#الحدث -محمد مصطفى
بجد واجتهاد استيقظت المواطنة فاطمة صبحي، وبدأت بتجهيز الدقيق والماء، وقامت بعجنهما، تمهيداً لإنضاج الخبز لأفراد عائلتها.
صبحي والتي تقطن منطقة شرق مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، اضطرت لنفض الغبار عن فرن طين كانت هجرته منذ سنوات، وبدأت باستخدامه مجدداً.
ففرن الطين بات ضرورة ملحة في الوقت الحالي، بعد تفاقم أزمة الكهرباء، وضعف الجهد الكهربائي "الفولت"، في أوقات وصلها، ما يحرم معظم العائلات من استخدام الأفران الكهربائية.
جهد مضاعف
وبعد أن توجهت للفرن، الذي يقع في ركن بعيد عند حافة فناء المنزل، طلبت صبحي من أبنائها التوجه لبقالة قريبة من منزلهم، والبحث عن الكرتون، أو ورق، وأغصان أشجار، أو حتى أقمشة قديمة، لتشعلها وتنضج من خلالها الخبز.
وقالت صبحي: إن أزمة الكهرباء وعدم استقرار الجدول وضعف الفولت، فرض عليها اللجوء لفرن الطين، وفي البداية كان الأمر اضطرارياً فهو شاق، لكن ما لبث أن تحول إلى أمر اختياري، بعد أن أعجب مذاقه أفراد العائلة، فطلبوا منها التوقف عن استخدام فرن الكهرباء، حتى وإن كان التيار موصول وجيد، والاستمرار في إنضاج الخبز بواسطة فرن الطين.
ونوهت إلى أن ابنتها تساعدها في بعض الأحيان، فالجلوس أمام الفرن في هذه الأجواء الحارة أمر بالغ الصعوبة، لكنها وفي سبيل إرضاء عائلتها، تجتهد، وتبل قصارا جهدها لتلبية رغباتهم.
وبينت أنها تشعر بالفخر كونها أحيت شيء جميل من التراث الفلسطيني العريق، كان المواطنون تراجعوا عن استخدامه.
وأوضحت أنها تعد أحيانا بعض الأطعمة في الفرن، بعد الانتهاء من الخبز، مستغلة بقاءه ساخن، فتارة تضع صينية بطاطا مع قطع الدجاج لتحميرها، وأخرى تشوي لهم السمك، وأحيانا تقوم بتسخين الطعام البارد.
ولفتت صبحي إلى أن مشكلة الفرن حاجته لكميات كبيرة من الخشب والورق المقوى، والأقمشة، وهذا لا يتوفر دائما، ويجتهد أبنائها لتوفيره، مستذكرة والدتها وخالتها وجدتها، حين كن يجلسن ساعات أمام الفرن لإعداد الخبز لعوائلهن.
خبز الصاج
أما المواطنة إيمان عبد الله، فأكدت أنها لا تمتلك فرن طين، لكنها لديها صاج معدني دائري، وكثيراً ما تستغل مساحة خالية في فناء منزلها، لصنع خبز الصاج الساخن "شراك"، الذي يتناوله أبنائها خاصة على وجبة الفطور.
وأوضحت أن أطفالها يلحون عليها لصنع الخبز، متذرعين بانقطاع الكهرباء، ورغبتهم في تناوله ساخن، وفور موافقتها، يسارعون بجلب الكرتون والأخشاب وتجهيز الموقد، ومساعدتها.
وأشارت عبد الله، إلى أن سعادتها تكون كبيرة حين تشعل النار ويكون أطفالها الأربعة حولها، وهي تعد لهم ما يحبون، وفور انتهائها تجهز لهم وجبة الإفطار أو العشاء، وغالباً ما تكون فلافل مقلية ساخنة، وطبق فول، وجبنة بيضاء، وهم يتناولون الخبز الساخن بشراهة وفرحة.
ونوهت إلى أن أفضل ما في أزمة الكهرباء أنها غيرت بعض العادات السيئة، كالسهر الطويل، كما أحدثت نوع من التقارب الاجتماعي، عبر عقد الرجال لمات وجلسات سهر في الشوارع، وفي المناطق المفتوحة، كما شجعت النساء على العودة للتراث الفلسطيني الجميل، الذي كاد أن يندثر.