راج في الآونة الأخيرة ظاهرة لم تكن معهودة من قبل، تمثلت في لجوء المواطنين الراغبين بإنشاء مساكن جديدة، لشراء قواعد خرسانية لمنازل تم تدميرها خلال العدوان الأخير، بعد استخراجها من باطن الأرض، وإعادة استخدامها كقواعد جاهزة، وإنشاء مساكن عليها.
شروط هندسية
وتسائل الكثير من المواطنين، حول صلاحية تلك القواعد، ومدى قدرتها على احتمال مباني متعددة الطبقات، وهل ستشكل خطراً على حياة من سيقطن تلك المنازل مستقبلا؟.
المهندس المدني فادي العبسي، ويدير شركة مقاولات جنوب قطاع غزة، أكد أنه بصفة عاملة يمكن أن تصلح هذه القواعد كنواة لإنشاء مساكن، لكن هذا يجب أن يخضع لشروط هندسية، ومواصفات خاصة.
وأوضح أن أهم تلك الشروط معرفة العمر الزمني للقاعدة، وكمية وسمك قضبان الحديد فيها، ونوع الباطون الذي استخدم في إنشائها، والتأكد من سلامتها ظاهرياً، إضافة إلى سلامة "الرقبة"، وهي الجزء العلوي من القاعدة، والحديد البارز منها.
ونوه العبسي إلى أن هناك شرط هام، متعلق بقواعد المباني المدمرة، خاصة تلك التي تعرضت للقصف بصواريخ من الجو، ويتمحور هذا الشرط حول نوعية الصاروخ الذي استهدف المبنى.
وتابع: هناك نوعان من الصواريخ التي تطلق على المباني، الأول ينفجر على السطح، ويشكل ضغط كبير على المبنى من الأعلى، ما يتسبب في انهياره، بينما ثمة نوع آخر من الصواريخ، يخترق طبقات الخرسانة للمبنى ويدخل إلى الأرض بعمق يتراوح ما بين 5-10 أمتار، ثم ينفجر، فيشكل ضغط عكسي من الأسفل للأعلى فينهار المنزل.
وبين العبسي أن النوع الثاني من الصواريخ هو الأخطر، كونه يشكل ضغط بعكس تصميم القواعد على الاحتمال، فهي مصممة لتحمل ضغط من الأعلى، لذلك فهناك تشكيك في سلامة تلك القواعد، بخلاف التي تعرضت للقصف بصواريخ من النوع الآخر.
وأوضح العبسي أنه بشكل عام يفضل إنشاء قواعد جديدة، تحوي حديد تسليح وفق خرائط هندسية معدة لاحتمال طبقات المنزل المقرر بنائها.
خطوة إجبارية
ويقول المواطن محمد الشيخ، واضطر لجلب قواعد منزل مدمر لشقيقه الذي بدأ ببناء منزله حديثاً، إن شح مواد البناء وارتفاع ثمن الأسمنت، يدفع المقبلين على البناء للبحث عن أية وسيلة توفر عليهم المال، لذا فإن بعضهم وكما فعلوا هم، يلجئون لشراء قواعد مستخدمة، وهي توفر 60% من تكلفة القواعد الجديدة.
ونوه الشيخ إلى أنه وفي محاولة لتوفير مبالغ إضافية، يلجأ لشراء حديد مستخدم، تم استخراجه من داخل كتل خرسانية لمباني مقصوفة، وتعديله وثمنه اقل من الجديد ب50% تقريباً.
ولفت إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في الارتفاع الكبير في أسعار الاسمنت في السوق السوداء، حيث يصل ثمن الطن الواحد من تلك السلعة إلى حوالي 1600 شيكل، علماً بأن ثمنه الأصلي لا يتجاوز 550 شيكل.
تردد ودراسة
أما المواطن إبراهيم سعيد، فأكد أنه لازال يدرس شراء قواعد مستخدمة لبناء منزل جديد، وقد استشار أكثر من مقاول ومهندس وهناك آراء متضاربة بهذا الشأن.
ولفت سعيد إلى أن الاضطرار لشراء مثل هذا النوع من القواعد، يعود لتكلفة الأخيرة العالية، فهمي تحتاج إلى كميات كبيرة من الخرسانة والحديد، وهي في النهاية ستدفن تحت الأرض، وإذا ما وثق واطمأن لصلاحيتها، وقدرتها على حمل طبقات المنزل، سيبحث عنها، وهي باتت متوفرة، خاصة مع استمرار رفع أنقاض المنازل المدمرة، واستخراج القواعد المدفونة من تحت الأرض.
وفي الغالب يتم شراء القواعد المذكورة، ونقلها بوساطة شاحنات كبيرة إلى موقع البناء المقصود، وبعد حفر مكان المبنى وتسويته، وتجهيزه، يتم إنزال القواعد برفق بواسطة رافعات، في المكان المحدد، ووفق نظام هندسي سليم، ليتم لاحقاً دفنها بالرمال، وإنشاء أعمدة خرسانية فوقها، واستكمال باقي أجزاء المبنى.