الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث": منافسة ضروس بين جامعات غزة لاستقطاب الطلاب الجدد

2015-08-12 11:05:53 AM
متابعة
صورة ارشيفية


 #الحدث- محمد مصطفى


يبدو أن الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها معظم الجامعات في قطاع غزة، دفعتها للتنافس بشكل غير مسبوق في محاولة لاستمالة الطلاب الجدد إليها بشتى الطرق والوسائل.

فقد أبدعت الجامعات في تنظيم حملات إعلانية متعددة الأشكال، لإقناع الطلاب الجدد بالتسجيل فيها، بينما خفضت جامعات أخرى من مفاتيح القبول، وقدت كليات وجامعات أخرى إغراءات للطلبة، معظمها يتعلق بتسديد الرسوم.

وأغرقت شوارع قطاع غزة بالإعلانات، التي حاولت الجامعات والكليات من خلالها إظهار قدراتها العلمية، وتنوع وتعدد الكليات والتخصصات فيها.

جامعات تجارية
ويقول والد الشاب إبراهيم ياسين، من سكان مدينة خان يونس، إنه ورغم ترك الحرية الكاملة لنجله كي يختار الكلية التي يريد، إلا أنه يحاول مساعدته في اختيار الجامعة الأفضل، والتي تهتم بالتعليم أكثر من اهتمامها باستقطاب الطلاب.

ونوه لـ"الحدث"، إلى أن التعليم في قطاع غزة مكلف، ومرهق للطالب والأهل على حد سواء، وبعد التخرج فإن الشاب أو الفتاة سينضم إلى صفوف البطالة لا محالة، وهذا يزيد الطلاب وذويهم إحباط.

ولفت ياسين إلى أن الجامعات تسعى بشكل واضح إلى جمع المال، من خلال حرصها على جذب الطلاب إليها، والكل يعي أن مستوى التحصيل العلمي في معظمها دون المستوى، لكن الشهادة الجامعية في واقعنا الحالي أصبحت أحد أهم متطلبات العصر.

انتظار وحيرة
أما الطالب رائد شعبان، وقد أنهى عتبة الثانوية العامة بمعدل 74%، في القسم الأدبي، فأوضح أن معدله يؤهله للالتحاق بمعظم الكليات المخصصة للقسم الأدبي، وقد حسم أمره بدخول كلية التربية قسم لغة عربية، فهو من صغره يحلم بأن يصبح مدرس ومربي أجيال.

ولفت شعبان إلى أنه وقع في حيرة في اختيار الجامعة التي سيلتحق بها، فكلما قرأ منشور تعريفي عن جامعة، شعر أنها الأولى على مستوى فلسطين، ومن ثم يجد أخرى تسوق نفسها بشكل أقوى، إلى أن أضحى في حيرة من أمره، حتى استقر في النهاية على إحدى الجامعات، وسجل فيها.

وبين شعبان لـ"الحدث" أن أكثر ما يهمه أمرين، تحصيل علمي متميز، يجعله خريج قوي، ونظام مالي لا يرهقه في تحصيل الرسوم.

تنافس وانعكاسات
من جانبه أستبعد الأكاديمي والباحث عماد محسن، أن يشكل الطلبة الجدد مهما بلغ عددهم، وسيلة للجامعات من أجل الخلاص من أزمتها المالية، فالجميع يعلم أن الطالب حتى بعد تسديد الرسوم كاملة، فإنه لا يدفع أكثر من ربع تكلفة تعليمه في الجامعة، ولكن هذا السباق المحموم بين الجامعات مردّه بالأساس إلى "التزاحم الأكاديمي"، حيث تنشأ سنوياً مؤسسات تعليمية عليا، تكاد جميعها تتشابه في التخصصات التي تقدمها، لا شيء نوعي، وبالتالي يكون الطالب أمام مجموعة خيارات لا حصر لها.

وتابع محسن لـ"الحدث": " لذلك وجب على الجامعات أن تقدم للطالب "إغراءات" لجهة آلية تسديد الرسوم، بالنظر إلى الهم العام في قطاع غزة، فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، أو إغراءات لها صلة بالموقع الجغرافي للجامعة، وقربها المكاني من محل سكناه، أو إغراءات لها صلة بجدوى الدراسة فيها، لجهة التدريب العملي وتوفر المختبرات والمعامل، ولكن النتيجة بقيت واحدة، وكأن كل جامعة تقول للطالب، بمنطق السوبر ماركت "زورونا تجدوا ما يسركم".

ونوه محسن في حوار مع "الحدث"، إلى أن التعليم العالي في قطاع غزة هو تعليم عالي ذو طبيعة نظرية، حيث لا تتوفر مختبرات في الجامعات ومعاملها ومراكزها المتخصصة على الآلات والمعدات والتجهيزات المطلوبة، وبالتالي فإنها تسعى إلى البحث عن "زبائنها" أي الطلبة، ويتعدى الأمر حدود تقديم المغريات لدخول الجامعة، ويصل إلى حد أن الطالب وولي أمره بدءوا يستشعرون حاجة الجامعة لزيادة عدد منتسبيها، وهو أمر جعل سلوكهم داخل أروقة الجامعة ومع المحاضرين والإداريين يتحدث بلسان حال يقول "لدي خيارات عدة فيما لو تعرض لي أحد"، وهو أمر سينعكس سلباً بكل تأكيد على مسار العملية التعليمية والتربوية في أروقة الجامعات.

قرارات خاطئة
واستهجن محسن قرارات اتخذتها بعض الجامعات، تتعلق بتخفيض معدلات القبول في بعض الجامعات لبعض التخصصات النوعية، وأدرك أن الأمر له صلة بما قيل سابقاً، عن مسارات البحث عن "الزبائن"، وهو أمر جد خطير، وسيؤثر حتماً على فرص استقطاب الكفاءات الطلابية في الجامعات.

وقال: قد نتفهم أن بعض التخصصات التي لا يقبل عليها الطلبة لاعتبارات مهنية وعملية، فعلى سبيل المثال إحدى الجامعات العريقة في غزة لم تستقبل العام الجامعي السابق سوى 4 طلاب في تخصص الفيزياء في كلية العلوم، واضطرت إلى منحهم فرص التعلم بالمجان، في سبيل بقاء القسم مفتوحاً، والسبب يعود إلى سياسات التوظيف الحكومية، التي تمنح فرصة تدريس العلوم لخريجي كلية التربية قسم تعليم العلوم، على حساب حملة البكالوريوس في تخصصات الفيزياء والكيمياء والأحياء، وهنا تقع المصيبة، أننا نمنح فرصة تعليم أبنائنا لمن درسوا 30 ساعة معتمدة في حقل العلوم، على حساب من درس 100 ساعة معتمدة في التخصص المذكور، مشدداً على أن القضية بحاجة إلى رؤية وطنية تكون الجامعات مشمولة فيها، والأهم توفير مقومات استمرار الجامعات في تقديم الخدمة التعليمية قبل أن تعلن إفلاسها.