الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حرب غزة .... قاموس النصر والهزيمة

2014-08-04 04:06:08 PM
 حرب غزة .... قاموس النصر والهزيمة
صورة ارشيفية
بقلم: نبيل عمرو
 
لنفترض... أن الحرب توقفت الآن... فما هو الوصف الموضوعي لنتائجها الأولية؟
باختصار، فإن إسرائيل لم تنتصر...
والفلسطينيون لم ينهزموا..
وبين شقي هذه الخلاصة، ستشاهد ادعاءات بالنصر والهزيمة... وفق نظرية أن النصر لمن يدعيه، وليس لمن يحققه!
قاموس الانتصار الفلسطيني، صار محفوظا عن ظهر قلب وعمره عشرات السنين، فيها حروب كثيرة، وما دام الفلسطيني بعد كل معركة، لا يرفع الراية البيضاء، وما دام يجد من يذهب إلى الكاميرا.. ليعلن استمرار الكفاح مهما كان الثمن فهم منتصرون، وإلى اللقاء في المعارك القادمة.
أحد مؤسسي هذا القاموس الخاص، هو ياسر عرفات وقد استخدمه على نحو أغاظ مناحيم بيغن، حين أعلن وهو بصدد امتطاء ظهور المراكب المسافرة من بيروت إلى المنافي التسعة البعيدة، بأنه انتصر، وأن بيجن وشارون هُزما.. رغم التقاط شارون الصورة من أمام مكتب عرفات في حي الفاكهاني بعد مغادرة الرجل إلى اليونان!
أما القاموس الإسرائيلي.. فهو يعتبر النصر والهزيمة مجرد نتائج استطلاع، فإن إشارة الأرقام إلى تأييد رئيس الوزراء فيما فعل، أو أنه في انتخابات قادمة سيحقق أصوات كافية لفوزه بالموقع الأول، فإسرائيل منتصرة، وإن بدا عكس ذلك فهي مهزومة أو مقصرة!!
ووفق هذا القاموس الخاص، فإسرائيل دائما في حالة انتصار إلا أنها ترفق انتصارها المدَّعى، بلجنة تقصي حقائق، تكشف جوانب التقصير في الأداء، وتتخذ قرارات، تعاقب كبش فداء إن لزم الأمر، وذات مرة، كان كبش الفداء هو شارون بعد مذابح صبرا وشاتيلا، إلا أن إسرائيل التي منعت الجنرال السفاح من أي مهمة عسكرية، كافأته بعد سنوات بأن أتت به رئيسا لوزراء إسرائيل، أي صاحب القرار والآمر الناهي بشأن سياساتها ومصائرها.
وإذا ما نحينا جانبا... القانون الخاص لكل طرف في تحديد الهزيمة والنصر، وحاولنا الاحتكام إلى معيار موضوعي، منزه عن الأجندات والادعاءات والجدل حتى في البديهيات... فإننا يجب أن نحكم على نتيجة أي حرب من خلال الخلاصات السياسية التي تفضي إليها.. وهنا يكون الحُكم موضع جدل، خصوصا حين لا يحقق طرفا كامل أهدافه على الطرف الآخر.
الفلسطينيون محقون في تعريفهم للخلاصات، لأنهم وبصورة مسبقة لم يعلنوا بأن حربهم تهدف إلى تدمير إسرائيل أو هزيمتها بصورة تقليدية، كما هُزمت دول كثيرة في حروب كثيرة، إنهم يعلنون أهدافا معقولة، تعالج الحاضر وتحاول البناء عليه للمستقبل، فالحاضر يراد له أن يتغير باتجاه رفع الحصار، وتطبيع الحياة في غزة من كل النواحي، وهذا هدف يبدو ورغم أساسيته متواضعا بالقياس لهدف التحرر وإقامة الدولة المستقلة، وعودة اللاجئين، وإنهاء الاستيطان.
حين لا يدعي الفلسطينيون أن حربهم في غزة، لا تستهدف هذه الأمور الكبيرة الآن، فبوسعهم القول أن الانتصار يعني التقدم بخطوات ملموسة نحو هذه الأهداف، وهذا قول موضوعي رغم فداحة الخسارة التي نجمت عنه في الأرواح والممتلكات.
أما الإسرائيليون، أصحاب قوة النار الهائلة، وأصحاب القدرة على السيطرة الفعلية على كل نواحي الحياة الفلسطينية من الماء والكهرباء والصحة والغذاء، ليس بوسعهم الادعاء بانتصار مطلق في معركة كهذه، فقد خسروا جنودا وضباطا أكثر من أي موقعة باستثناء موقعة لبنان وبيروت في العالم 1982، وخسروا سمعة مهما حاولوا ترميها على الصعيد الدولي، فلا أمل ... وخسروا وخسروا وخسروا، ويكفي خلاصة واحدة ... أنهم لم يكسبوا أهدافهم المستترة والمعلنة.
ورغم ذلك.
فإن هذه الحرب غير المنتصرة وغير المنهزمة، يجب أن تكون منطقيا آخر الحروب على هذا المستوى، فلا إسرائيل تشعر بالسعادة إذا ما ذهبت إلى حرب من هذا النوع كل سنة أو سنتين، ولا الفلسطينيون سيكونون سعداء لو بقيت دوامة الدم تحصد أرواح أبنائهم بهذه الكثافة المرعبة كل سنة أو سنتين، إذا لا مناص من تتويج هذه الحرب التي آلمت الطرفين بتسوية سياسية يرضى عنها الفلسطيني أولا.. وعلى العالم أن يلتقط الخيط فهذه هي النتيجة الموضوعية المحسومة لهذه الحرب لو حدثت.