الحدث - محمد مصطفى
بعد أكثر من شهر ونصف الشهر من الإغلاق المتواصل، أعادت مصر أخيراً فتح معبر العودة الحدودي برفح أمام العالقين من المرضى وحملة الإقامات والطلاب والأجانب، ولمدة أربعة أيام فقط .
ورغم أن هذا الإعلان كان بمثابة فرحة كبيرة لكل من هم بحاجة ماسة للسفر، إلا انه حمل في طياته الكثير من المعاناة والألم للعالقين، ممن تكدسوا بالآلاف خارج بوابات المعبر، بانتظار فرصة تمكنهم من المغادرة.
معاناة وتوسل
وبعد أن ارتسم الحزن على وجه المواطن صابر نعيم، اتكأ على حقيبة ممتلئة بحاجيات أسرته وتوسط أبنائه، وقال لهم بحسرة: "... يبدو أن الأمر صعب، وقد لا نسافر هذه المرة أيضا".
وقال نعيم لـ"الحدث"، لم أترك بابا إلا وطرقته، توسلت للكثيرين، وناشدت البعض، وأغلق بعضهم الهاتف في وجهي، ولم أنجح في أخذ حتى وعد من أحدهم بتسهيل سفري وعائلتي.
وأوضح نعيم أنه عالق في قطاع غزة منذ أشهر، وسجل مؤخراً في كشوف العالقين، وينتظر دوره بفارغ الصبر، لكن الوقت يمر سريعاً، واستمرار وجوده وعائلته في قطاع غزة بات يشكل خطر حقيقي عليه، وعلى مستقبله في البلد التي يقيم فيها، لذلك قرر المجيء للمعبر، والجلوس في ساحاته الخارجية، على أمل أن يجد من يساعده، ومنذ الصباح يجري اتصالات هنا وهناك دونما فائدة.
وكان مدير معبر رفح البري خالد الشاعر، أكد فتح المعبر لأربعة أيام متتالية، ابتداء من الاثنين وحتى مساء الخميس، لتمكين العالقين في قطاع غزة من المغادرة، ولتسهيل عودة العالقين من مصر للقطاع.
وأوضح الشاعر أن العمل في المعبر سيتم ضمن الآليات المتعبة، لافتاً إلى أن هناك أكثر من 10 آلاف مسجل، بحاجة ماسة للسفر، منهم مرضى وعالقين وحملة اقامات وغيرهم.
الشمس أحرقتنا
ولم يستطع معظم العالقين المتكدسين خارج المعبر، احتمال لهيب الشمس الحارقة، فارتدى بعضهم قبعات، بينما رش آخرون على رؤوسهم الماء البارد، والكثيرون فروا إلى الصالة المغطاة، والاستراحات باحثين عن بقة ظل.
وتقول المواطنة أم أحمد يونس، إن أشعة الشمس القوية والهواء الساخن زاد من معاناة أسرتها، التي وصلت برفقة مئات الأسر منذ الصباح الباكر.
وبينت أن الصالة المغطاة مليئة بالمسافرين، والاكتظاظ يزيد الشعور بالحر، كما أن الاستراحات كذلك الأمر، فلم تجد أمامها سوى الجلوس في العراء، مستعينة بقبعات، وكراتين وضعها أبنائها على رؤوسهم، للوقاية من أشعة الشمس، كما تقوم بين الفينة والأخرى برش الماء البارد على رؤوسهم.
وأكدت يونس أنها تنتظر وتعاني، ولا تعلم إن كانت ستتمكن من المغادرة أم لا، لكنها تأمل أن تكلل جهود زوجها بالنجاح، ويكتب لهم مغادرة قطاع غزة الذي علقوا فيه لأسابيع طويلة.
وتكدس العديد من المواطنين من بينهم نساء وعالقين أمام بوابات المعبر، وكرروا عبارات التوسل لحراس البوابات، كي يفسحوا المجال أمامهم ويسمحوا لهم بالدخول إلى حرم المعبر، ليتمكنوا من السفر، غير أن عناصر الشرطة كانوا يعتذرون منهم، ويبلغوهم بأن الأمر خارج عن إرادتهم، وهناك قوائم مسجلة، هي من يسمح لها بالسفر، ضمن النظام المعروف.
العائدون يعانون
وقال المسافر العائد يوسف الصالحي، إن المعاناة لا تقتصر على الجانب الفلسطيني من المعبر، فالجانب الآخر يشهد اكتظاظ كبير بالمسافرين منذ ساعات الصباح الباكر، ومن بين المتواجدين على البوابة المصرية مرضى انتهوا مؤخراً من رحلات علاج في المشافي المصرية، وأطفال.
ونوه إلى أن الجانب المذكور خالي من المرافق التي تعين المواطنين على الانتظار، والجانب المصري يدخل العالقين بالقطارة، ومعظمهم أنهكوا مادياً من طول فترة الانتظار والمصاريف العالية في مصر، ويتوقون للعودة إلى منازلهم في قطاع غزة.
وطالب الصالحي بسرعة إدخال العالقين إلى قطاع غزة، تخفيفاً لمعاناتهم، فكثير منهم لا يقوون على الانتظار ومعاناته.