الجهات الرقابية التي تراقب على المؤسسات الحكومية، هي التي يجب أن تُفرض عليها الرقابة
800 مليون دولار تلقتها العام الماضي من الدول والمنظمات الدولية
تجاوزات إدارية ومالية في 1082 منظمة ومؤسسة غير حكومية
باستثناء السعودية والجزائر، السلطة الوطنية تتعرض لحصار مالي عربي
الحدث/ خاص
كشف رئيس الوزراء د. رامي الحمد لله، عن تجاوزات إدارية ومالية في 1082 منظمة ومؤسسة غير حكومية من بين 2882 مؤسسة في الضفة الغربية، واستناداً إلى تقرير وزارة الداخلية، فإن هناك 500 مؤسسة من هذه المؤسسات غير فاعلة على الإطلاق، سوى أنها تتلقى الدعم المالي والأموال باسم الشعب الفلسطيني.
وأكد رئيس الوزراء أن الفاعل من المؤسسات غير الحكومية في الضفة الغربية، 500 مؤسسة فقط، معلناً تشكيل لجنة من الرئاسة ورئاسة الحكومة ووزارة الداخلية، وتقوم الأن بالتدقيق على كل الجمعيات والمؤسسات وقال: "ستسمعون خلال أيام قليلة عن عدد المؤسسات التي سيتم إغلاقها".
وقال د. الحمد الله: "تلقت هذه المؤسسات، غير الحكومية، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الماضي حوالي 800 مليون دولار من الدول والمنظمات الدولية، التي تقوم بتوظيف أجانب فيها برواتب تقدر بـ 20 ألف دولار فما فوق لكل موظف، ويحتسبون تمويل هذه المؤسسات ضمن مساعدات الشعب الفلسطيني، مقابل 400 مليون دولار تم تقديمها للحكومة في نفس الفترة".
وتابع رئيس الوزراء مشدداً: "أن الجهات الرقابية التي تراقب على المؤسسات الحكومية، هي التي يجب أن تُفرض عليها الرقابة، معلناً تحديه لهم في الكشف عن حقيقة وقيم الرواتب التي يتلقونها في تلك الجهات، والتي يأخذونها فقط بواسطة شيكات دون الضريبة التي يتهربون منها، وجزء منها يقومون بتحويله إلى بنوك خارج الوطن، متهماً جمعيات تحتمي بالقانون الإسرائيلي".
وتعهد رئيس الوزراء مع الرئيس محمود عباس "أبو مازن" بإنهاء هذا الوضع خلال فترة قريبة، وقال: "هذه الأموال التي تتلقاها هذه المؤسسات هي من حق الشعب الفلسطيني، والمشكلة الأكبر أن الجهات التي تسمي نفسها رقابية وتطل علينا بتقارير الشفافية والنزاهة، هي التي يجب أن تتم مراقبتها".
وأكد الحمد الله، أن أصحاب هذه الأموال التي يتلقونها باسم دعم الشعب الفلسطيني، اصبحوا يقتنون عمارات ويأجرون ويبيعون شقق سكنية، ومنهم من اصبح يمتلك استثمارات ومزارع وبيارات، لذا يجب التركيز على تصويب اوضاع هذه المؤسسات.
وبالمقابل فإن رئيس الوزراء أكد أن نسبة النزاهة والشفافية في الحكومة تتجاوز 98%، وأن المدير العام في الوزارات والمؤسسات الحكومية يحسب مليون حساب قبل توقيعه على أي وثيقة، ولكن الأمر نفسه حدث ولا حرج في المؤسسات غير الحكومية.
وأعلن د. الحمد الله، تحديه إن وجدت النزاهة والشفافية في أي دولة مثلما هي موجودة في الحكومة الفلسطينية ومؤسساتها، مع أنه لم ينف وجود أخطاء ومشاكل هنا وهناك في المؤسسات الحكومية، ويعتقد أن المؤسسات غير الحكومية تحتاج إلى رقابة، للفساد الذي بداخلها.
وكشف رئيس الوزراء عن تقديم بعض المؤسسات والمنظمات غير الحكومية بشكوى ضده لوزارة الخارجية الأمريكية والإدارة الأمريكية، واستناداً إليها قال: "تمت مراجعتي عن الشركات غير الربحية التي تطرق لها القانون ببند خاص، وهي 205 شركات في الضفة الغربية، يطالب هذه الجمعيات أو الشركات غير الربحية بوجوب التبليغ عن الأموال التي تدخلها إلى الضفة الغربية ويوزعونها هنا وهناك، وعليها أن تشعر مجلس الوزراء وتأخذ موافقته بإدخالها، لذلك تقدموا بشكوى ضدي".
