الحدث - غزة
مع بداية ساعات صباح كل يوم، يخرج الشاب شادي ضهير، الذي يعاني من بتر في أطرافه السفلية، من بيته شرق مدينة غزة، يدفع كرسيه المتحرك بكلتا يديه، اتجاه سيارة زرقاء اللون، تقف بجوار المنزل.
ويعمل ضهير، الذي فقد ساقيه ويده اليسرى عدا اصبع الإبهام، جراء قذيفة إسرائيلية سقطت بجوار منزله، عام 2007، منذ عدّة أشهر، سائقًا لسيارة أجرة؛ لتوفير بعض من متطلبات عائلته.
ويتابع صاحب الـ (32 عامًا):" خسرت عملي كبائع حلوى، لعدم قدرتي على الوقوف مرة أخرى على قدميّ، وظيفتي الجديدة متعبة قليلا بالنسبة لي، لكن لا بديل عنها".
وأشار ضهير إلى أنه حاول كثيرًا البحث عن عمل مناسب له، لكنه لم يجد، مضيفًا:" فرص العمل ضئيلة جدًا للأصحاء، ونحن بالكاد نجد لنا، بُعت حلّي زوجتي واشتريت هذه السيارة بنظام التقسيط".
ووفق إحصائية صادرة عن البنك الدولي، في مايو/أيار الماضي، فإن نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43%، وتعد الأعلى في العالم، وأن نحو 80%، من سكان القطاع يحصلون على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40 % منهم يقبعون تحت خط الفقر.
وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة، منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الانتخابات البرلمانية عام 2006، ثم شددته في منتصف عام 2007.
وأوضح ضهير أنه "في بعض الأحيان، يفقد ركابا، في مواقف السيارات؛ لعدم قدرته على النزول من سيارته، وسؤال الزبائن عن وجهتهم ودعوتهم ليستقلّوا مركبته".
ورغم خطورة السيارة التي يقودها، لم يجد ضهير، وسيلة أخرى، لتوفير احتياجات أسرته، وتسديد أجرة المنزل الذي يقطن فيه، وفق تعبيره.
ويقول صاحب اللحية الخفيفة، إنه "حوّل فرامل مركبته بطريقة يدوية إلى مقود بجوار عجلة القيادة، ليتمكن من ممارسة مهنته الجديدة، ولكن هذا قد يشكل خطرًا على حياتي في بعض الأوقات".
وأكمل الأب لثلاثة أطفال وسيرزق بطفلين توأمين قريبا:" أتفحص السيارة يوميًا قبل الانطلاق إلى عملي، حفاظًا على حياة الركاب".
ويودّ ضهير لو يتمكن من الحصول على سيارة صنعت خصيصًا للأشخاص الذين يعانون من بتر أطرافهم السفلية.
وأكمل الريفي الذي يبدو هادئًا بطبعه، "أرغب بأن أوفر حياة كريمة لأطفالي، وأن أجلب لهم كل ما يريدونه، وسأستمر في عملي لأجلهم".
وشنت إسرائيل ثلاثة حروب على قطاع غزة خلال نحو سبعة سنوات، أودت بحياة الآلاف، وإصابة آلاف آخرين، فضلا عن تدمير كبير جدا في آلاف المنازل والمنشآت.
وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، التي بدأت في السابع من يوليو/ تموز الماضي واستمرت 51 يوما، خلّفت 11 ألف جريح، وبحسب الاتحاد العام للمعاقين في غـزة، فإن أكثر من 40% من هؤلاء الجرحى، أصيبوا بإعاقات سمعية وبصرية وحركية.