الحدث - محمد مصطفى
بات المشهدان الأبرز في قطاع غزة، هما طوابير طويلة من السيارات والحافلات وكذلك الشاحنات، تصطف أمام محطات تعبئة الوقود، التي حصل ملاكها على حصة محدودة من السولار أو البنزين، بينما تمثل المشهد الآخر في رؤية مجموعات من المواطنين، يتوقفون داخل المواقف العمومية وعلى أرصفة الشوارع، بانتظار مركبات تقلهم إلى حيث يريدون، في إشارة واضحة لحدوث أزمة مواصلات جديدة.
فلا زال إغلاق معبر كرم أبو سالم، وهو المنفذ التجاري الوحيد المفتوح أمام قطاع غزة، عدة أيام بسبب الأعياد اليهودية والعطلة الأسبوعية، يلقي بظلال سيئة على سكان القطاع، بعد أن تسبب هذا الإغلاق في نفاذ العديد من أنواع السلع والبضائع، وفي مقدمتها الوقود السائل.
أزمة ومعاناة
وأمام إحدى محطات تعبئة الوقود جنوب القطاع، شوهد طابور طويل من المركبات العمومية، يمتد إلى أكثر من 300 متر، وقد دفع الملل وطول الانتظار السائقين للخروج من السيارات، والوقوف إما قرب مركباتهم، أو التجمع لتبادل الأحاديث وكسر حدة الملل.
ويقول السائق أحمد جبر، إن نحو ساعة مضى على وقوفه في الطابور، ولغاية الآن لم يصل الوقود إلى المحطة، فقد تدافع هو وغيره من السائقين إلى الأخيرة، بعد أن علموا قرب وصول الوقود إليها.
ولفت جبر إلى إن الحصول على 20 أو 30 لتر من وقود السولار بات أمر شاق، ويتطلب الوقوف في طابور، وقبله إجراء اتصالات، وهذا أرهقه وغيره من السائقين، وأثر سلباً على ملهم ومدخولاتهم.
ونوه جبر إلى أن وقته في النهار ينقسم إلى ثلاثة أجزاء، فهو يقضي ثلث يوم تقريباً بانتظار الحصول على وقود، متنقلاً بين المحطات، بينما الثلث الثاني يعمل على مركبته، وحين يشارف الوقود على النفاذ، يعود ليقضي الثلث الأخير في المنزل، وهذا أصبح جدول يتكرر بصورة يومية، منذ اليوم الثاني من إغلاق معبر كرم أبو سالم مطلع الأسبوع الماضي، ما يعني أنه فقد ثلثي دخله بسبب الأزمة.
وحذر جبر من قرب حدوث سوق سوداء لوقود السولار، فهناك من يقفون في طوابير لتعبئة جالونات من السولار، بحجة استخدامه للمولدات، ومن ثم يبيعونه لسائقين مقابل سعر أعلى، وهذا غالباً ما يحدث عند كل أزمة.
معاناة الموظفين والطلاب
وانعكست أزمة شح الوقود على المواطنين عامة، خاصة الموظفين والطلاب، ممن باتوا يواجهون صعوبة بالغة في العثور على مركبة تقلهم إلى أعمالهم أو جامعاتهم، أو حيث يريدون.
ويقول الطالب يوسف فارس، إن الانتقال إلى جامعته من مدينة رفح إلى مدينة غزة "حوالي 45 كيلو متر"، بات أمر بالغ الصعوبة، فعدد الحافلات التي كانت تصطف يومياً قرب المواقف العمومية في تناقص، بينما سائقي المركبات يضعون فيها أكبر من حولتها، والراكب بات مضطراً للسكوت، رغم ما يتعرض له من ضيق وإرهاق بسبب هذا السلوك، خوفاً من أن يقوم السائق بإنزاله، فثمة الكثيرين يتمنون الصعود مكانه.
وتمنى فارس أن تنتهي الأزمة بأسرع وقع ممكن، ويتوفر الوقود بصورة طبيعية، ويصبح التنقل أمر سهل.
أزمة بنزين
أما المواطن محمد جراد، ويمتلك دراجة نارية، فأوضح أنه في البداية لم يشعر بالأزمة، كونها كانت منحصرة في وقود السولار، لكن مع مرور الوقت وزيادة عدد أيام إغلاق معبر كرم أبو سالم، انتقلت الأزمة لتشمل البنزين، وبات يواجه صعوبة في تعبئة خزان دراجته النارية بالوقود، فهو وفقما أكد لا يستطيع الاستغناء عنها، كونه يقطن منطقة ريفية نائية، وهي ضرورية لتنقلاته.
ولفت جراد، إلى أنه اقترض في مرة عدة لترات من أحد الأصدقاء، بينما صدف في أخرى بقايا وقود كان لازال متواجداً في إحدى المحطات، وها هو يسعى لتعبئة جالون احتياطي، ووضعه في منزله، لاستخدامه وقت الطوارئ، خاصة مع توقعاته بإغلاق معبر كرم أبو سالم أيام إضافية، بسبب الأعباء اليهودية، وعطلة عيد الأضحى المقبلة.
يذكر أن المعبر المذكور بات الطريق الوحيد لإيصال المحروقات بكافة أشكالها إلى قطاع غزة، بعد أن كان الأخير يعتمد لثلاث سنوات متتالية على الوقود المصري المهرب عبر الأنفاق، لتلبية متطلبات سكانه.