الحدث-غزة-محمد مصطفى
ثانيتان أو ثلاثة فقط، هي المدة الممنوحة للصياد كي يلقي شبكته اليدوية بسرعة ودقة تجاه سرب أسماك البوري المراوغة، وإلا فإن الأخيرة تغوص في الأعماق وتتفرق، ما يجعل الصياد يخرج شبكته خاوية.
فهذا النوع من الأسماك يكثر مروره من أمام شواطئ قطاع غزة في شهري أيلول/ سبتمبر، وأكتوبر/ تشرين أول من كل عام، وهي اسماك شهية تتفاوت أحجامها، غالباً ما تسير على وجه المياه بسرعة، وتعرف بذكائها ورشاقتها، ومهارتها العالية في الإفلات من الصيادين، ولا يمكن صيدها سوى بنوع واحد من الشباك، يتم إلقائه عليها، فتسقط الشبكة وتحكم الإغلاق على الأسماك، ومن ثم يتم سحبها يدوياً بصورة هادئة، وإخراجها وما بها من أسماك للرمال.
الصيد مبكراً
الصياد خليل عبد الرازق، أكد أنه يصطحب شبكته اليدوية في كل صباح، ويستقل دراجته النارية ويتوجه للشاطئ، ويترجل في البحر حتى تصل الماء عند ركبتيه أو أعلى بقليل، حينها يتوقف وطبق بيده على شبكته بين يديه، ويحدق عينيه في المياه، باحثاً عن الأسماك، التي ترى كالظل.
وقال: عبد الرازق: " بمجرد أن ألمحها قادمة استعد، وفور تواجدها في مرمى الشبكة، ألقي الأخيرة بكل قوة تجاهها، فتفتح الشبكة في الهواء وتسقط في المياه، وتشكل ما يشبه القفص على الأسماك، لأقوم لاحقاً بسحبها، وإخراجها من البحر، وتخليص الأسماك، وضعها في السل".
ونوه عبد الرازق إلى أن أسماك البوري مسعى لكل صياد، فبالإضافة إلى مذاقها المميز، فهواية صيدها ممتعة جداً، والصياد الذي ينجح بإخراجها من المياه يكون مميز، ولديه قدرة فائقة في الصيد.
مرة تصيب وأخرى تخيب
وبدت السعادة مرتسمة على وجه الشاب خالد عمر، بينما كان يهم بالخروج من المياه، ممسكاً بشبكته وبها ثلاثة سمكات بوري، وتبدو لامعة مع سقوط أشعة الشمس عليها.
عمر أسرع في تخليص الأسماك من الشبكة، وطلب من شقيقه وضعها إلى جانب ما اصطاده سابقاً، ومن ثم جهز الشبكة وتوجه إلى مكانه في الماء، باحثاً عن صيد جديد.
وبعد وقت قصير، انقض عمر فجأة وألقى شبكته، لكنه ضرب يده بالماء، وقال: لقد هربن..، ومن ثم اخرج الشبكة فارغة، وجهزها سريعاً وعاود الوقوف في المياه.
وأكد عمر أن صيد اسماك البوري من أصعب أنواع الصيد البحري، فمن يحترف هذا الأمر يجب أن يتصف بصفات عديدة، أبرزها الرشاقة والخفة، وسرعة البديهة/ وردة الفعل السريعة، والنظر الثاقب، كون الأسماك لا ترى بسهولة، والأهم الصبر وقلة الحركة خلال الوقوف، حتى لا تهابه الأسماك وتبتعد.
ونوه عمر إلى أن الموسم الحالي حتى الآن جيد، ونجح في غالبية الأيام بالعودة بكمية جيدة من الأسماك، بعضها باعه، وأخرى عاد بها إلى المنزل، وتناولها برفقة أفراد أسرته.
وأشار إلى أنه ينوي المداومة على الصيد طوال الشهر الحالي والشهر المقبل، وكله أمل بصيد كميات أكبر من أسماك البوري.
أسماك شهية
أما المواطن محمد أبو طه، وكان يتنقل بين الصيادين باحثاً عن اسماك بوري مناسبة لشرائها، فأكد أنه يفضل أسماك البوري عن غيرها من الأنواع، ويعتبرها الأفضل، لكن المشكلة أن هناك أنواع منها تربى في برك مياه عذبة، ويصعب التفريق بينها وبين تلك التي يتم صيدها في البحر.
وأشار إلى أنه لا يشتري هذا النوع من الأسماك إلى من الصيادين على الشاطئ، ويا حبذا لو شاهد عملية صيدها.
يذكر أن فصل الخريف من كل عام، يشهد هجرة أنواع عديدة من الأسماك، التي تمر قبالة شواطئ قطاع غزة، وينجح الصيادون في اصطياد كميات كبيرة منها، ما يجعلها متوفرة في الأسواق وبأسعار مقبولة.