بعد مرور اثنين وعشرين عاما على توقيع إتفاقية اوسلو، وغياب أي افق للتوصل الى تسوية سلمية وقيام اسرائيل بمزيد من القتل والدمار اضافة لقيامها ببناء عشرات الالاف من الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة، بدات السلطة الفلسطينية تفكر في الغاء هذه الاتفاقية او بعض بنودها.
هذا وكشف عدد من المسوؤلين في منظمة التحرير عن نية السلطة الفلسطينية، الاعلان عن ذلك خلال كلمة للرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة نهاية الشهر الحالي.
وكان صالح رأفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كشف أن الرئيس محمود عباس سيعلن وقف التنسيق الامني ووقف العمل باتفاق باريس الاقتصادي وكافة اشكال العلاقة مع الاحتلال خلال خطابه القادم في الامم المتحدة.
وحذر عدد من الخبراء لـ" الحدث" من أن المتضرر الأكبر من إلغاء هذه الإتفاقية هو الشعب الفلسطيني.
وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية فايز عباس، "إن إنهاء اتفاقية أوسلو يعني ضمنياً حل السلطة، وبالتالي هذا سيضع الكثير من الأعباء على إسرائيل وهو ما ترفض تحمله".
ولفت عباس،إلى أنه في حال أقدمت السلطة الفلسطينية على هذه الخطوة، فان اسرائيل ستكون مضطرة أن تتحمل مسؤولية الضفة الغربية امام الرأي العام العالمي، وهو الامر الذي لن تسمح به، اضافة الى انها ستنظر للموضوع من ناحية اقتصادية بانفاقها مليارات الدولارات على التنمية والإستثمار في الضفة الغربية، وستكون مجبرة على تحمل مسؤولية أكثر من 200 الف موظف سيفقدون عملهم بمجرد حل السلطة وكافة مؤسساتها.
وشدد عباس على أن إسرائيل "ستحاول بكل الأشكال أن تضغط على السلطة الفلسطينية وكافة قياداتها بهدف التراجع عن فكرة إنهاء اتفاقية اوسلو، وستعمل على مستويين بهدف تحقيق ذلك وهما: زيادة الضغط وسياسة القمع ضد الفلسطيين، وتحريض الرأي العام المحلي على السلطة الفلسطينية، وثانيا العمل لحشد ضغوطات دولية تجبر السلطة على التراجع.
وأضاف: " إسرائيل هي المستفيد الوحيد من اتفاقية أوسلو، وستقوم بكل ما يلزم لمنع ايقافها، ستفتعل الفوضى في الضفة الغربية وتوجه الإتهامات إلى الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية". وأردف بأن أي فوضى ستحصل فيما بعد لن تشكل خطراً حقيقياً على إسرائيل بل إن الفلسطيين هم المتضرر الأول والمباشر لأي خلل امني في المنطقة.
ومن جانب أخر قال عباس، إنه لا يمكن إلغاء بروتوكول باريس الإقتصادي، وإنه حتى في حال الغائه لن يؤثر على الإقتصاد الإسرائيلي، فإسرائيل تسيطر على كافة المعابر والموانئ، وتمر كافة المعاملات التجارية الفلسطينية المتعلقة بالاستيراد والتصدير عن طريقها، و بالتالي ستستفيد إسرائيل من الفلسطيين إقتصاديا باتفاق أو بدون اتفاق، على حد قوله.
ويتوقع عباس أن تضطر إسرائيل إلى تقديم تنازلات، وان تعود للمفاوضات مع الجانب الفلسطيني كحل أخير بهدف الإبقاء على أوسلو.
يذكر أن اتفاقية أو معاهدة أوسلو، أو أوسلو 1، والمعروف رسمياً بإسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الإنتقالي هو اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
ومن جهته اعتبر المحلل السياسي هاني المصري، أن كل ما يقال عن إلغاء اتفاق أوسلو هو "مجرد تهديدات وكلام للاستهلاك، وان السلطة الفلسطينية غير مستعدة لمواجهة تبعات ذلك.
وراى المصري، أن على السلطة الفلسطينية أن توفر البدائل قبل أن تنزلق نحو هذا المنحى، وأن تعد الفلسطيين للمواجهة من خلال توفير مصادر دعم، وشبكة عربية دولية توفر الأمن في المنطقة، كما أنه عليها إنهاء الإنقسام، قائلا: "إننا حين نصبح أقوياء يسمعنا الجميع".
وبين المصري أن السلطةفلسطينيةا بقيت متمسكة بأوسلو، رغم أن القانون الدولي يعفيها من ذلك كون الطرف الأخر قد حل نفسه من الإتفاق، موضحاً أن سبب ذلك هو نشوء طبقة تستفيد وتحقق مصالحها عبر أوسلو، وهي غير معنية بزوالها.
وراى المصري ان "غياب السلطة يعني فراغ سياسي سيتسبب بفوضى عارمة" مستبعدا أن تضم إسرائيل فلسطيني الضفة الغربية إلى "دولتها"، بل إنها ستقوم بتقسيم الضفة الغربية إلى حكومات وسلطات محلية تتولى الأمن فيها وتقوم بدور بديل للسطة، حسب تعبيره.
وجرى في "إعلان المبادئ"، (اتفاق أوسلو)، الاتفاق على التفاوض بالسنوات الخمس التي تلي توقيعه على مناقشة قضايا الحل النهائي، وهي الاستيطان والقدس والأمن والحدود واللاجئين والمياه، تمهيداً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهو ما تهرّب منه الاحتلال، وعمد إلى سلب الأرض الفلسطينية، ونهبها، لاستكمال مخططاته، من دون الاكتراث بأي اتفاقٍ قد يقود للسلام.