في أحد أكبر متاجر قطاع غزة لبيع أنواع الشوكولاتة المستوردة والفاخرة، تنتقي الفلسطينية رندة ناجي، قطعًا مختلفة الأشكال والألوان من الشوكولاتة التي اصطفت داخل صناديق، بشكل ملفت وجذّاب، استعدادًا لتقديمها لضيوفها خلال أيام العيد.
وتقول ناجي(38 عامًا)، إنها لم تتخلف مطلقًا منذ سنوات عن شراء الشوكولاتة قبل حلول الأعياد، فهي تعتبرها ضيافة أساسية تميز العيد عن باقي المناسبات، ويجب أن تكون حاضرة على مائدة استقبال المهنئين.
وأضافت بعد أن قامت بتعبئة كيس من أحد أنواع الشوكولاتة الألمانية:" تقديم الشوكولاتة للضيوف، عادة ارتبطت بالأعياد لدى الفلسطينيين، ولا أستطيع تخيل قدوم مناسبة كهذه دون أن أشتري هذه الحلوى".
وتعتبر الشوكولاتة الضيافة الرئيسية في بيوت الفلسطينيين، خلال أيام الأعياد، حيث يقدمونها مع القهوة المرّة، ولا يكاد يخلو منزل في قطاع غزة من "شوكولاتة العيد"، كما يطلق عليها الفلسطينيون.
وتشهد أسواق الشوكولاتة المستوردة والمحلية، في قطاع غزة، إقبالا ملحوظًا من قبل الزبائن، خلال مواسم الأعياد.
ورغم استمرار الحصار الإسرائيلي للعام الثامن على التوالي، إلا أن أسواق غزة، شهدت في الآونة الأخيرة، افتتاح أقسام ومتاجر خاصة لبيع الشوكولاتة فقط.
وأرجع تجار فلسطينيون هذا الانتعاش في مجال بيع الشوكولاتة، لاستيراد عشرات الأنواع الأجنبية والعالمية، وسط إقبال من الزبائن على شرائها، رغم تردي الأوضاع المعيشية في قطاع غزة.
ووفق إحصائية صادرة عن البنك الدولي، في أيار الماضي، فإن نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43%، وتعد الأعلى في العالم، وأن نحو 80%،
من سكان القطاع يحصلون على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40 % منهم يقبعون تحت خط الفقر.
ولأنه يرغب في إدخال البهجة على قلوب صغاره، اصطحب أنور زين الدين، أبنائه، إلى السوق، لشراء "شوكولاتة العيد".
وابتاع زين الدين الأب لثلاثة أطفال، كيسًا من الشوكولاتة، التي اختارها صغاره من بين الأنواع المعروضة، في المتجر.
وقال زين الدين:" إن شراء الشوكولاتة في العيد يدخل البهجة على قلوب الصغار، أعتقد أنها فرحة العيد بالنسبة لهم، بجوار الملابس الجديدة ايضًا".
وأضاف:" السوق مليء بأنواع مستوردة من الشوكولاتة، وذات جودة عالية، وما يشجعني على شراءها، رغم ارتفاع أسعارها، أن هناك انخفاض بأسعار بسبب قدوم العيد".
وتسبب التنافس بين المتاجر على جذب الزبائن، في حدوث مضاربات في الأسعار بين المتاجر.
ومنذ نحو ثلاثة أشهر، عكفت منال أبو حمدة (45) عامًا على ادخار بعض النقود، لشراء نوع فاخر من الشوكولاتة.
وتقول للأناضول إن احترامها لضيوفها، يُترجم من خلال تقديم أنواع فاخرة وجيدة، وأنها لا تفضل شراء الأنواع زهيدة الأثمان، كي تحظى برضى زوارها في العيد.
وتضيف:" مهما كانت أوضاعنا المعيشية سيئة، يجب ان أشتري شوكولاتة جيدة، وعدم تقديمها من وجهة نظري اعتبره، شيئًا سلبيًا في حق نفسي وعائلتي".
وتتراوح أسعار الشوكولاتة الفاخرة، ما بين 50 شيكل -180 شيكل، (13-46 دولارا أمريكيا)، فيما تتراوح قيمة الأنواع المحلية والمستوردة الزهيدة بين 10 شواكل و 30 شيكل (2.5-8 دولار).
ولم يستطع معتز أبو غبن، شراء نوع فاخر من الشوكولاتة لأطفاله، رغم طلبهم ذلك منه عدّة مرات، وفق قوله.
ويتابع أبو غبن "32 عامًا" الذي يعمل بائعًا متجولا للمثلجات:" اشتريت نوعًا رخيصًا، أريد ان أدخل الفرحة على قلوب أبنائي، فأنا أيضًا لم أشترِ كافة ثياب العيد لهم".
وأشار أبو غبن أنه لم يستطع شراء مستلزمات "كعك العيد" لزوجته، وهذا دفعه لابتياع الشوكولاتة حتى وإن كانت رخيصة الثمن، وليست ذات طعم جيّد.
واعتاد الفلسطينيون صناعة الكعك بكافة أشكاله وأحجامه مع اقتراب العيد، ويعد الكعك من الحلوى الرئيسة أيضًا التي تزين موائد استقبال الضيوف.
ويقول عماد الباز، وكيل وزارة الاقتصاد الفلسطينية في قطاع غزة، إن:" قطاع غزة يستورد عشرات الأطنان من الشوكولاتة خلال مواسم الأعياد، رغم استمرار الحصار والفقر".
وأضاف :" لم ترصد الوزارة بعد كمية الاستيراد والاستهلاك لأنواع الشوكولاتة المحلية والمستوردة، لكنها تقدر بمئات الأطنان، فهي عادة لا تكاد يتركها أي فلسطيني".
ووفق بيان أصدرته الوزارة، عقب عيد الفطر الماضي، فإن قطاع غزة استهلك خلال أيام العيد الثلاثة 940 طنا من الشوكولاتة، المستوردة ذات الأسعار والجودة المرتفعة أو المنخفضة، والمحلية.
وأشار الباز إلى أن الاقبال على الشوكولاتة الفاخرة يقتصر على الطبقة الغنية في معظم الأوقات، وهي فئة محدودة في قطاع غزة،
بينما الشوكولاتة ذات الأسعار المنخفضة فيقبل عليها الفقراء ومعظم الغزّيين، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشونها.
وفي وقت سابق حذّر مراقبون وخبراء فلسطينيون من تسارع انتشار الفقر بوتيرة مخيفة، حتى بات يمتد للطبقة المتوسطة،
وذلك جراء استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وتوالي الأزمات والحروب الإسرائيلية.
وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة، منذ منتصف عام 2006، عقب فوز حركة حماس في الانتخابات البرلمانية، بأغلبية المقاعد.