السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هآرتس: الأعمال التجارية مع غزة مستمرة كالمعتاد بالرغم من الحرب والحصار

2014-08-05 01:15:39 PM
 هآرتس: الأعمال التجارية مع غزة مستمرة كالمعتاد بالرغم من الحرب والحصار
صورة ارشيفية
الحدث- هآرتس

يقول موظف الجمارك الإسرائيلية في مجال استيراد المنتجات الغذائية من قطاع غزة (س)، أحد الداعين إلى وقف إطلاق النار: "لقد استمر عملنا مع المصدرين من غزة منذ بداية الحرب في قطاع غزة، حتى في أثناء القصف".
وأضاف "نحن نقوم بتسريح جميع البضائع التي تصل للتجار من غزة في الموانئ الإسرائيلية، كما نقوم بإجراء الحوالات المالية، بل ونقوم أحياناً بدفع هذه الرسوم بأنفسنا لأننا نعلم بأنهم سيقومون بتسديد هذه الأموال فور الوصول إلى تهدئة".
لكن في اليوم التالي، بعد تلاشي الأمل مرة أخرى بالوصول إلى وقف لإطلاق النار، بدى (س)، بأنه أقل تفائلا قائلا: "هذا الوضع متعذر جداً، عندما تبدأ المدافع بإطلاق النار أبدء بالتساؤل إذا ما كان هنالك أحد يهتم حقاً بهذه الأمور، أنا الآن منقسم ما بين ولائي للجنود من جانب، حيث من الممكن أن يقتل جميع من في غزة لإنقاذ جندي واحد من جنودنا، لكنني من الجانب الآخر أحاول مرارا وتكرارا بأن أكون إنسانا صالحا وألا أكون كالحيوانات".
أما بالنسبة للمئات من الإسرائيليين المنخرطين بالشبكة التجارية مع غزة، ومنهم المزارعين والصناعيين والمصدرين وموظفي الجمارك، وجدوا أنفسهم في وضع سيء للغاية في الأسابيع الأربعة الأخيرة، فبينما يستمر القتل بين إسرائيل وحماس وتسببهم بالأضرار المادية الجسيمة، تستمر الأعمال ما بين إسرائيل وغزة، ربما لأن الجانب الإسرائيلي لا يرغب بأن يتهم في الأزمة الإنسانية في القطاع والمخاطرة بما قد يترتب عنها من سخط من المجتمع الدولي. فيما تفضل حركة حماس، التي تحكم قطاع غزة، عدم القيام بالأعمال التجارية مع الجانب الإسرائيلي، وإسرائيل تمتلك نفس الشعور اتجاه حماس، لكن الواقع الجغرافي، إضافة إلى العداوة الحديثة الناشئة ما بين حماس ومصر، لم تترك أي خيار آخر للطرفين، الموانئ في غزة مغلقة عن طريق سلاح البحر الإسرائيلي، فلا يوجد أي طريقة أخرى لإدخال الطعام أو الدواء سوى عن طريق معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل، وحتى إذا تم فتح معبر رفح مع الجانب المصري، فإن أقرب أرض زراعية أو منطقة صناعية تقع على بعد مئات الأميال عن القطاع.
ومع مرور كل يوم جديد على الصراع، تصبح حركة دخول البضائع إلى غزة أكثر صعوبة، يقول قواس الحج يحيى، وهو مالك لشركة شاحنات مبردة في إسرائيل: "إني أعمل في غزة منذ ما يزيد عن 15 عاماً، نحن لسنا الوحيدين المتأثرين بشدة بسبب الصراع بل إن تجار التجزئة في غزة تضرروا بشكل كبير".
وأشار الحج يحيى إلى أن عدد من تجار التجزئة في غزة قاموا بشراء عدد من المنتجات اللازمة فقط في رمضان كالغرباني المملح والسمك المملح، وهي من المأكولات التي تؤكل عادة بعد صيام رمضان، ولم يتمكن التجار من إدخال هذه البضائع إلى غزة ما اضطرهم لبيع بعضها في الضفة الغربية بمخسر بينما فسد ما تبقى منها.
