الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نافذة بقلم:بسام جميل

2015-09-29 10:57:15 AM
نافذة بقلم:بسام جميل
صورة ارشيفية
 
 
صحوت متأخراً، لكنني لا أتأخر حقاً عن أي شيء ينبغي علي إنجازه، بل أحزن على فقداني فرصة الاتصال بكِ باكرا، فيمضي النهار دون أن أحصل على قليل من الضوء فيه.
 
 مازلنا نقف على أعتاب الألفية الثالثة، لكننا في الجهة الأخرى الآن ونحاول بكل ما نستطيع من قوة أن نعطي ظهورنا لباب الألفية الثانية والضغط عليه بأقدامنا لنغلقه لكننا لا نملك من أمرنا شيء،
فالعواصف التي خلفه تقاوم بضراوة وتحاول أن تندفع نحونا وتخلع الباب من مفاصله. كأن الألفية الثانية ترفض أن تغادر بلادنا، كأنها تصرخ في وجوهنا لتقول إنها ستعيد علينا دروس الماضي.
 
زوابع الألفية التي نهرب منها، عواصفها، عواصمها، تشرذم قيلولتها، لكنها سترفع عصاً أغلظ من تلك التي دأبت أن تطلق رعودها خلف براءتنا لتجمعنا أمام مجمع حصونها،
 
فتفند الانحطاط ليكون ملبسنا ومظلتنا المعتمة التي رفعناها لنحمي عقولنا من دسائس الضوء الساقط على امتداد صحارينا. ألفيتنا الثالثة لا تبدو طيبة أبداً،
بل أنها تبدو كأفعى تمتد وتلتف منذ الآن حول أجسادنا وتبدأ بالضغط عليها، هل خرج رأسها من خلف البوابة التي سقطت أمام ريح الأمس؟ أم أنها تسكن أحراش ما نحن مقبلون عليه وكانت بانتظار هذا الباب العظيم أن يفتح؟!
 
 مضى النهار وأنا أفكر بمكان يشبه مكاني وزحام يشبه هذا الذي يحيط بي، بل بنافذة ضيقة لا تعكس آمال مخيلتي عن فسحة من سماء ومرج يمتد تحت ظلال الأمل وأشعة الشمس،
وكل هذا يضيق أكثر على معدة تقاوم الحديد بالماء والملح.
 
في تلك المرامي خلف جدران تضيق على صدور من تحاصرهم، أقرأ أمل الأسير وهو يحاول ضبط ألمه والتصاق معدته بجدارها، أحاول أن لا أبالغ فأنا هنا لا أحتاج معركة أمعاء تحقق لي نصر الإرادة،
 
لكنني مثلهم أقف على أعتاب ألفية تحضر عضلاتها لتخنقني كالجميع حولي، وهم من خلف القضبان وفي انتظارهم لزيارة تحمل ابتسامة توسع مدارك النافذة وتعلمها أن تلين أمام فكرتهم عن الأمل والظلال.
 
أقف وحدي وأنظر حولي فلا أجدني هنا حقاً، ولا أحس بجسدي الأخرس. نحن واحد في الفكرة وأسرنا ضحية التباس المعنى أمام قاضي يصرف ثمن حكمه على قارورة نبيذ، وآخر يصرف النبيذ على ثمن رصاصة تذاب في وريد الفكرة.
 

 أن أكون لاجئاً لا يُعترف به ويُحاصر في مخيم لا يصير إلى خلاصه،

أن تكون أسيراً لا يعترف بحقه بالوقوف خلف نافذة تفصله عن الحقيقة وفي بلده الذي يحتله مركب من القضاة المخمورين بالرصاص ونبيذ الأطفال، تتساوى هنا الشجرة وجذورها،

فروعها وأقاصيص أوراقها التي بعثرت بفعل ريح الألفية الثانية، تتساوى الرغبة لدى اللاجئ والأسير بزيارة تحمل ابتسامة تشي للنافذة بمعنى جديد لأمل ينتظر خلفها أن ينظر إليه دون مظلة معتمة.