#الحدث- فاتن أبو سلطان
لا تنفك الأصوات المنادية بتوسيع استخدام التكنولوجيا في كرة القدم أن تخبو حتى تعود وترتفع مجدداً بعد أي خطأ تحكيمي مؤثر تتعرض له أحد الأندية الكبرى أو تستفيد منه مما يضر بمصلحة أندية أخرى، وتظل الفكرة مثيرة للجدل بين مؤيد ومعارض وبين متردد نظراً لصعوبة تطبيق أي فكرة بعدالة في جميع ملاعب كرة القدم على وجه المعمورة.
وإذا نظرنا إلى الإعتراضات التي يطلقها البعض برفضهم لاستخدام التكنولوجيا في عالم المستديرة، يكون الخوف من تعقيد اللعبة وابتعادها عن مبدأ العدالة هو أكبر عائق في نظر الرافضين للمبدأ، والخوف من تعقيد اللعبة وتعطيلها وايقاف سرعتها وجنونها أو حتى إثارتها، كما يحضر القلق من تقليل الدور البشري وأهمية وتأثير الحكام وتطورهم، حيث سيصبح دور الحكم منحصراً في كونه مراقبا أكثر من كونه حكماً يتخذ القرارات التي يراها مناسبة اعتماداً على ما تراه عيناه وما يمتلكه من خبرة في هكذا مواقف.
موضوع التكنولوجيا والعدالة أمر شائك، فمن ناحية قد يقول البعض أنه من العدالة عدم تعقيد اللعبة باستخدام التكنولوجيا حيث سيكون هذا الخيار متاحاً فقط للدول الغنية القادرة على تعديل وتزويد نواديها بالتقنيات اللازمة، في حين سيتعذر ذلك في العديد من الدول التي لا تمتلك الإمكانيات اللازمة، كما أن اللعبة اشتهرت ببساطتها وقوانينها التي لا تحتاج لتقنيات مكلفة لممارستها، مما أدى لإدمانها في الدول الفقيرة قبل الغنية، ولنا في انتشارها واتقانها في القارة اللاتينية أكبر مثال، أما عن استثمارها وتحويلها لمنجم للأموال فهذا أمر تكفلت به القارة العجوز الغنية التي يطالب أفرادها باستخدام كل أنواع التكنولوجيا المتاحة من أجل تطوير اللعبة كما يجب.
في حين قد يقول البعض أنه من العدالة توسيع استخدام التكنولوجيا خاصة في المباريات الكبرى، وهذا لن يقلل من إثارة اللعبة بل سيحقق مفهوم العدالة تماماً فلا يظلم أحد ولا يضيع تعبه وعرقه من أجل خطأ تحكيمي مقصود أو غير مقصود، ومن أجل ازالة الشبهات عن أيدي خارجية تتحكم بمصائر مباريات وبطولات، فنكاد بعد كل جولة تقريباً نسمع عن ظلم تحكيمي هنا أو هناك، وفي نهاية كل موسم تظهر الإحصائيات التي تعيد ترتيب مراكز الأندية فالأول قد يصبح خامس الدوري لو أزلنا كل المساعدات التحكيمية التي حصل عليها عن طريق الصدفة، والثالث قد يتوج بطلاً "نظرياً" لو حالفه الحظ بحكم أكثر بصيرة وأكثر حكمة! مما سيوسع دائرة المنافسة لتشمل أندية ظلمت بسبب بعض الضغوطات الي تقع على كاهل الحكم في اتخاذ قراراته في بعض المواقف؛ سواء كانت إعلامية أو جماهيرية أو حتى من اللاعبين.
فلم يكن الحكم المحايد الصادق متوفرا للمشاهدين فقط من خلال الإعادات التلفزيونية التي يحظون بها؟ وإذا كان استخدام التكنولوجيا يوفر كل العدالة والثقة في نتائج المباريات وينصف من يجتهد حقاً فلم لا يتم الاحتكمام لها؟ ولم نقول لا للتطور الطبيعي حيث الظروف المتوافرة الآن لم تكن بتلك السهولة منذ 50 عاماً مضت، وهذه التغيرات ليست في قوانين اللعبة أكثر مما هي في أشكال خارجية لحماية اللعبة من أي شبهة فساد أو ظلم أو خطأ. أما عن المطالبة بحفظ دور الحكم فما الخلل بإعطائه أدوات تسهل له مهمته ليصدر حكماً لايحتمل النقض أو الاعتراض؟
أما عن كيفية سن القوانين وتنظيمها من أجل أن لا تخل بمتعة وسرعة اللعبة؛ فهذه الأمور كلها يمكن حلها وتعتبر ثانوية في عصر التكنولوجيا الحديثة والقوانين المنظمة، ويبقى العائق الوحيد متمثلاً بالعدالة المالية التي ستقف عائقاً أمام هذا التطور الذي سيتم عاجلاً أم آجلاً، وإن كان يمكن تجاوزها بالتدريج من خلال التطبيق شيئا فشيئا.