الحدث
قرّر الجيش الإسرائيلي أن الضابط هدار غولدين الذي اختفت آثاره في غزة الجمعة الماضية “قتل في المعركة”، وقال في بيان له: “قررت لجنة خاصة برئاسة الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي العميد رافي بيريتس أن الضابط في لواء جفعاتي للمشاة في الجيش الإسرائيلي هدار غولدين، قد قتل في معركة في قطاع غزة يوم الجمعة 1 أغسطس/ آب 2014″. ولكن ولم يوضح بيان الجيش الإسرائيلي الأسس التي استندت إليه اللجنة فيما انتهت إليه، واكتفى بالقول: “قبل اتخاذ القرار تمّ الأخذ بعين الاعتبار جميع الاعتبارات الطبية، والتقاليد الدينية، وقضايا إضافية ذات صلة”.
وأضاف: “تم إخطار عائلة الضابط قبل لحظات بهذا القرار من قبل رئيس مديرية شؤون الموظفين في الجيش الإسرائيلي، اللواء أورنا باربيفاي والحاخام الأكبر للجيش”. وهذه هي المرة الثانية التي يلجأ فيها الجيش الإسرائيلي إلى إعلان مثل هذا القرار منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من شهر يوليو/ تموز الماضي؛ إذ قرر سابقًا أن الجندي أورين شاؤول قُتل أثناء القتال دون أن تكون جثته بحوزة الجيش الإسرائيلي.
وكانت أثار الضابط غولدين اختفت الجمعة الماضية في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة أثناء القتال بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلين فلسطينيين في غزة، وبينما اتهمت إسرائيل حركة حماس في البداية باختطاف الضابط، وأعلنت إثر ذلك تعليق وقف إطلاق نار إنساني مدتة 72 ساعة بعد نحو 3 ساعات من بدء سريانه، اعتبرت الحركة ذلك محاولة من إسرائيل “للتضليل وتبرير تراجعها عن التهدئة الإنسانية (وقف إطلاق النار الإنساني)، دون أن تؤكد أو تنفي أسر الضابط، قبل أن تقول كتائب القسام، الجناح المسلح لحماس، في بيان لاحق، فجر السبت الماضي، إنّه “لا علم لها حتى اللحظة بموضوع الجندي الإسرائيلي المفقود ولا بمكان وجوده أو ظروف اختفائه”، موضّحة أن مجموعة تابعة لها تصدت ليل الخميس الجمعة قبل بدء سريان وقف إطلاق النار لتوغل إسرائيلي شرقي مدينة رفح، وأنها فقدت الاتصال مع هذه المجموعة، مرجحة أنّ جميع أفرادها قتلوا في القصف بما فيهم الضابط الذي يتحدث الجيش الإسرائيلي عن اختفائه، “على افتراض أنّ هذه المجموعة قد أسرته أثناء الاشتباكات”.
ومنذ اليوم الأول لحادث “اختطاف” الضابط الإسرائيلي، هدار جولدن، تباينت الرواية الإسرائيلية سواء في الحديث عن مصيره أو الوجهة التي تقول تل أبيب إنه تم نقله إليها. ومع إصدار الجيش الإسرائيلي بيان بشأن اختفاء الضابط، تلاحقت بيانات تتناقض بحسب التوقيت الزمني؛ فقد تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية تصريحات وبيانات الجيش الإسرائيلي كان أولها ما أعلن فيه رسميًّا عن فقدان الاتصال بجندي إسرائيلي، ثم تبع ذلك تطور عن الإعلان عبر تصريح للناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي موتي ألموز لتكون الرواية بأن ضابطًا إسرائيليًّا من المحتمل أن يكون قد وقع في أسر (حركة المقاومة الإسلامية) “حماس”.
تصريح ألموز تبعه بيان للجيش الإسرائيلي نقلته وسائل إعلام إسرائيلية جاء فيه أنّ “الضابط الإسرائيلي يدعى هدار جولدن من كفار سابا، ويبلغ من العمر 23 عامًا”، وهو في أسر “حماس”، ومكانه غير معروف، ورواية خطف الضابط في الإعلام الإسرائيلي ظلت ثابتة وعلى ألسن القادة السياسيين الإسرائيليين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه الذي هاتف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وطالبه بالمساعدة في الضغط للإفراج عن الضابط عبر الحديث مع قطر، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
وذكرت الصحيفة في تقرير آخر أن إسرائيل بعثت برسالة إلى “حماس” عبر مصر للمطالبة بالإفراج عن الضابط الأسير، وفقًا للقناة الثانية بالتلفاز الإسرائيلي، حديث المطالبات بالإفراج عن الضابط الإسرائيلي تجاوز الاهتمام الإسرائيلي إلى مطالبة الرئيس الامريكي باراك أوباما بنفسه لـ”حماس” بالإفراج عنه دون شروط، بحسب الإذاعة العامة الإسرائيلية.
على الجانب الآخر، ظلت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لـ”حماس” صامتة، وتناقلت وسائل إعلام إسرائيلية ما صرح به القيادي في “حماس”، موسى أبو مرزوق، حيث أقرّ برواية الخطف للضابط الإسرائيلي دون تبنيها، ثم عاد أبو مرزوق وأوضح أن ما علمه كان من خلال مصر التي أبلغت الجانب الفلسطيني بأن خطف ضابط إسرائيلي كبير كان السبب في انهيار التهدئة في غزة. وظل تصريح أبو مرزوق هو الأساس الذي تستند عليه إسرائيل حتى فجر السبت، حين صدر بيان كتائب القسام الذي نفى أي علاقة للكتائب بمصير هذا الضابط الإسرائيلي، وقال إن المجموعة التي نفذت العملية قطع الاتصال بها، مما يرجح فرضية القتل للضابط وللمجموعة المهاجمة.
وانعكس حديث كتائب القسام على تحليل القناة الثانية بالتلفاز الإسرائيلي، والتي رسمت ثلاثة سيناريوهات لمصير الضابط: أولها، أن يكون قد قتل في ساحة المعركة وتناثرت جثته؛ وثانيها، اختطاف الجندي ووجوده في قبضة “حماس” سالمًا؛ وأخيرًا مقتله بعد الخطف من خلال قصف الجيش الإسرائيلي للمجموعة والضابط في وقت لاحق، وهو حديث دعمه تصريح مصدر إسرائيلي رفيع المستوى، نقلته الإذاعة العامة الإسرائيلية، عن إمكانية مقتل الضابط، فيما تحدث المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي موتي ألموز، عن جهله بمصير الضابط المفقود.
والثابت في كل الرواية الإسرائيلية بشأن “الخطف” هو ما تحدث عنه بيان للجيش الإسرائيلي عن تفاصيل العملية من خلال قيام شاب، خرج من نفق بتفجير جسده في جنود إسرائيليين، ما أدى إلى مقتل اثنين وأسر ثالث، ثم قيام مجموعة أخرى باختطاف الجندي.
وأيًّا كان مصير الضابط الإسرائيلي هدار جولدن، فإنّ كتائب القسام أعلنت منتصف الشهر الماضي أنها أسرت جنديًّا إسرائيليًّا يدعى أرون شاؤول، خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة منذ السابع من الشهر الماضي