الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"القدس" لنا أم لكم أم لهم؟..بقلم: إبراهيم رحمة - الجزائر

أبجدية ضوء..

2015-09-29 09:51:56 AM
صورة ارشيفية

 

ربما قد يكون آن الأوان لِبعضِ مُكاشَفةٍ أو قليلٍ من مُصارَحةٍ إثر التطورات الـمُترادفة في السنوات الأخيرة في الساحة العربية والإسلامية، بعضُ مكاشفةٍ وقليلٌ من مصارحةٍ قد يُغْني عن كمٍّ هائل من التدمير القادم الحتمي، تدمير ذاتي أو تدمير خارجي، حيث أن ما فات وما يزال من تدمير للبُنى التحتية لا سيّما للمنظومة العربية في كل أشكالِ دُوَلِـها غير كافٍ لتمرير عديدِ الأجندات وغير كافٍ لرسْمِ خارطةٍ كوكبيّةٍ جديدةٍ هي واضحةُ الـمعالم عند من وضعها من خلفِ ستار، لكنها هُلامية الـملامح عند مُنَفّذيها الصّغار أبناء المنطقة العربية ذاتها.

نسوق هذا الكلام قصْدَ الوصول إلى لُبِّ الموضوع الذي سنطرقه في طيات هذا المقال، نسوقه تمهيدا لا خاتمة، ونحن نرى الشُّقّة التي تزداد يوما بعد يوم بين مكوناتنا على اختلافها، بدءا من المكونات العرقية مرورا بالسياسية وصولا إلى الاقتصادية، وكأنما نحن في عملية سقوط حر مثلما يذكر الفيزيائيون، ولأن ثقلنا في الكوكب كبير جدا عبر التاريخ، فإن سقوطنا الحر رهيب هو الآخر، معه تسّاقطت كل إيديولوجيتنا نحو بناء الدولة المستقلة، بل هو (هذا السقوط) راح يهدد حتى عقيدتنا التي عملت لقرون مديدة على توحيدنا، عقيدتنا في صورتها الإسلامية أو المسيحية أو حتى اليهودية، هذه العقيدة التي تلاحمت عبر قرون وأخرجت للناس حضارة ومدنية مُبْهِرتين.

لن أتكلم عن السقوط الحر في وجهه اليمني أو السوري أو العراقي أو الليبي، وقبْله الأفغاني والكشميري، وقبلهما الإفريقي في عديدِ دُوَلِه السّمراء، كما لن أتكلم عن التهديدات حول مصر العظيمة أو الجزائر الـمُتَرَبَّص بها، لن أتكلم عن أي دولة من الدول التي شكلت الـمِسْبَحة للعقيدة التي تكلمت عنها منذ قليل، بل سيأخذ حديثي مسارا مباشرا نحو القضية الأم والتي كانت موضوع كل حديث في العقود الأخيرة، غير أنه يبدو اليوم أن من كان يتخذ منها موضوعا مُلِحّا في تلك العقود الأخيرة أصبح يجد حرجا ويبحث عن شطب اسمه من قائمتها بل أصبح للحديث عن هذه القضية الأم مذاق سَمِجٌ هو للمرارة أقرب.

وعليه ربما قد يكون آن الأوان لبعض مكاشفةٍ أو قليلٍ من مصارحة، ونطرح السؤال: هل "القدس" لنا أم لكم أم لهم؟.

فإذا ما كانت "القدس" لنا نحن عموم المسلمين والمسيحيين وحتى اليهود، مجتمعين، فلنقم بتحريرها، وإعادة الحياة إلى دروبها، ولا ننتظر جهة ما كي نجعل منها شماعة نعلق عليها سلسلة الهزائم والفشل، إن منطقة تمتد من طنجة إلى جاكارتا والتي تمتلك كما رهيبا من مقدرات الكوكب الأزرق، دون احتساب شعوب الغرب الأوروبي وإن كانت نزعتهم استعمارية عبر التاريخ، لا أظنها تفشل في تحرير هذه المساحة التي لا تَكاد تَبِينُ.

أو لِنُعْلِنها أن "القدس" لا تعنينا إنما هي دندنةُ فَخَارٍ وشعرٍ في وقت من الأوقات ولّى ومضى، سئمنا من الالتزام بها، ونترك الأمر لأصحابها، نترك الأمر "لكم" أنتم ساكنتها، ونرفع عنكم الوصاية، ونرفع عنكم الكبح الذي نمارسه عليكم عند كل انتفاضة، ونرفع عنكم تلكم الخيانات التي نمارسها تحت الطاولة وندعكم لقدَرِكم.

أما إذا لم تكن "القدس" لنا ولا لكم، فهذا يعني أنها "لهم"، أولئك الذين دخلوها عنوة، أولئك الذين يعملون ليل نهار على تغيير خارطتها بما في ذلك بناياتها التاريخية.

المهم في الأمر، أن نتوقف لحظة، نسأل السؤال، ثم نمضي في أحد الأجوبة، ونترك المزايدة التي دمرت كل شيء فينا، دمرت ماضينا واليوم تدمر حاضرنا، وتدمر مستقبلنا. فمن يجيب، هل "القدس" لنا أم لكم أم لهم؟.

([email protected]