#الحدث- مصدر الخبر
سلّطت الهجمات الأخيرة المرتكبة في “إسرائيل” من قبل متطرّفين يهود الضوء على الأيديولوجيا العنيفة لبعض الجماعات. يقدّم المتخصّص في الحركة الصهيونية جان إيف كامو فيما يلي صورة عن الحركات المتطرّفة وما يميّزها.
زادت أعمال العنف من قبل المتطرّفين اليهود في الأسابيع الأخيرة ففي أواخر شهر يوليو، أحرق رضيع فلسطيني حيّا بعد إضرام النار في منزله من قبل مستوطنين إسرائيليين بالقرب من نابلس (الضفّة الغربية المحتلّة)، وبعد بضعة أيّام اعتدى متعصّب ديني آخر على عدّة أشخاص بالسكين خلال مسيرة للمثليين في القدس، ممّا أسفر عن مقتل شخص ووقوع عدّة إصابات.
تشكّل هذه الأحداث فرصة لـ جان إيف كامو، عالم السياسة في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس والمتخصّص في الشؤون الإسرائيلية والحركة الصهيونية للعودة إلى الفروقات بين الجماعات المتطرّفة في المجتمع الإسرائيلي.
ماذا نعرف عن المتطرّفين اليهود الّذين ارتكبوا أعمال العنف هذه؟
قلّة هي المعلومات المسرّبة عن هذا التحقيق ولكن وفقًا لمعرفتنا، ينتمي المسؤولون عن الحريق على حركة “فتية التلال” وهي حركة شبابية غير رسمية تتواجد بطريقة وحشية في مجمل المناطق الّتي تعتبرها توراتهم أرضًا يهودية ولا ينتمون إلى أيّ اتّجاه خاصّ من الطيف الأرثوذكسي اليهودي وتصعب على السلطات ملاحقتهم. ويعتقد فتية التلال أن قدوم الماشيح/المسيا قريب وأنّهم يشاركون بأعمالهم في عودته إلى المملكة اليهودية.
ما الفرق بين الهجوم على مسيرة المثليين وإضرام النار في منزل الفلسطينيين؟
ارتكب الهجوم على مسيرة المثليين من قبل شخص خرج لتوّه من السجن وارتكب جرائم مماثلة قبل 10 سنوات، ولهذا الهجوم بعد ديني وأخلاقي باعتبار أن المهاجم قد طعن أشخاصًا يعتقد أنّهم يشاركون في نشاط يتناقض مع ما تمليه التعاليم اليهودية، في حين أنّ فتية التلال الّذي يهاجمون الفلسطينيين يتّخذون نهجًا أيديولوجيًّا.
ينحرف الطرفان عن اليهودية من خلال أعمالهم غير الشرعية ففي النسخة الأكثر تناسقًا لليهودية الأرثوذكسية، تكمن الطريقة الوحيدة في نداء المسيا في الصلاة واحترام القانون.
ما علاقة هؤلاء بالدولة العبرية؟
ينبثق فتية التلال عن اتّجاه صهيوني ديني ويعتقدون أنّ “دولة إسرائيل” لن تذهب بعيدًا.
في المقابل، لا نعرف الكثير عن المعتدي على مسيرة المثليين، ولكن يبدو وفقًا لهيئته أنّه ينتمي إلى فصيل من الأرثوذكسية اليهودية، يعتبر نفسه معاديًا للصهيونية ولا تروق للأوساط المعادية للصهيونية القيم العلمانية القائمة على الحداثة المطلقة ولكن تتكيّف معها.
بيد أنّ دلالة معاداة الصهيونية قد تغيّرت في السنوات الأخيرة؛ إذ أنّ الأحزاب اليهودية الحريدية قدّمت عددًا من التنازلات: لئن لا تزال غير متّفقة مع القيم الأساسية للدولة فإنّ لم تعد تحاربها من الداخل.
ما الّذين يميّز فتية التلال عن الحريديم؟
يتواجد فتية التلال بشكل أساسي في أحياء يهود خارج الخطّ الأخضر، ويأتون من مناطق حضرية كما أنّهم في قطيعة مع الجيل السابق لأبائهم الّذي كان أكثر تنظيمًا على المستوى السياسية ويعيشون في عالم خاصّ، معزول جغرافيًّا.
يكمن هدفهم في الذهاب إلى البؤر الاستيطانية والاستيلاء على المزيد من الأراضي في فضاء لا يزال ضيقًا للغاية. وهم روّاد مقتنعون بالقيم اليهودية المسيانية في أعمالهم وهكذا، لا توقفهم العقبات الأخلاقية والقانونية. وينتشرون في مجموعات صغيرة ويقدّر عددهم الجملي ببضعة مئات.
في المقابل، سياسة الحريديم ليست سياسة سوء تؤدي إلى مواجهة عامّة إذ يعتقدون بضرورة الاستمرار في العيش بمنأى عن بقيّة المجتمع الإسرائيلي من أجل دراسة النصوص الدينية والصلاة.
كما يدينون بشدّة الهجمات المرتكبة من قبل فتية التلال أو غيرهم من المتطرّفين حيث يردّ الحاخامات الفعل ولكنّ فقط أمام أتباعهم وربّما يكون التواصل الضعيف خارج طائفتهم واحدة من الأخطاء الكبرى ولكن هذا الموضوع مطروح للنقاش فيما بينهم.
إذ يتساءلون عن الطريقة الّتي من شأنها أن تمكّنهم من إسماع أصواتهم حتّى لا يكونوا ضحية هذه الصورة الّتي تلتصق بهم: أفراد يمارسون العنف، والأيلدوجيات مختلفة تمًاما
يعيش الحريديم في مجتمعات معزولة عن سائر المجتمع ولكن هل يشاركون في الحياة السياسية للبلاد؟
اختارت العديد من جماعات الحريديم المشاركة في الانتخابات ونجد من بينهم “شاس” -حزب السفارديم- أو ديغيل هاتوراه المرتبط بـ الحريدية الأشكنازية ولكن اختارت العديد من الجماعات الأرثوذكسية عدم المشاركة في العلية الانتخابية.
إذ ترفض على سبيل المثال تمويل الدولة أو حتّى حمل الجنسية الإسرائيلية في بعض الأحيان، إذ تعتقد أنّ “دولة إسرائيل” نفسها متناقضة مع التقاليد اليهودية ويقدّر هذا الجناح الراديكالي الأكثر معارضة للدولة العبرية بـ 10 آلاف شخص ولكن تتوافق معظم التوجهات الأرثوذكسية معتبرة المشاركة في العملية الانتخابية ضرورية لتمثيل مصالحهم خلال المفاوضات في رأس الدولة.