تتفقد الفلسطينية كاميليا أبو مطير (60 عاما)، صبيحة كل يوم، صنابير المياه داخل منزلها التي تقول إنها جافة، آملةً أن تجود بالمياه لأفراد عائلتها، بعد انقطاع دام أسبوع كامل.
فمنذ انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، صيف العام الماضي، تشهد منطقة الشاطئ غربي مدينة غزة، انقطاعاً مستمراً للمياه، لأيام متتالية، تصل في بعض الأحيان أكثر من أسبوع، جراء تدمير الحرب لبئر المياه الجوفيّ المغذّي لـ (20) ألف مواطن.
وتضطر أبو مطير، القاطنة في مخيم الشاطئ، إلى دفع ما يقارب 80 شيكلاً (ما يعادل 23 دولارا أمريكيا) أسبوعياً، ثمنا للمياه المحلّاة التي يتم تعبئتها من محطة تحلية خاصة، للشرب وللاستعمال المنزلي.
وحال أبو مطير كحال عشرات الآلاف من المواطنين في قطاع غزة، الذين انقطعت عنهم المياه بسبب تدمير الحرب للبنى التحتية لشبكة المياه.
وتقول أبو مطير للأناضول "انقطاع المياه فاقم من المعاناة التي نعيشها، فالصنابير جافة، ونقوم بتعبئة المياه في الأواني البلاستيكية والحديدية، ونستخدمها للشرب، والالتزامات المنزلية".
من جهته، يقول خميس ماضي، نائب الأمين العام للجمعية الإسلامية بغزة، إن الطائرات الإسرائيلية دمّرت بشكل كامل، خلال حرب السابع من تموز 2014 (استمرت حتى 26 أغسطس/آب من العام نفسه)، بئر المياه التابع للجمعية )هو واحد من عشرات الآبار التي دمرتها الحرب الإسرائيلية في القطاع. والذي يغذّي أكثر من 20 ألف شخص في منطقة الشاطئ".
ويشير ماضي أن تدمير البئر من شأنه أن "يهدد حياة الآلاف من السكان، وصحتهم"، مبيناً أن إعادة إعمار بئر المياه من جديد قد يكلّف (160-170) ألف دولار أمريكي، مؤكداً على ضرورة حل مشكلة المياه في المناطق المتضررة من الحرب بالقطاع.
وفي أنحاء مختلفة من قطاع غزة، يتكرر مشهد الأطفال الذين يحملون الأواني البلاستيكية، ويركضون تجاه محطات التحلية، لجلب احتياجاتهم من المياه، يومياً.
ويعتمد جميع سكان القطاع على محطات تحلية المياه في توفير مياه الشرب لهم، واستخدامها في الطهي أيضاً، لارتفاع نسبة التلوث والملوحة بنسبة كبيرة في آبار المياه الجوفية، مما يزيد من الأعباء المالية عليهم، في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة.
ويقتصر استخدام الغزّيين، على المياه التي تصلهم من البلديات، على أعمال التنظيف، لعدم صلاحيتها للشرب، لشدة ملوحتها.
ووفق دراسة صدرت مؤخرًا عن مصلحة مياه بلديات الساحل، وفريق المناصرة التابع لمجموعة المياه والصرف الصحي في الحالات الطارئة (دولية ومحلية تعمل في مجال المياه والصرف الصحي)، فإن "120 ألف شخص في قطاع غزة، لا تصلهم المياه، جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة".
وقالت عبير أبو شاويش، منسقة فريق المناصرة "هناك أيضًا 23% من الفلسطينيين غير موصولين بشبكات الصرف الصحي، جراء الأضرار التي خلفتها الحرب على هذه الشبكات".
وأوضحت أنه تم تصريف 90 مليون لتر من مياه الصرف الصحي المعالجة أو المعالجة جزئيًا إلى البحر، بسبب الأضرار التي لحقت بشبكات الصرف.
وأشارت أنه حتى اللحظة لم تتجاوز نسبة الإصلاحات الطارئة الأساسية للبنية التحتية للمياه والصرف الصحي، 20%، لافتة أن القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول مواد البناء هي العامل الرئيسي في ذلك.
ولفتت أبو شاويش أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة للعام الثامن على التوالي، فاقم من أزمة المياه، وعطّل تنفيذ 60% من المشاريع الممولة، وشح مواد البناء ومنع دخول المواد اللازمة والمضخات والأنابيب إلى القطاع.
من جانبه، قال مازن البنا، نائب رئيس سلطة المياه، (حكومية) في قطاع غزة، إن الحرب خلفت أضرارًا على قطاع المياه بقيمة 40 مليون دولار، مبيناً أن "جزءا بسيطاً جدًا تم استصلاحه من هذه الأضرار، وأنه لم يتم تنفيذ أية مشاريع إصلاح في بعض الأماكن التي تعرضت للتدمير الكامل؛ لأنها تحتاج إلى إعادة إعمار أولاً".
وحول الدراسة التي تقول إن 120 ألف شخص لا تصلهم المياه، أوضح البنا أنها صادرة بناء على إحصاء الأشخاص الذين يُفترض أن يكونوا في المناطق المدمرة كليًا والمبادة حتى اللحظة، مثل شرق مدينة غزة، وفي مناطق بخانيونس، ورفح جنوبي القطاع.