لم تخل أيام العيد من بعض المنغصات، التي سلبت المواطنين فرحة وبهجة كان يفترض أن يعيشوها في تلك الأيام المباركة.
ومن بين تلك المنغصات أزمة الوقود، التي كان لها آثار سلبية عديدة، بعضها خص السائقين، وملاك المركبات والدراجات النارية، وأخرى أثرت على المواطنين، وألحقت ضرراً بهم.
طوابير وسوق سوداء
وأنهك السائقون من كثرة الوقوف في طوابير طويلة للحصول على غايتهم من الوقود، بينما انصرف آخرون للبحث عن السلعة المفقودة في السوق السوداء، وشرائها ولو بسعر أعلى، فيما اختصر سائقون الطريق، وراحوا يضعون زيت الطعام كوقود بدلاً من السولار.
ويقول السائق محمود منصور، إنه سئم الوقوف في طوابير، والانتظار لساعات حتى يحصل على كمية من الوقود السائل، فبدأ بالبحث عنه في السوق السوداء، حيث يقف بعض العاطلين عن العمل في طوابير، ويملئون جالونات، بدعوى استخدامها لتشغيل مولدات، ومن ثم يبيعونها للسائقين مقابل 20 شيكل إضافية لكل جالون.
وأوضح منصور لـ"الحدث"، أنه يضحي ب مبلغ إل 20 شيكل مقابل إراحة نفسه، وضمان استمرار تحرك مركبته في نقل الركاب، فتوقفها لساعات أمام المحطات يلحق به خسارة مادية تفوق فارق سعر الوقود بأضعاف، لاسيما أن الفترة الحالية موسم، والحركة على أشدها، وهناك نقص في إعداد المركبات العاملة.
العودة لزيت الطعام
أما السائق خالد عبد الحي، فأكد أنه اختصر المعاناة، والوقوف في طوابير، أو الوقوع تحت رحمة المحتكرين في السوق السوداء، والذين قد يخلط بعضهم وقود السولار بالماء أو الزيت، لزيادة كميته، وتحقيق عائد مادي أعلى، وبدأ بوضع زيت الطعام في خزان الوقود الخاص بمركبته، رغم إدراكه المسبق بالأضرار التي ستترتب لاحقا على ذلك.
ونوه عبد الحي، إلى أنه يحاول خلط الزيت بكميات من وقود السولار في حال توفر الأخير، لتقليل الأضرار قدر المستطاع، وهو سيواصل العمل بهذه الطريقة، حتى يتوفر الوقود من جديد، ويملأ المحطات، ويصبح الحصول عليه أمر سهل، لا يحتاج الوقوف في طوابير.
ولفت لـ"الحدث" إلى أن القليل من السائقين من يغامرون ويضعون الزيت كوقود، ومعظم هؤلاء يمتلكون سيارات قديمة، ومحركاتها تعاني مشاكل أصلاً، أما السائقين ممن يمتلكون مركبات حديثة، اشتروها بمبالغ كبيرة، فلا يغامرون بمثل هذه الخطورة، حتى لو اضطروا لوقف المركبات عن العمل.
ونجمت أزمة الوقود عن توالي الأعياد اليهودية، والتي تغلق إسرائيل خلالها معبر كرم أبو سالم، وهو المنفذ التجاري الوحيد مع قطاع غزة، وتمنع تدفق الوقود وباقي أنواع السلع للقطاع المحاصر.
معاناة مواطنين
ولم يسلم المواطنون من المعاناة جراء أزمة الوقود، فقد تضاعفت في أيام العيد أزمة المواصلات بصورة لافتة، إضافة إلى الأذى الذي تسببته روائح عوادم السيارات التي تستخدم زيت الطعام.
وأكد المواطن زكريا شعبان، إنه واجه مصاعب كبيرة في أيام العيد خلال محاولته التنقل بين أحياء ومخيمات مدينة رفح، لتبادل التهاني مع أقربائه، وإهدائهم لحوم الأضحية.
وبين أنه كان يضطر للانتظار وقت طويل حتى يجد مركبه تقله، وفي بعض الأحيان كان يستقل دراجة "توك توك"، أو شاحنة، وهذا أشعره بالمعاناة.
ونوه شعبان لـ"الحدث" إلى أن أزمة المواصلات أفقدته جزء من بهجة العيد، وأضاعت الكثير من الوقت وهو يبحث عن وسيلة مواصلات.
أما المواطنة "أم عبد الرحمن" ، فأكدت أنها باتت تتأذى بشدة من روائح العوادم القاتلة للسيارات، وبينما تسير في الشوارع تشعر للحظات أنها في مطبخ، فالرائحة التي تصدر عن بعض المركبات تشبه إلى حد كبير رائحة قلي البطاطا أو الباذنجان بواسطة زيت قديم أصابه العفن، ما يضطرها وضع جزء من منديلها على انفها لتقليل وصول الرائحة.
وطالبت"أم عبد الرحمن"، الجهات المختصة بالعمل من أجل وقف ومنع استخدام زيت الطعام كوقود، لما له من أضرار صحية خطيرة على الناس، ومخاطر على البيئة، كونه عادم خطير، والتوسع في استخدامه سيجلب كوارث على المدى البعيد.