الحدث - جوليانا زنايد
قال المحامي المختص في شؤون القدس معين عودة، إن حكومة الاحتلال تعمل بشكل مستمر على تفريغ القدس من سكانها العرب، من خلال عرقلة كافة أشكال الحياة فيها، ومنع تراخيص البناء، إلى جانب تسهيل ترحيل السكان العرب إلى مناطق محيط القدس.
وأضاف لـ"الحدث" أن هذه الإجراءات بدأت منذ عام 2003 فور بدء بناء جدار الفصل والتوسع العنصري، في محاولة لعزل القدس الشمالية الشرقية عن القدس نفسها، ما أدى إلى فصل سكان هذه المناطق بشكل كامل عن القدس، حيث يعيشون بظروف صعبة جدا وتنقصهم مكونات الحياة الأساسية التي تمكن الإنسان من الاستمرار.
وأشار إلى أنه رغم إصدار حكومة الاحتلال عام 2005 قرار بعدم جواز تأثير الجدار على حياة السكان المقيمين خلفه، أو في محيط القدس إلا أن هذه المناطق ما تزال مهمشة وتفتقر إلى الأساسيات، مبينا أن عدد السكان والمباني تزايد بشكل كبير في هذه المناطق في السنوات الأخيرة، مقابل التناقص الكبير والتلف في البنى التحتية، حيث تفتقر هذه المناطق إلى الشوارع والأرصفة، وأي شكل من أشكال الخدمات الأساسية.
وأوضح عودة أن حكومة الاحتلال طالبت جميع الجهات المعنية الحكومية منها وغير الحكومية، بضرورة وجود فروع لها تقدم خدمات لسكان هذه المناطق، في حين أن هذا الأمر لم يتم على أرض الواقع، وما زالت بلدية الاحتلال تتذرع بالوضع الأمني في هذه المناطق وترفض تقديم خدمات فيها بحجة أن هذا الأمر يشكل خطر على حياة عامليها.
وحمل عودة، بلدية الاحتلال في القدس مسؤولية عدم وجود تراخيص في عدد كبير من البنايات الموجودة في مناطق محيط القدس، لأنها المسؤول الوحيد عن كافة أشكال الحياة في هذه المناطق حسب قوله، وتهمل فحص معايير الأمان والسلامة في هذه البنايات.
ونوه إلى أن السكان المقدسين يتوجهون للإقامة في هذه المناطق، إما بسبب مشاكل لَمّ الشمل، أو بسبب ارتفاع أسعار المباني بشكل كبير في منطقة القدس، في حين تتوفر في مناطق محيط القدس فرصة لتملك شقق كبيرة بأسعار مناسبة وبشروط تقسيط سهلة.
وشدد على أن هذه الأمور تؤكد وجود مخطط احتلالي يهدف إلى تفريغ القدس من سكانها العرب، لكن لا يمكن تغير حدود بلدية القدس أو سحب الإقامة أو الجنسية من السكان العرب، فالخيار الأول يحتاج لموافقة 80 عضو كنيست وهو غير وارد، والثاني يتطلب شروط معينة حتى يتم، ويجب أن يكون الشخص مغادرا للبلاد لمدة سبع سنوات، أو يحمل إقامة أو جنسية أخرى.
وأوضح أنه يمكن لإسرائيل طرح قانون جديد يغير محددات سحب الجنسية أو الإقامة، لكن من الناحية القانونية لا يوجد في العالم قانون يسري مفعوله بشكل مباشر وسريع، بل يحتاج لمسوغات وإجراءات عديدة.
ودافع عودة عن لجنة أحياء القدس التي تخوض صراع قضائي ضد بلدية الاحتلال في القدس للمطالبة بحقوق مواطني محيط القدس، الذين تعترف بلدية القدس بمسؤوليتها تجاههم، وتحرص على أن يدفعوا كافة الاستحقاقات والضرائب لها، في حين ترفض تقديم خدمات لهم.
بدوره، قال أحد أعضاء لجنة أحياء القدس منير صغير، إن بلدية الاحتلال في القدس تتربح بقيمة 30 مليون شيقل شهريا من ضرائب سكان هذه المناطق وتهمشها في الوقت ذاته، فلا رقابة على البناء ومسألة شراء المنزل غير مضمونة.
وشدد صغير على وجود مخطط إسرائيلي لتفريغ القدس من سكانها، عن طريق إنشاء 3 كنتونات أساسية تعزلهم فيها عن القدس، دون التنازل عن هذه المناطق للسلطة، مبينا أن إسرائيل تسعى إلى توسيع نطاق القدس وليس تصغيره بحسب تعبيره.
من جهته، أكد المحلل السياسي نهاد أبو غوش وجود مخطط إسرائيلي مستمر منذ عام 1967، يسعى إلى السيطرة على أكبر قدر من الأرض بالتوازي مع تطهيرها عرقيا، فيمارس الاحتلال ممارسات عنصرية مختلفة ضد المواطنين العرب، وفي كافة الجوانب بهدف تهجير سكان القدس، فهناك 150 ألف مقدسي يسكن خارج القدس ولا يحظى بأي شكل من أشكال الاهتمام.
ورأى أبو غوش أن إسرائيل تسعى إلى تحويل جدار الفصل العنصري من "جدار أمني" إلى "جدار سياسي"، وتعمل على تحويل الحواجز العسكرية إلى "معابر" بهدف تحديد الحدود التي تريدها دولة الاحتلال وجعلها أمر واقع.
وحذر من أن سكان هذه المناطق يعيشون دون أبسط مقومات الحياة، بل إنهم يشكلون حزام عشوائيات يمتد من العيزارية وحتى كفر عقب والرام، ولا مستقبل لهذه المناطق ولا مدى حيوي للسكان فهم يقطنون علب إسمنت وسط اقتظاظ كبير، ويفتقرون إلى الحقوق المدنية.