ووصف ذلك بـ "قلب للنظام السياسي"، بحجة حقوق الإنسان وقال: "لذلك ستسمعون يوماً ما أن هذه الجهات الرقابية التي تراقب علينا هي التي تحتاج إلى رقابة، وسنتابع المؤسسات غير الحكومية ولن تبقى هذه الجمعيات على حالها في البلد، وهذا المال الذي تدخله يجب أن يأتي للعائلات المحتاجة وللأسرى وأسر الشهداء وتحول إلى مشاريع استثمارية لتشغيل العاطلين عن العمل فيها".
تفويض بحرق سيارات كل من يهرب منتجات المستوطنات
ويقر رئيس الوزراءبعدم فاعلية القضاء تجاه المخالفين والمهربين، مؤكداً على حاجةقانون العقوبات للتعديل، وقال: "أقدم تفويضاً بحرق سيارات كل من يهرب منتجات المستوطنات، فمن يقوم بتهريب البطيخ في موسم البطيخ الفلسطيني بهدف قتل أهل الغور فهو خائن ومتآمر على الكل الوطني، ويجب تفعيل قانون مكافحة بضائع منتجات المستوطنات".
وكشف د. الحمد الله عن أن الرئيس سيوقع قريباً جداً خلال أيام قانون العقوبات الجديد والذي ستصل فيه العقوبة إلى المؤبد، والغرامة ستصل إلى 250 ألف دينار أردني أو السجن.
حصار مالي عربي باستثناء السعودية والجزائر
وأقر رئيس الوزراء بفرض حصار مالي وصفه بالقاسي على السلطة الوطنية منذ أكثر من سنة، لكنهم يرفضون الإعلان عن ذلك: "الدولتان الوحيدتان الملتزمتان بالدفع من الدول العربية هي المملكة العربية السعودية التي تدفع كل 3 أشهر 60 مليون دولار، بواقع 20 مليوناً شهرياً، من المتوقع تسلمها نهاية شهر أيلول الجاري، إضافة إلى دولة الجزائر التي تدفع 52 مليون دولار سنوياً دفعتها في شهر آذار من العام الحالي، وقطر دفعت لنا آخر مرة، وعلى ثلاث دفعات في 2013 مبلغ 150 مليون دولار، والكويت دفعت 15 مليون دولار خلال السنتين الأخيرتين. ولكن الإمارات العربية منذ 2012 لم نتلق منها أي فلس. ولم يصلنا فلس واحد منذ شهر آب وأيلول من أي دولة".
كل هذا جاء في الوقت الذي جمدت فيه الإدارة الأمريكية مساعداتها للسلطة الفلسطينية لهذا العام الـ 290 مليون دولار، وأوضح رئيس الوزراء، حينما قلنا لهم أتريدون استقراراً في المنطقة، وتقومون بتجميد مساعداتنا، ردوا علينا قائلين: "هذا ثمن ذهابكم إلى الأمم المتحدة والانضمام لعضويتها"، لكنهم وعدونا بإعادة النظر في قرارهم في نهاية شهر أيلول الحالي.
وبالنتيجة قال د. الحمد الله: "فإن الاتحاد الأوروبي هو الملتزم الوحيد سياسياً ومالياً، وموقف فرنسا متقدم عن معظم الدول".
إجراءات تقشفية
وفي مواجة ذلك قال د. الحمد الله: "بدأنا في الحكومة بمباشرة إجراءات تقشفية قدر الإمكان، حيث نحاول أن نوفر على الأقل فاتورة الرواتب، مؤكداً تحسن الدخل المحلي في السنتين الأخيرتين، حيث ارتفعت عائدات السلطة من 150 مليون شيكل، إلى مبلغ يتراوح من 220 - 240 مليون شيكل شهرياً. "إذ ارتفعت حصتنا 31% من الضرائب الإسرائيلية وهي حقنا، أي من 350 مليون شيكل إلى حوالي 500 ـ 540 مليون شيكل".
وأكد على تمكن الحكومة من تخفيض النفقات بشكل كبير جداً: "فالنفقات والمديونية انخفضت في السنتين الأخيرتين 60 مليون دولار، ولكن لم يستبعد عودة الحكومة للاقتراض، فالأزمة التي سنواجهها خلال الأيام والأسابيع القادمة التي سددناها للبنوك الداخلية والخارجية، من المحتمل أن نعود إذا لم يأتينا شيئ مفاجئ نضطر معه إلى الاقتراض حتى نؤمن فاتورة الرواتب للموظفين في الضفة وقطاع غزة".
تهرب ضريبي مرتفع
واقر د. الحمد الله، بوجود تهرب ضريبي كبير جداً يزيد عن 70% في الضفة الغربية، لأسباب "عدم سيطرتنا على مناطق"ج" وقيام التجار بإتلاف الفواتير، ونحن الآن بصدد دراسة آلية تقتضي تعيين موظفين على كل معبر لتوقيف كل شاحنة قادمة من الخط الأخضر والحصول على فواتيرها، فالأعلاف وحدها تكبدنا خسائر تبلغ 120 مليون دولار سنوياً.
