الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

القــدس بقلم: تيسير الزّبري

صريح العبارة

2015-09-18 08:57:11 PM
القــدس بقلم: تيسير الزّبري
صورة ارشيفية

 كيفما تفكرنا في أمر القدس، فنحن نُرجع كل ما يدور فوق أرضها المقدسة عموماً، والأماكن الدينية خصوصاً إلى سبب يتعلق بتجليات الصراع السياسي الدائر بين الفلسطينيين العرب واليهود المحتلين للقدس وكل فلسطين .

هناك حرب سياسية تديرها دولة الاحتلال بكل تعال وعنصرية ضد أبناء فلسطين ؛ مسلمين ، ومسيحيين وادعاءات بتاريخ توراتي عمره حوالي أربعة آلاف عام، يحاول أصحاب هذه الادعاءات شطب التاريخ المسيحي والإسلامي فوق القدس، وفرض وقائع جديدة سياسية وأشكال من الحروب الدينية التي  تجاوزتها كل شعوب الأرض .

لا أحد ينكر أن أنبياء مثل سليمان وداود قد حكموا في القدس فترات قصيرة من الزمن، ولا أحد يجب أن ينكر أيضاً أن الأشوريين قد قاموا بسبي اليهود إلى العراق مرتين في التاريخ القديم، وأن الهيكل قد دُمر أيضاً مرتين ولا يوجد حتى الآن أي أثر لذلك الهيكل، كما لا يجب أن ينكر أحد بأن الأمير الإسلامي عمر بن الخطاب قد فتح القدس، في بداية القرن السابع الميلادي ، وأنه قد استلم مفاتيح القدس من البطريرك صوفرونيوس بوثيقة معروفة بالتاريخ "العهدة العمرية" وأن مفاتيح كنيسة القيامة ما زالت حتى اليوم بيد أسرة من المسلمين مقدسية وعريقة "آل نسيبة" وبأن أمير المسلمين آنذاك رفض الصلاة في موقع الكنيسة حتى لا يأتي أحد بعده يبني مسجداً مكان كنيسة القيامة، ببعد نظر يفتقده الكثيرون اليوم  !

الوقائع التاريخية تلك هي ملك للبشرية ولشعوب المنطقة ، لكن الإرهاب السياسي، والاحتلال أحد أشكاله - والطائفية الدينية – والمطالبة بالاعتراف بيهودية الدولة هي من تعطل روح التسامح بين الأديان السماوية "اليهودية، والنصرانية، والإسلامية "، ويجري بكل جلافة تبديل مسار التاريخ وجوهر الإنسان وحبه واحترامه لأخيه الإنسان – مهما كان دينه .

سوف يبقى الصراع في القدس وحولها _ كما هو الحال راهناً _ ما دام هناك احتلال، وعندما يتحرر المسلمون والمسيحيون من الاحتلال "وطلائعه" الاستيطانية وتقوم دولة فلسطين الحرة الديمقراطية، ويعود اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم التي هجّروا منها، عندها يمكن الاتفاق على حل بتوافق كل أصحاب الديانات على حرية ممارسة شعائرهم الدينية، وحينها يصبح للتسامح معنى واضحاً، أما الاحتلال والعنصرية الراهنان فلن يقدما حلاً، بل سوف يواصلان فتح الجراح أو إيجادها وتأجيج نيران الصراع الديني في منطقة تحج إليها كل شعوب الأرض، بلاد مقدسة وجميلة، ولها تاريخ إنساني عميق، يحاول الصراع السياسي تدمير كل تاريخها ويزرع الألغام في طريق الأجيال القادمة ..!