الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ملاحظتان

عتبة

2015-08-27 09:38:31 AM
ملاحظتان
صورة ارشيفية

 

أمير داود
 
** جمهور "لأجل ذاته"
 
لا جديد على صعيد جمهور الثقافة والمشتغلين فيها في العالم العربي. الساحة مقسومة الى قسمين متداخلين غير محددي  المعالم، واحد يدعو الى الارتقاء/الاصلاح وآخر يرفضه، دعوة بحد ذاتها تصاب بالنكوص والارتباك اذا ما عوجلت بالسؤال الأثيري: إصلاح ماذا نريد/تريدون؟
تمتاز مطالبات الاصلاح بالمجمل، بمجموعة من الخصائص، أولها، انها مطالبات نخبوية أصلاً، لم يتطوع أحد حتى اللحظة لجسر الفجوة القائمة بين بعدها النظري النخبوي، وما يحتمله الواقع على حد سواء من تجليس لهذه المطالبات؛ أبطال هذه المطالبات على الأغلب هم كبار المثقفين والمفكرين والدارسين الاجتماعيين والفكريين الذين تنحصر شهرتهم في ذاكرة قصيرة لطلبة الجامعات ومراكز البحث، ما أن يغادر معظمهم أسوار هذه القلعات حتى يقع تحت اهوال الهموم الوجودية الاولى فيتحول ومن تلقاء نفسه الى رافض لها.
ثانيها، أنها مطالبات لم تلق قبول لدى جمهورها المستهدف، لا لأن الجمهور يرفضها لعيب فيها، بل لأن الجمهور في مجمله لم يتحول حتى هذه اللخظة الى جمهورٍ واعٍ لمشاكله، اذ أن النظرة الكمالية التي تغذيها خطابات المثالية والغيبية لازالت هي المسيطرة فعلاً وواقعاً عليه، وهو يحتاج في مجمله الى انتقال يشبه انتقال الطبقة العاملة عند "كارل ماركس"  من طبقة"في ذاتها" (موقعها في البنية الاجتماعية) إلى طبقة "لأجل ذاتها" (واعية لهمومهاولها القدرة على التغيير بنفسها)، وهنا بيت القصيد.
 
** الجائزة الأدبية وشرط وجودها
لا يمكن اعتبار ألم الكاتب الشخصي مصدراً وحيداً لابقائه قادراً على تقديم المبدع والمدهش في الأصناف الادبية المتنوعة، والألم هنا، يتجاوز معناه الفيزيائي الوجوديّ إن صح التعبير، بل يتعداه الى كون الحياة بمشاهداتها وتفاصيلها مادة خصبة وثرية وآلاماً وأسئلة تمد الكاتب بالممكن الأدبي، لكن ثمة حوافز عليها أن تقف كشواخص مرور في طريقه الطويلة الوعرة في الكتابة ومعها. شواخص على شكل أهداف يحقهها بل ويواصل المحاولة للاقتراب منها (تطويراً في أدواته ووسائله، لا تشذيباً لمواقفه). اذ لا يمكن فهم حجم الانتقادات المحمومة في الفترة الاخيرة على عدد الجوائز الأدبية المقدمة؛ إبتداءً بالبوكر العربية وليس إنتهاء بآخرها: جائزة كتارا، الا كدعوةٍ لإبقاء الكتابة كلها رهن الاستجابة للتوترات الوجودية الأولى الأمر الذي بدوره قد يفتح أسئلة كبيرة ومربكة حول الكتابة كمهنة، او دورها في عملية التغيير الإجتماعي.
قد يكون أمر النقد الموجه للجوائز مفهوماً في إطار محاكمات المواد الادبية الممتحنة أو مهنية لجانها، او في احقية عمل على آخر وفق ضوابطها، وقد يكون أمر النقد مطلوباً دائماً في كل ما يتعلق بالعملية برمتها، وهو بمثابة نقد شرعي وجهد ايجابي مطلوب دائماً، لكن الجائزة إن حققت شروط وجودها، في الإجابة على جزءها المتعلق بأسئلة الإرتقاء بالأدب الانساني عموماً والتقدم به الى الأمام، فإن وجودها متلازم ذلك كله.