ويأمل د. الحمد الله، أن تقدر حكومته والقيادة السياسية خلال الأيام القادمة من تجاوز الضائقة المالية وما يتعرضون له من ضغط كبير جداً، مؤكداً أن الخطوط الحمراء ثابتة ولا أحد يستطيع القفز عليها، "حتى لو فرضوا حصاراً آخر وحجبوا ضريبتنا، فلا يوجد هناك من يريد التراجع، فموقفنا الوطني خلف الرئيس والقيادة ونحن كحكومة ننفذ تعليماته وتوجيهات القيادة السياسية".
شروط حماس التعجيزية
وكشف الحمد الله نتائج اجتماعه وعدد من وزراء حكومته مع إسماعيل هنية وحركة "حماس" بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث طرح ثلاثة شروط لإجراء الانتخابات: الأول تغيير قانون الانتخابات الموقع عليه في 2011 وهو انتخابات 75% نسبة و25% دوائر. والثاني انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني تجري في نفس الوقت مع الرئاسة والتشريعي.
ووصف الحمد الله، هذه الشروط بالتعجيزية، وتساءل كيف يمكن عمل مجلس وطني في سورية وفلسطين ولبنان،(...) فقلنا لهم: "من المستحيل تحقيق هذا، ولكن نحن جاهزون خلال 90 يوماً الإعداد للانتخابات".
وأما شرط "حماس" الثالث فهو أن يجتمع الإطار القيادي كبديل عن منظمة التحرير، ومع أنه لا أحد يعارض الإطار القيادي، ولكن ليس لأن يكون بديلاً عن منظمة التحرير، فلا أحد يقبل به".
أما بخصوص توحيد المؤسسات، فإن "حماس" اشترطت توظيف 54 ألف موظف، ومع أنني أكدت لهم أنه ولا دولة في العالم بإمكانها استيعاب هذا العدد مرة واحدة، ولكن عرضت عليهم حلاً وخطة عمل تقتضي إعادة 28 ألف موظف مدني، الذين يحصلون على رواتب شهرية وهم في بيوتهم، نصفهم يتواجد خارج غزة والنصف الثاني قد يكون لديه وظيفة ثانية، وبعد مخاطبتهم وكل من يتخلف عن وظيفته يتم استبداله بموظف جديد. أو إعطائهم مكافآت وتقاعد مبكر، "ولكن كنا واضحين باشتراط تسليم المعابر لتصبح تحت سيطرة الحكومة وهيئة الشؤون المدنية. ولم نتلق جواباً إلا بعد عودتنا إلى الضفة عبر وسائل إعلامهم بأنه "يجب تعيين الموظفين الـ 54 ألف موظف ودفع رواتبهم".
ويتابع الحمدالله قائلاً "وفيما بعد تلقيت مكالمة تلفونية أن حركة حماس ستسمح بتسجيل الموظفين القدامى في غزة، وتحدثت مع الوزراء وأبلغتهم بوجود تجاوب من "حماس" ودعوتهم للسفر إلى قطاع غزة من أجل التسجيل، وبالفعل كل الوزراء سافروا إلى هناك ولكن تمت محاصرتهم في الفنادق ولم يسجلوا موظفاً واحداً وعادوا بخفي حنين".
ملتزمون بإعمار غزة
ونفى الحمد الله كل ما يشاع عن عدم البدء بالإعمار في قطاع غزة، وقال: "نحن ملتزمون بالإعمار بشكل كامل، فدفعنا فقط تحويلات طبية خلال الحرب 120 مليون دولار، و 400 مليون شيكل شهرياً للتعليم، وندفع شهرياً للكهرباء 90 مليون شيكل، ولا نجني منها فلساً، وما يقومون بجبايته يتصرفون به هناك، ولم يسبق أن حصلناعلى فلس واحد من الضريبة".
وبعد الحرب مباشرة دفعنا إيجارات لأكثر من 400 ألف مواطن في مراكز الإيواء، وأصلحنا 91 ألف بيت مدمر جزئياً لـ 91 ألف عائلة، وبخصوص التدمير الكلي لـ 12558 بيتاً، سافرنا إلى الكويت والسعودية وقطر والإمارات، تمكنا من الحصول على تمويل لـ 6700 بيت، وتم البدء بالبناء لأول دفعة 1000 بيت، وخلال أيام ستصلنا أموالهم من الكويت لبناء 1500 بيت، وهكذا مع السعودية وإيطاليا وتركيا".
وقال الحمد الله: "رغم كل المحاولات لفصل قطاع غزة، سنبقى نحاول حتى ترجع غزة إلى الشرعية، ولن تقام دويلة هناك ولا دولة، ولن يكون هناك لا ميناء ولا مطار في قطاع غزة، والتزامنا في غزة مطلق ومبدأي ولن نتخلى عنها وسنبقى نحاول مهما كلف الأمر".