قضايا كبرى عديدة تواجه الرئيس محمود عباس، مطلوب منه أن يتعامل معها ويجد لها حلا يحافظ به على هوية الشعب الفلسطيني طالما هو في الموقع الأول، ورأس الهرم في السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين فهو الجامع للمواقع الثلاث.
والقضية الأهم اليوم هي الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية فاعلة وموحدة وممثلا وحيدا للشعب الفلسطيي في كافة أماكن تواجده.
فالمنظمة هي الإطار الجامع للشعب الفلسطيني منذ العام 1964 رغم ما تعرضت له من نكسات ومؤامرات وحروب استهدفت كونها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والمعبر عن طموحاته في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، فقد اكتسبت التمثيل والشرعية بالتفاف الجماهير الفلسطينية حولها وبانضواء فصائل العمل الوطني والفدائي والشخصيات المستقلة والنقابات والاتحادات الشعبية في كيانها.
ومثلت المنظمة حتى اليوم الحد الأدنى من أهداف الشعب الفلسطيني وسعيه لنيل حريته والانعتاق من الاحتلال الإسرائيلي البغيض والحفاظ عل هويته الوطنية بعيدا عن الوصاية والتبعية والاحتواء.
وظلت أبواب المنظمة مفتوحة لكافة القوى الفاعلة والمتجددة في حركة الشعب الفلسطيني، واستوعبت الانشقاقات التنطيمية في مسيرتها الطويلة.
ولعل أخطر ما واجهته المنظمة من عقبات أو مؤامرات تلك التي أعقبت الغزو الإسرائيلي للبنان وخروج المقاومة وقيادة المنظمة من لبنان عام 1982، لكن حكمة القيادة ووعي الشعب الفلسطيني وإدراكهما لخطورة المؤامرة فوتت الفرصة على أولئك الذين حاولوا شطب منظمة التحرير أو احتوائها ومصادرة قرارها فكان المؤتمر السابع عشر للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان عام 1984، وقد عقدت الجلسة بأغلبية صوت واحد وانتخبت لجنة تنفيذية جديدة برئاسة الزعيم الراحل ياسر عرفات واستمرت مسيرة منظمة التحرير إلى يومنا هذا، فأعلنت الاستقلال عام 1988 في الدورة 19 الاستثنائية للمجلس الوطني، وانتخب أبو عمار رئيسا لدولة فلسطين ووقعت المنظمة اتفاق أوسلو.
وعادت إلى الوطن وسط زخم وطني ودعم شعبي كانت أهم ثمراته تجسيد الكيانية الوطنية الفلسطينية على أرض الواقع رغم كل النواقص التي اعترت إعلان المبادئ وملحقاته، وأصبحت الأرض الفلسطينية (الضفة والقطاع والقدس) أرضا جاذبة لأبناء الشعب الفلسطيني وليست طاردة له. وهي بذلك مكنت الشعب الفلسطيني من البفاء والصمود والنمو على أرضه وإعمارها، لكن السلبية الكبرى لأوسلو عن غير وعي تمثلت في تهميش دور منظمة التحرير الفلسطينية أم السلطة، فأصبحت المنظمة بندا على موازنة السلطة لا تتجاوز موازنتها موازنة وزارة هامشية من وزارات السلطة، وأصبحت مكاتب خاوية من الموظفين لا تؤدي الخدمات المنوطة بها تجاه الشعب الفلسطيني، خاصة في الشتات وتعثرت مسيرة السلام ولم تستمر عشرين سنة من المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي سوى عن مزيد من الاستيطان ومصادرة الأراضي ومزيد من الاعتقالات والقتل والحرق وهو آخر أسلحة التطرف الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني.
وتآكلت المنظمة وفقدت اللجنة التنفيذية معظم اعضائها بمشيئة الله.
وآخر ما وصلت إليه مسيرة المنظمة أن قدم الرئيس أبو مازن استقالته من رئاسة المنظمة مع تسعة أو عشرة من أعضاء اللجنة التنفيذية والدعوة إلى عقد مجلس وطني اسثنائي في غضون شهر من يوم تقديم الاستقالة رغم أن القانونيين يقولون إن استقالة الرئيس وأعضاء اللجنة يجب أن تقدم إلى المجلس الوطني ولا يجوز أن ينجم عن الاستقالة فراغ رئاسة المنظمة المكلفة بالسهر على مصالح الشعب الفلسطيني وتمثيلهم.
وإلى أن ينعقد اجتماع المجلس الوطني الطارئ سينتظر الشعب الفلسطيني كيف ستتصرف قيادات العمل الوطني الفلسطيني داخل الوطن وخارجه وداخل منظمة التحرير وخارجها وهل ستكون حريصة على وحدة تمثيل الشعب الفلسطيني وتنضوي تحت لواء المنظمة.