شوهد خلال اليومين الماضيين وصول عشرات الشاحنات المصرية وهي تنقل أنابيب بلاستيكية ذات أقطار كبيرة، وتنزلها في مناطق متفرقة على طول الشريط الحدودي، جنوب محافظة رفح، تزامناً مع عمليات حفر واسعة تنفذها جرافات وحفارات عملاقة، تمهيداً لبدء إنشاء قناة مائية على طول الحدود المشتركة، لمنع عمليات التهريب التي كانت تحدث من خلال الأنفاق.
أعمال متسارعة
ومنذ نحو الأسبوعين، تقوم حفارات مصرية بإحداث حفر طولية عميقة، على بعد بضع عشرات من الأمتار من نقطة الحدود، بينما يتم وضع أنابيب بلاستيكية في تلك الحفر.
وقال شهود عيان لـ"الحدث" من سكان جنوب رفح، إن البدء بأعمال الحفر والتجهيز انطلقت من مناطق متفرقة على طول الحدود، خاصة منطقة حيي البرازيل والسلام جنوب شرقي محافظة رفح.
وأكد الشهود أن البدء بتجهيز القناة المائية جاء بعد الانتهاء من المرحلة الثالثة من إنشاء المنطقة العازلة، حيث انتهى الجيش المصري مؤخراً من تدمير وتفجير عشرات المنازل، ومساجد، ومدارس، ومباني تقع في مدينة رفح المصرية.
وتحظى الجرافات والحفارات المصرية التي تقوم بإنشاء القناة المذكورة، بحراسة أمنية مصرية مشددة، ورغم ذلك تتعرض تلك القوات لهجمات شبه يومية من قبل عناصر إسلامية متشددة، حيث يسمع دوي إطلاق نار وانفجارات خاصة خلال ساعات الليل.
ولا يعلم المواطنون شكل وماهية تلك القناة، وكيف من الممكن أن تؤثر على الأنفاق، وما هي أضرارها المستقبلية؟.
قرار وتنفيذ
وكانت مصادر عسكرية مصرية قالت إن قوات الجيش وسلاح المهندسين بالقوات المسلحة المصرية، يعكفان حالياً على إصلاح وتسوية التربة بمنطقة الشريط الحدودي برفح بطول 13 كم وبعمق 500 متر، وهي المساحة التي جرى إخلاؤها من السكان، وتم تفجير منازلها بالكامل.
وبحسب المصادر، فإن ما تفعله مصر هو بداية لحفر القناة المائية، غير أن سلاح الهندسة والخبراء المائيين سيكونون أمام خيارين لحفر القناة المائية، وهي إما حفر أحواض مائية غير متصلة ومتجاورة بطول خط الحدود، وإما حفر قناة مائية طولية متصلة، ويعود ذلك لمخاوف الجيش المصري من المساس بالآبار المائية الجوفية المنتشرة بطول خط الحدود برفح، وعدم اختلاط مياه البحر المتوسط مع مياه الآبار الجوفية، حال شق قناة مائية بطول الحدود.
وبحسب ما أعلن فإن القناة المذكورة ستكون بطول الحدود مع غزة، بعرض 20 متر، وبعمق 20 متر، تتصل نهايتها مع مياه البحر الأبيض المتوسط على ساحل رفح.
أضرار كارثية
وكان مواطنون أبدوا مخاوف كبيرة من حفر تلك القناة، التي كانت إسرائيل تنوي حفرها قبل الانسحاب من قطاع غزة في العام 2005.
وتشكل تلك القناة التي ستغمر بمياه البحر ثلاثة مشكلات كبيرة، الأولى تلويث الخزان الجوفي لمدينة رفح، نتيجة تسرب المياه المالحة بباطن الأرض، واختلاطها بالمياه العذبة، والثانية تتمثل في زيادة ملوحة التربة وجعلها غير صالحة للزراعة، إضافة إلى أن نسبة الأملاح العالية، من الممكن أن تؤثر على أساسات المباني القريبة من المنطقة الحدودية.
طرق متعددة
وقال المواطن يوسف مهدي من سكان مدينة رفح لـ"الحدث"، إن القناة المائية هي رابع أو خامس طريقة تفكر بها مصر لوقف عمليات التهريب دون جدوى، ففي البداية اتبعت أسلوب حقن الأنفاق بغازات سامة، لمنع تسلل الأفراد ونقل البضائع، وتسبب هذا بوفاة وإصابة العديد من عمال الأنفاق، ومن ثم بدأت ببناء جدار فولاذي في باطن الأرض، وكلا الطريقتين لم تنجحا، وبعد ذلك أنشأت منطقة عازلة ودمرت مئات المنازل دون جدوى، وها هي الآن تحفر قناة مائية ستدمر البيئة في مدينة رفح، وتصيب السكان بأضرار بالغة.
يذكر أن منطقة الشريط الحدودي الواقعة إلى الجنوب من محافظة رفح، والبالغ طولها حوالي 13 كيلومتر، كانت تعد مسرح للأنفاق التهريب التي تربط قطاع غزة بالأراضي المصرية.
وشنت إسرائيل خلال حروبها الثلاثة على قطاع غزة، مئات الغارات جوية تجاه المنطقة الحدودية، وأسقطت مئات الأطنان من المتفجرات الحديثة، بعضها قنابل تسمى "إرتجاجية"، تنفجر على أعماق تتراوح ما بين ثماني إلى عشرة أمتار في باطن الأرض، في محاولة لتدمير الأنفاق دون أن تنجح في ذلك الوقت .