الحدث- غزة
وكالة الاناضول
يبدو المكان في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، أشبه بصحراء قاحلة، ويتكفل اللون الرمادي، الذي ينتشر في أزقة الشوارع، والأرصفة بفعل الغبار الكثيف، وأكوام الدمار، بقتل أي تفاصيل للحياة هناك.
وتحاول عائلة العجلة، التي جاءت كي تتفقد منزلها في اليوم الثاني من التهدئة الإنسانية (الأربعاء)، المعلنّة بين فصائل المقاومة وإسرائيل لمدة 72 ساعة، أن تبحث عن "حياة" بين ركام منزلها الذي أضحى كما غيره من عشرات البيوت في حي الشجاعية "أثرا بعد عين".
يسحب الفتى "نضال"، من تحت الأنقاض أريكة، يتمدد عليها، ولا يأبه لحرارة شمس أغسطس/آب الحارقة، ويتمنى كما يقول لوكالة الأناضول، لو أن عقارب الساعة تعود إلى الوراء قبل شهر، ليجلس على ذات الأريكة وهو مرتاح البال في بيتٍ لم تنل منه القذائف والقنابل الإسرائيلية.
ويتابع بصوتٍ مخنوق "لا أدري أين غرفتي، انتشلنا هذه الأريكة، من تحت الأنقاض، وجدنا بعض الأغطية.. نحن أحسن حالا من غيرنا".
ويُشير بيده إلى الحي الذي شهد ما وصفه سكان حي الشجاعية بالمجزرة، والمحرقة التي تسببت بمقتل وإصابة العشرات.
وتقول والدة نضال "هذه الحرب، هي حرب الدمار، حرب البيوت، إسرائيل أبادت الحي بأكمله، ولم تكتفِ بقتل الأطفال والنساء، بل دمرت الحي بأكمله، لقد تحولت البيوت إلى كتلة من الدمار، والخراب، ودمرت كل شيء؛ الشوارع، والمستشفى والمدارس".
وتتابع وهي تحبس دمعها عندما تتذكر طفلها الذي يرقد مصابا في مستشفى الشفاء بغزة "هذا البيت هو تحويشة (ادخار) العمر، راح (ذهب) في غمضة عين".
ويحاول أبناؤها من حولها البحث عن ذكريات، بين أكوام الضرر والخراب الذي لحق ببيتهم، وكلما وجدّ أحدهم ما يصلح لأن يبقى "ذكرى" تعالت صيحاتهم فرحا.
وعلى بعد خطوات من عائلة العجلة، أخذت عائلة "المناصرة" تتفقد بيتها، المكون من 4 طوابق، وتحول بفعل قنابل وقذائف القصف الإسرائيلي إلى كتلة مسحوقة من الرمال، ومن الذكريات، كما يقول "أسعد" رب الأسرة والأب لـ"تسعة" أبناء.
فلا شيء تبقى هنا، سوى صورة لجد رحل عن الحياة، ولعبة لطفل يرقد في المستشفى، مصابا.
ويُضيف أسعد لوكالة الأناضول "إنّها حرب الدمار، وحرب البيوت، لا شيء هنا يمت للحياة بصلة.. لقد انتهى كل شيء".
ويتساءل المناصرة، وهو يشير بيده إلى مستشفى الوفاء للتأهيل الطبي، شرق حي الشجاعية وقد انمحت كامل آثاره "هل يرى العالم هذه المشاهد؟، هل يشاهد كل هذا الخراب، والدمار؟، إنها حرب أبادت كل شيء (البيوت) و(المستشفيات) والمدارس".
ولا توجد "حياة" في حي الشجاعية كما يقول الطفل سعد أبو شنب، لوكالة الأناضول، فما منزل يضمه ولا غرفة تحتوي على ألعابه.
ويُضيف ابن التسعة أعوام "بدي (أريد) دارنا (بيتنا)، راحت (ذهبت)، قسفوها (قصفوها)، رجعولنا (أعيدوا) إياها".
وبدأ صباح الثلاثاء، سريان التعليق المؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة، بين الفصائل الفلسطينية، والجيش الإسرائيلي، لمدة 72 ساعة، بناءً على مقترح مصري، لتبدأ خلال هذه المدة مفاوضات حول التوصل إلى هدنة دائمة.
ورصدت وكالة الأناضول، أمس الاربعاء لليوم الثاني من التهدئة استمرار خروج عشرات النازحين من مدارس الإيواء، ومستشفى الشفاء بقطاع غزة وهم يحملون أمتعتهم، والأغطية، ويعودون إلى أماكن سكناهم.