ويقول الحج يحيى "كان هنالك ستة أو سبعة حاويات كان يفترض بأن أقوم بنقلها لغزة لكنها علقت عند الميناء ولم أستطع ادخالهم إلى غزة، كما لم يستطع التجار من الوصول إلى المعابر الحدودية من أجل أخذ البضائع، كما أن انقطاع الكهرباء يتسبب بعدد من المشاكل فيما يتعلق بحفظها بمكان بارد، إن السوق في إسرائيل ضعيفة كذلك هذه الأيام، لذلك لا نجد أي عمل للقيام به. لنتأمل بأن تتحسن الظروف وتهدأ قريباً من أجل الجنود والمدنيين الأبرياء، من أجل العرب واليهود الذين يسعون للسلام، أنا أعتقد بأن المشكلة تكمن في قادتنا".
من جهته، يقول شالوم هاتوكا، الذي يقوم بالاستيراد لغزة، إن العلاقة قائمة فقط على التجارة: "لقد عملت معهم 30 عاما، هم لا ينتمون إلى أي فصيل سياسي ولا ينتمون إلا لأعمالهم، نحن نستورد منهم ونصدر لهم، ولكن الآن فإن الموانئ والمستودعات ممتلئة، كما تصل السفن إلى الميناء وتنتظر حيث تكلف آلاف الدولارات مقابل كل يوم انتظار".
ويضيف "مع عدد سكان يصل لما يقارب 1.8 مليون شخص يعيشون على بعد 60 كيلومترا من تل أبيب، كان قطاع غزة دائما ما يشكل جزء مهما من الاقتصاد الإسرائيلي حتى بعد الحصار الذي تم فرضه من إسرائيل عام 2007 بعد وصول حركة حماس للحكم في غزة.
ووفقاً لمكتب الإحصائيات الفلسطيني، فقد وصلت قيمة المنتجات الإسرائيلية التي يتم بيعها في القطاع إلى ما يقارب الـ570 مليون دولار العام الماضي، لكن الجانب الإسرائيلي لا يمتلك أرقاماً رسمية بهذا الخصوص حيث لا تعتبر البضائع المرسلة إلى غزة كبضائع مصدرة. وبالرغم من هذا فإن الجيش الإسرائيلي يقدر بأن ما يقارب الـ45 ألف طن من البضائع تصل أسبوعيا في مثل هذا الوقت من السنة. وتقول بعض المصادر بأن ما يقارب الـ40 ألف طن من البذور، إضافة إلى 60 ألف طن من الفواكه والخضروات، وما يزيد عن 40 ألف حاوية من الملابس والمأكولات المعلبة والأدوية تم إدخالها إلى غزة سنويا في السنوات القليلة الماضية.
وبالرغم من وصول الآلاف من الأطنان من البضائع عبر الأنفاق من مصر، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالتجارة القانونية، فإن التجار في غزة يفضلون التعامل مع الجانب الإسرائيلي، وبما أن مصر عملت كل ما في وسعها خلال السنة والنصف الماضية من أجل إيقاف تهريب البضائع لغزة، فإن هذا السوق أصبح محتكرا بشكل كامل من قبل إسرائيل، حيث أن ما يزيد عن 50% من البضائع التي تدخل غزة يتم تصنيعها في إسرائيل. وقد خفف عدد كبير من الشركات المعنية من تجارتها مع غزة في الأيام القليلة الماضية، حيث لا يريد أحد من أن يظهر كمن يتعامل مع العدو، ولكن معظم الشركات الكبرى في إسرائيل تقوم ببيع بضائعها في قطاع غزة، ولكن لأن معظم هذه البضائع يتم بيعها عن طريق وسيط، لا تعلم الشركات الكبرى ما يجري حقاً.
