الحدث
أثار القصف الإسرائيلي لمدرسة تابعة للأمم المتحدة، وأدى إلى استشهاد عشرة مواطنين في قطاع غزة، غضبا دوليا، خاصة من الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين شددتا نبرتهما حيال إسرائيل منددتين بالعنف 'غير المبرر' تجاه المدنيين في القطاع.
ونقلا عن وكالة 'فرانس برس'، أنه على غرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عبر المجتمع الدولي بشكل واسع عن استنكاره بعد قصف مدرسة للأونروا في رفح ما أدى إلى استشهاد عشرة مواطنين.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي، إن 'الولايات المتحدة روعت للقصف المشين الذي استهدف مدرسة تابعة للأونروا في رفح'.
وبدون تحميل المسؤولية صراحة لأي من الجانبين، قالت بساكي 'نشدد من جديد على ضرورة أن تبذل إسرائيل المزيد لاحترام المعايير التي وضعتها بنفسها، وتجنب سقوط ضحايا مدنيين'.
وأضافت أن 'الاشتباه في أن ناشطين يعملون بالقرب من المكان لا يبرر غارات تعرض حياة كل هؤلاء المدنيين الأبرياء للخطر'، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة أبلغت 'تكرارا' الجيش الإسرائيلي بمواقع مدارسها ومنشآتها الأخرى.
ودعت بساكي إلى إجراء تحقيق سريع وكامل عن هذا الحادث، مطالبة جميع الأطراف بحماية المدنيين والالتزام بالقوانين الإنسانية الدولية.
من جهته، دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من لييج (شرق بلجيكا) على هامش إحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى، إلى التحرك لوقف المجازر في غزة، مستخدما للمرة الأولى كلمة 'مجازر' في هذا الإطار.
وقال هولاند: 'عندما أرى ما يحصل لمسيحيي العراق والأقليات في سوريا والمجازر كل يوم، وما يحصل من مجازر في غزة، علينا أن نتحرك بعد أن دخل النزاع يومه الثامن والعشرين'، مشددا على أنه عندما يجري ما يجري في أوكرانيا، عندما نعلم بحدوث مجازر كل يوم في الشرق الأوسط والشرق الأدنى، علينا أن نتحرك'. واعتبر أنه على أوروبا 'أن تتصدر التحرك والمبادرة على المستوى الدولي'، موضحا 'ليس هناك من شرطي عالمي، فالعالم منظم في إطار الأمم المتحدة لفرض سلطة القانون؛ وأوروبا ينبغي أن تكون قارة سلام، لا لنفسها فحسب بل للعالم أجمع'.
من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن 'حق إسرائيل بالأمن لا يبرر قتل أطفال أو ارتكاب مذبحة بحق مدنيين'.
وأكد فابيوس أن الحل السياسي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني 'يجب أن يفرض من قبل المجموعة الدولية لأن الطرفين وبرغم المحاولات العديدة، أثبتا للأسف أنهما غير قادرين على الوصول إلى نتيجة'.
ولفت السفير الفرنسي السابق والأخصائي في شؤون الشرق الأوسط ايف اوبان دو لا ميسوزيير، إلى أن تصريح فابيوس يسجل منعطفا، قائلا 'حتى الآن كنا ندين عمليات قصف مدارس الأمم المتحدة لكن ليس إسرائيل، كنا نبقي الغموض دائما فيما كنا نعلم أن إسرائيل هي المسؤولة'.
وأضاف: 'يجب التحلي بالشجاعة لتحديد المسؤوليات، بالطبع مسؤولية حماس ولكن أيضا مسؤولية إسرائيل، من المهم بكل بساطة ذكر القانون، مضمون اتفاقية جنيف الرابعة' حول حماية المدنيين في زمن الحرب.
وأسفر استهداف مدرسة تابعة لوكالة (الاونروا) في رفح جنوب القطاع الأحد عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل، وكان لجأ الآلاف إلى المدرسة هربا من القصف الإسرائيلي في أحيائهم، وهي المرة الثالثة في عشرة أيام التي تتعرض فيها مدرسة تابعة للأمم المتحدة للقصف.
من ناحيتها، اعتبرت مستشارة الرئيس الأميركي باراك أوباما فاليري جاريت، في مقابلة متلفزة، أن سقوط الضحايا المدنيين غير مقبول، مؤكدة أن 'لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها'، مضيفة 'لكن لا يمكن التغاضي عن قتل أطفال أبرياء، لذلك نحن قلقون ونراقب الوضع عن قرب'.
من جهته، وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قصف المدرسة بـ'العمل الإجرامي'، وقال في بيان تلاه المتحدث باسمه إن هذا القصف 'الذي يشكل انتهاكا فاضحا جديدا للقانون الإنساني الدولي، هو أمر مشين من الناحية الأخلاقية وعملا إجراميا'.
