وعنصرية احتلال دولة وتشريد شعبها وارتكاب مجازر بحق أبنائها، وهذا المجلس، مجلس الأمن، الذي أكد عجزه عن تطبيق قرار واحد من بين عشرات القرارات بشأن القضية الفلسطينية، يجب أن يتحمل مسؤولياته كاملة، وعلى أعضائه كافة، ومن بينهم المساهمين العرب، الالتزام بدفع حصصهم، وهو أضعف الإيمان، وإن قول السيدة ساندرا ميتشل بأن أحد اسباب العجز ناتج عن زيادة عدد الفلسطينيين هو سبب لا يليق بمسؤولة في منظمة إنسانية، وإن ذكر بعض مسؤولي الأونروا للأعداد المتزايدة للاجئين العرب، كسبب للعجز في ميزانية الوكالة هو سبب سخيف، وكأنهم يقولون إن اللاجئين السوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين والصوماليين استحوذوا على جزء من الميزانية التي كانت مخصصة للفلسطينيين، وهو قول فيه رائحة مؤامرة كبيرة، لأن الفلسطينيين ليسوا من قام باحتلال العراق وشردوا الملايين من مواطنيه، والفلسطينيون ليسوا من قلب النظام في ليبيا وتركوا (الجماهيرية) تتخبط ولقمة سائغة في أفواه المتطرفين، والفلسطينيون لم ينقلبوا على النظام السوري، ولم يفتحوا أراضيهم لدخول كل متطرفي العالم ليحرثوا الأرض والمدن بجرارات النار والبارود، وهم لم يكونوا سبب تهجير ملايين السوريين من بيوتهم، وكذلك الأمر بالنسبة لليمنيين والصوماليين، ودولة فلسطين ليست عضواً في حلف الناتو ولم تشارك في ضرب ليبيا والعراق وسوريا، ولا تطمح لتصبح دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي.
 
وعلى الدول العربية أيضا أن تتحمل مسؤولياتها وسداد التزاماتها في الوكالة، لأنها ساهمت بشكل أو بآخر في الإبقاء على اللاجئين خارج أوطانهم، فالجامعة العربية التي تستطيع اتخاذ قرار بطرد السفيرين السوري والليبي والمطالبة بتدخل دولي في ليبيا وسوريا، كان عليها أن تعمل على إعادة اللاجئين إلى أراضيهم ووطنهم، وأن تطالب الدول العربية، تلك التي تربطها معاهدات سلام، وتلك التي لا تربطها معهدات سلام مع إسرائيل،  بطرد السفراء الإسرائيليين وممثليها من أراضيها، والتوقف عن التعامل التجاري والعسكري وحتى السياحي معهم. ولا بد من الإشارة إلى أن هناك دولة عربية ثرية، تدعي قيادة التغيير في العالم العربي، وتدعم المتطرفين، تساهم في وكالة الأونروا بنسبة 0%، أي لا شيء على الإطلاق، وهذه معلومة من الأونروا نفسها.
 
الأونروا وغيرها تعلم علم اليقين، أن اللاجئين الفلسطينيين هم الذين يحافظون على الإبقاء على القضية الفلسطينية حية ومشتعلة وقائمة، وهذه الادعاءات المغرضة التي تتلطى وتتخفى خلف العجز المالي، لتقوم بتقليص الخدمات التعليمية والصحية، أو لتأجيل العام الدراسي حتى ديسمبر/ كانون أول، تقود الفلسطينيين إلى الفهم المباشر؛ من أنهم على مشارف مرحلة جديدة يكون فيها الفلسطيني أمام أحد حلين، إما التوطين أو التهجير، وكلاهما، إذا ترافق مع وقف الأونروا لخدماتها، سيكون عبارة عن مؤامرة قذرة ضد الفلسطينيين، وضد حق عودتهم إلى ديارهم.
 
ولا بد من قول حقيقة مؤسفة، إن اللاجئين الفلسطينيين وصلوا إلى حالة كبيرة من اليأس، وكثيرون يسعون للهجرة خارج العالم العربي، لأن معظم الدول المضيفة تعاملهم كغرباء وتزدريهم، وإحدى الدول تمنعهم من العمل في أكثر من 70 مهنة، وتحرمهم من تملك البيوت، وبعض أطيافها السياسية ينعتهم بالجزر الأمنية، هذه الجزر تعرضت لمذابح قذرة حين سُحب منها السلاح، لم تقم الدولة بحمايتها بل أفرجت عن القتلة، ويطلون على شاشات التلفزة بكل وقاحة، ينظرون ويتفلسفون. وفي هذا السياق، نقول أن هناك قرارا من جامعة الدول العربية صدر منذ 67 عاما يقضي بأن تعامل كل دولة عربية اللاجئين الفلسطينيين كما تعامل مواطنيها.
 
هنالك نوايا واضحة بتصفية اللاجئين الفلسطينيين، والذين يرسمون هذه الخطط يقومون بتنفيذها منذ سنوات طويلة، لكن أدوات التنفيذ كانت حقيرة إلى درجة السفالة السياسية، فقد اتبعوا أساليب شيطانية من بينها القتل والمذابح والتهجير، والآن يأتي دور التجويع والحرمان من التعليم والعلاج، وكل هذه الأعمال جرائم حرب، وجرائم إنسانية، وكأنهم يقولون للفلسطينيين "ليس أمامكم حل سوى الانتحار"، وهم لا يعرفون أن الفلسطيني لا ينتحر، الفلسطيني ينتحر في حالة واحدة، هو أن يحيط خاصرته بحزام ناسف، ويقول عليّ وعلى أعدائي.
 
يا إلهي، ما أكثر أعدائك يا وطني!