الحدث - محمد مصطفى
استبشر المواطنون من سكان قطاع غزة بقرب اعتدال الطقس، وانتهاء موجات الحر المتعاقبة التي تضرب البلاد منذ أكثر من شهر.
فبدء رؤية أسراب الطيور المهاجرة تعبر البحر المتوسط، وتحلق في سماء فلسطين، ينبئ في كل عام باقتراب انتهاء الجزء الأقسى في الفصل الحار، ويشير إلى أننا بتنا على أبواب اعتدال تدريجي في درجات الحرارة.
تغير مرتقب
ويقول الحاج أحمد عودة، ويعمل صياد في بحر قطاع غزة، إن الصيادين من أكثر الناس اهتماماً بالطقس والعوامل الجوية، خاصة كبار السن، ممن عملوا في المهنة لعقود، فهم لديهم قدرة جيدة على ربط بعض الظواهر يبعضها للوصول إلى نتائج متوقعة حول حالة الطقس في مدة ابعد مما قد يرصده أو يتوقعه الخبراء وأصحاب الاطلاع، ممن يستعينون بأقمار صناعية وغيرها.
ونوه عودة إلى أن حرارة الجو هذا العام غير مسبوقة منذ سنوات طويلة، وكان يخشى استمرارها على هذا النحو مدة أطول، إلى أن بدأ يشاهد وهو على سطح مركبه أسراب الطيور تجتاز البجر قادمة من جزر في البحر الأبيض المتوسط، فاستبشر خيراً.
وبين أن هجرة الطيور مرتبطة بتغير الطقس، واختلاف درجات الحرارة، فهي تفر من البرد القادم إلى مناطق أكثر دفئاً، لذلك فالطيور لديها قدرة وحاسة كبيرة في رصد التغيرات المناخية قبل حدوثها بمدة، وهي ربما توقعت قرب اعتدال الجو، لذلك بدأت بالهجرة مبكرة أسبوع إلى عشرة أيام عن موعدها مقارنة بالأعوام الماضية، متوقعاً تواصل بل تسارع الهجرة في الفترة المقبلة.
وأكد عودة أنه كصياد ينتظر تغير الأجواء وميل الطقس للاعتدال أكثر من غيره، فهذا يعني له بدء مرور الأسماك، وتحركها قبالة شاطئ القطاع، وانتهاء فترة الشح التي يعاني منها الصيادون منذ مدة.
وكان خبراء بيئة أكدوا مشاهدة الطيور المهاجرة في سماء فلسطين، ففي هذه الفترة من كل عام تبدأ الرحلة الموسمية الثانية للطيور المهاجرة التي تعبر في أسرابها سماء فلسطين، قاطعة مسافات طويلة عبر قمم الجبال وأطراف السواحل، من القارة الأوروبية متجهة إلى القارة الأفريقية، مرورا بفلسطين والسواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.
ووفق الخبراء فإن هذه الطيور تعبر في مسارات محددة فوق فلسطين، تتمثل بخط الأغوار "وادي الأردن"، السفوح الشرقية لقمم سلسلة جبال الضفة، ومنطقة السهل الساحلي .
بدء الزراعة
ويقول المزارع يحيى أبو شارب، إنه يترقب رؤية هذه الطيور في كل عام كي يبدأ بتجهيز أرضه وزراعتها بمحصول البصل، وهو عادة ما يزرعه نهاية شهر آب وبداية أيلول من كل عام.
وأشار أبو شارب إلى أنه رأى بالفعل بعض الأسراب، وهي باكورة لهجرة الطيور، لذلك بدأ بالفعل تجهيز أرضه، وأوصى أحد التجار بجلب كمية من البصل الذي يصل من داخل الخط الأخضر، كي يبدأ بزراعته قريباً.
وتوقع أن يكون يشهد الأسبوع المقبل نهاية للموجات الحارة، ويبدأ الطقس بالميل للاعتدال التدريجي، لكن ستبقى رغم ذلك درجات الحرارة عالية نسبياً.
هجرتان
وتشاهد الطيور المهاجرة في فلسطين مرتين من كل عام، خلال رحلة الربيع التي تبدأ من تاريخ من منتصف شباط حتى أواسط نيسان، وفي رحلة الخريف التي تبدأ من آخر آب حتى أواسط تشرين ثاني، يهاجر خلالها نحو 500 مليون طير.
وتستعين الطيور المحلقة في هجرتها بالتيارات الهوائية الدافئة الصاعدة والمناسبة للتحليق، حيث تقطع خلال رحلتها مسافات تتراوح بين 1000- 2000 كم في النهار الواحد.
وتهاجر الطيور للبحث عن ظروف معيشية أفضل ومناخ للراحة والاستجمام وأيضا للتزاوج والتوالد، ولا تنتظر الطيور قلة الطعام حتى تطير وإلا فإنها لن تستطيع أن تقطع مثل هذه المسافات بدون الطاقة اللازمة، فهي تعمل على تخزين الدهون التي تستخدمها كطاقة لرحلة السفر.