وتابع الأمين العام: 'هذا الجنون يجب أن يتوقف'، داعيا إسرائيل وحماس إلى 'وقف القتال والتفاوض على اتفاق لوقف إطلاق النار في القاهرة'.
ومن دون تسمية الطرف المسؤول عن قصف المدرسة، قال كي مون إن الجيش الإسرائيلي 'أبلغ أكثر من مرة بمواقع المقرات التابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة التي يجب أن تكون مناطق آمنة'.
وأكد أن هذا القصف الذي استهدف مدنيين وغيره من الهجمات يجب أن تكون موضع 'تحقيق سريع'، وأن يحاسب المسؤولون عنها، معربا عن تأثره الشديد للتصعيد الفظيع للعنف في غزة ومقتل مئات المدنيين الفلسطينيين منذ انهيار التهدئة الإنسانية في الأول من آب.
بدوره، قال رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون: 'أعتقد أن الأمم المتحدة محقة في إدانة (القصف) لأن القانون الدولي واضح جدا بشأن عدم استهداف المدنيين والمدارس، إذا تبين أن ذلك صحيح'.
وقال مسؤول حكومي إن لندن تراجع كافة تراخيص التصدير المبرمة مع إسرائيل وخصوصا حول الأسلحة والمعدات العسكرية، بعد طلب من لجنة برلمانية التأكد من أنها مناسبة بالنظر إلى معايير منح التراخيص وخصوصا تلك المتعلقة بعدم استخدامها لانتهاك حقوق الإنسان أو إطالة النزاعات المسلحة أو مفاقمة التوتر القائم. أما روسيا فطالبت 'بوقف إطلاق نار إنساني كخطوة أولى نحو تهدئة دائمة' في قطاع غزة، وشدد وزير خارجيتها سيرغي لافروف على 'ضرورة التوصل إلى اتفاق (بين طرفي النزاع) لاستبعاد تكرار العمليات (العسكرية) التي يكون معظم ضحاياها من المدنيين الأبرياء'، وذلك في محادثة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان كما ورد في بيان في موسكو.
وعبرت وزارة الخارجية الإسبانية عن إدانة مدريد 'الشديدة' لـ'الهجوم البالغ الخطورة' على مدرسة الأونروا.
وقالت في بيان 'إن هذا الهجوم البالغ الخطورة هو الثالث الذي أصاب مركزا للأمم المتحدة في قطاع غزة لجأ إليه آلاف الفلسطينيين'.
وأضافت: 'يتوجب على القوات الإسرائيلية مضاعفة الجهود لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين الأبرياء'، داعية إلى احترام حرمة مقار الأمم المتحدة، وبدء مفاوضات تتيح التوصل إلى وقف إطلاق نار عاجل ودائم'.
وقالت إن إسبانيا 'تؤكد مرة أخرى دعمها لمبادرة الحكومة المصرية والأمين العام للأمم المتحدة في هذا المنحى'. إلى ذلك، كتبت إسبانيا لشركائها الأوروبيين لتقول إن الاتحاد الأوروبي 'يمكن بل يجب أن يقوم بجهد أكبر' للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار 'دائم' بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال مصدر مقرب من الخارجية الروسية، إن وزير الخارجية خوسيه مانويل غارسيا-مارغالو الذي سبق وندد الخميس بـ'المجازر في غزة' وحذر من نزاع 'يمكن أن يمتد إلى منطقة بأكملها على شفير الانفجار'، معبرا الجمعة عن قلقه لوزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون.
واقترح مارغالو في رسالته أن تبدأ آشتون 'بخطوات سريعة جدا مع طرفي النزاع وكذلك مع الدول المعنية القادرة على التأثير، كي يسهم الاتحاد الأوروبي بفعالية في التوصل إلى هدنة فورية واتفاق لوقف إطلاق نار دائم'. وذكر أيضا في رسالته أن مدريد تدعو لاتخاذ قرار في مجلس الأمن الدولي 'يسمح بأن يتلقى طرفا النزاع دعوة قهرية من المجتمع الدولي' لوقف إطلاق النار.
وطالب بوقف فوري لوقف إطلاق نار 'دائم'، 'مثل ذلك التي تم الحصول عليه في لبنان بموجب القرار 1701'.
ودعت اليونسكو على لسان مديرتها إيرينا بوكوفا الطرفين المتنازعين إلى ترك المدارس خارج النزاع، مشيرة إلى 'أن سبع مدارس منها تابعة للأمم المتحدة أصيبت بالقصف منذ نحو شهر من النزاع الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1850 فلسطينيا، غالبيتهم العظمى من المدنيين بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة'.