ويقول أحد صناع الفولاذ في إسرائيل "لا يوجد لدينا أي ارتباطات مع غزة، لكن عدد كبير من منتجاتنا تصل إلى غزة ولا نعرف كيف وصلت". كما أن مزودي المواد الخام، وبالذات مواد البناء، هم أكثر تردداً فيما يتعلق بكشف تفاصيل مبيعاتهم لغزة، وهذا الأمر غير مفاجئ بالأخص في ظل احتياج حماس لكميات كبيرة من الأسمنت والأسلاك والمواد الأخرى من أجل بناء مخابئها والمئات من الكيلومترات من الأنفاق التي تم الكشف عنها حتى الآن، وبالرغم من الافتراضات القائمة على أن معظم المواد التي تم استخدامها جاءت عن طريق الأنفاق مع مصر، إلا أنه لا بد من أن بعض المواد المصنعة في إسرائيل تم استخدامها في بناء الأنفاق كذلك.
ومن الجدير بالسخرية أن حروب حماس المتكررة مع إسرائيل تضمن طلب عالي على مواد البناء، حيث تم تدمير ما يزيد عن الـ4,000 مبنى إضافة إلى إصابة ما يقارب 21,000 مبنى آخر بالأضرار خلال الاجتياح البري الأخير إلى غزة في يناير من عام 2009، فإعادة الإعمار هذه المرة من المؤكد ستعني حصول أكبر مشروع بناء غربي نهر الأردن. فإذا تم السماح للمزودين بإرسال المواد الخام إلى غزة ابتداءً من الغد، فإنهم لن يستطيعون الإيفاء بالطلبات.
كما أدى التحول السياسي منذ صعود حماس للسلطة في غزة إلى حدوث تغير كبير بالعلاقات التجارية بين إسرائيل وغزة، حيث أصبحت أحادية الجانب إلى حد كبير، فحتى عام 2007، كانت غزة تسوق 85% من صادراتها في إسرائيل والضفة الغربية، لكن في السنوات السبعة الماضية تم حظر البضائع القادمة من غزة في إسرائيل ما حرم القطاع من مصدر أساسي للحصول على الأموال من أجل الاستيراد.
ومنذ عام 2010 قامت إسرائيل بالسماح لغزة بالتصدير عن طريق ميناء أشدود أو عن طريق معبر اللنبي إلى الأردن أو عن طريق مطار بن غوريون الدولي، لكن العملية معقدة جدا والكميات المسموح بها لا تكاد تذكر.
وتقول إيمان جبور، العاملة كمديرة الأبحاث لمؤسسة جيشا وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية قائمة على مناصرة حرية الحركة للبضائع والأشخاص من وإلى غزة: "تتمثل سيطرة إسرائيل على قطاع غزة جزئياً في منعها من تسويق منتجاتها في أسواقها الطبيعية في كل من إسرائيل والضفة الغربية، الواقعتين على بعد مسافة قليلة جداً من القطاع، ويجب على إسرائيل إيجاد طريقة من أجل السماح لغزة بالاتجار مع الضفة الغربية من أجل خلق أي نوع من الاقتصاد المستقل".
كما أن الحظر القائم على التنقل من وإلى غزة يحرم إسرائيل من الأيدي العاملة المنخفضة التكلفة التي يمكن استقطابها من القطاع، ويقول مدير شركة ألبان واقعة بالقرب من غزة إيدي بولونسكي "لم يجئ اقتراح جلب التايلنديين والإريتريين إلى إسرائيل إلا بعد إغلاق قطاع غزة". مضيفا "نحن لم نتوقف عن توظيف العرب لأنهم سيئين بالعمل، قد يكون من أفضل الأشياء التي قد تحدث للجانبين هو فتح البوابات والمعابر والسماح بالتجارة بين الجانبين، سيتمكنون من الحصول على المال كما سنستفيد نحن كذلك، وقد يدعوا عدد من الإسرائيليين بالموت للعرب وبأنهم لن يقوموا ببيعهم، لكن هذا خطأ من الناحية الاقتصادية".