الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 48: محاولات خفية علنية لأجهزة "الشاباك" تستهدف إسقاط شباب غزة عبر "الفيس بوك"

الإسقاط الأمني في شبكات التواصل الاجتماعي

2015-09-29 12:44:15 PM
في العدد 48: محاولات خفية علنية لأجهزة
صورة ارشيفية
 
خبراء يؤكدون لـ"الحدث": يجب المواجهة بنفس الأسلوب
 
#الحدث- محمد غفري
مما لا يدع مجال للشك أن أجهزة مخابارت الاحتلال الإسرائيلية، لم تدع أي وسيلة إلا وحاولت من خلالها إسقاط ضحايا جدد في وحل العمالة لصالحها، لتكرس بذلك المقولة الشهيرة "الغاية تبرر الوسيلة"، فمن الاستغلال المادي، والإسقاط الجنسي، وإغراءات السفر والوظائف وغيرها من الأساليب التقليدية، وصولاً، هذه الأيام، إلى أساليب الاستدراج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو كما يحلو هنا الإطلاق عليه بالإسقاط "الفيس بوكي"، الموقع الأشهر على الإطلاق.
 
وفي قطاع غزة، المعقل الرئيسي لفصائل المقاومة الفلسطينية، حيث توجد الأنفاق والصواريخ والجنود المفقودون، الأمر الذي جعل منه محل استهداف دائم من قبل أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي، ومعركة استخبارية ساخنة، تواجه بها أجهزة أمن المقاومة.
 
ونظراً إلى أهمية غزة الأمنية، لجأ "الشاباك" إلى استخدام أساليب الإسقاط الأكثر حداثة، عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، رغبة منه في جمع أكبر قدر من المعلومات حول عنصار المقاومة وتحديد هوياتهم، وآخر تطوراتهم وأنشطتهم الميدانية، وتغذية جديدة لبنك أهدافه بعد العدوان الأخير خلال الصيف الماضي، علاوة على إجراء دراسات معمقة للتغيرات الفسيولوجية الحاصلة في المجتع الفلسطيني هناك.
  
كيف يتم الإسقاط عبر شبكات التواصل الاجتماعي؟
الخبير في شبكات التواصل الاجتماعي محمد أبو الرب، يؤكد أن منصات التواصل الاجتماعي هي فضاء واسع للإسقاط، حيث أصبح موقع "الفيس بوك" متنفس الناس، ومن خلاله يتم التعبير عن كافة الأحاسيس والمشاعر، ويقضي أكثر من 30% من مستخدميه يومياً من فئة الشباب من 3-6 ساعات في تصفحه.
 
ويعتقد محاضر الإعلام في جامعة بيرزيت في حوار مع "الحدث"، أن الإعلانات الممولة المنشورة على موقع "فيس بوك" هي وسيلة مباشرة لجلب المعلومات واستقطاب الشباب وتحقق صدى وانتشاراً واسعاً هذه الأيام، وهي الأكثر شيوعاً.
 
ومما يزيد من فرص نجاح هذه الإعلانات في إسقاط الشباب بحسب أبو الرب، أن المعلن عندما يدفع للإعلان بإمكانه أن يحدد الفئة المستهدفة بشكل دقيق، من ناحية العمر والجنس والمنطقة الجغرافية، وطبيعة الوظيفة، وبالتالي "الشاباك" الإسرائيلي عندما ينشر إعلاناً مدفوع الأجر يدرك تماماً لمن يذهب هذا الإعلان.
 
وقال الخبير في الشؤون الأمنية من قطاع غزة إسلام شهوان في مقابلة مع "الحدث"، إن هناك جرأة أصبحت لدى المخابرات الإسرائيلية، بأن تجاهر بالاستدارج الأمني من خلال هذه الإعلانات التي جاء على ذكرها أبو الرب، وكأنها تستخف بعقول الشباب.
 
لكن شهوان يرى أن مخابرات الاحتلال تقوم بذلك من خلال دراسة أمنية نفسية معمقة للشباب الفلسطيني، وبشكل خاص في قطاع غزة، وهناك وحدات معدة خصيصاً لهذا الغرض، وزادت منذ نحو عام بعد العدوان الأخير.
 
وانتشرت في الآونة الأخير إعلانات مدفوعة الأجر من قبل أجهزة المخابارت الإسرائيلية، ظهرت في قطاع غزة، وتطلب بشكل صريح الإدلاء بأي معلومات استخبارية مقابل الحصول على مبالغ مالية، أو إغراءات أخرى.
 
 
 وأضاف شهوان، أن هناك صفحات على موقع "فيس بوك" تم إعدادها بشكل دقيق من قبل مخابرات الاحتلال تنشر فرص عمل أو إعلانات للهجرة أو نشر أخبار غزة، أو صفحات صريحة بأسماء ضباط الشاباك والمجندات، وعناصر متحدثين من قبل جيش الاحتلال.
 
وأوضح الخبير الأمني أنه من خلال هذه الصفحات يتم استدراج الشباب وإسقاطهم، محذراً من أن بعض الشباب من يأخذه حب الفضول أو يذهب للاستهزاء بهذه الصفحات، ولا يدرك أنه عندما يتم الدخول إليها توجد بها خاصية تسمى الاقتران أو الارتباط، وبمجرد أن يدخل إليها مباشرة أو يتفاعل معها يتم الاقتران برقم IP الجهاز الخاص به، ويتم تحديد هوية الشخص والمنطقة التي يسكن بها والمربع الجغرافي الذي يتحرك به، ومن خلال ذلك يتم استدراجه، مستغلين الاحتياجات الخاصة له، أو من خلال الاستدارج الأمني المباشر.
 
 
 
لكن خبير مواقع التواصل الاجتماعي أبو الرب لا يتفق مع شهوان في هذا الأمر، ويرى أن مخابرات الاحتلال لا تستهدف الشباب إلى هذا الحد العشوائي وتبحث عن كل من يزور صفحاتها وتقترن به، معللاً ذلك بأن لديهم طرق أقوى.
 
وأكد: "ليس كل شخص يدون أو يكتب أو يدخل أو يعجب في صفحات معينة يكون هذا سبب مباشر للإسقاط، دون أن أستثني ذلك".
 
وبالحديث عن الطرق الأقوى التي جاء على ذكرها، أوضح أن "الشباك" أذا كان معنياً بمنطقة أمنية ما أوعائلة يوجد بها مطلوبون، يتم الاستهداف داخلها، والبحث عن شخص يفي بهذا الغرض، وبإمكانه أن يجلب المعلومات المطلوبة، وبالتالي يتابع هذا الشخص، والبحث عن نقطة ضعف لديه يتم استهدافها، وقديماً كان يتم الإسقاط والاستدراج من خلال الهاتف النقال، وحديثاً يتم الإسقاط من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
 
واستطرد أبو الرب، في هذا الوقت مخابرات الاحتلال لم تعد بحاجة إلى أشخاص ميدانيين كما كان الحال عليه في السابق، بل لديها فريق من المتخصصين، يدرسون ميول الشخص المستهدف وتدويناته على الفيس بوك، ويتم استدراجه من خلال محادثات أو ما شابه.
 
وأحد أشهر أساليب الاستدراج عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ما ذكره أبو الرب على سبيل المثال، أن يتم الزج بالفتيات أو شباب بأسماء فتيات، يتعاملون مع الاحتلال، ويقومون بخلق حوارات وتعارف مع الشباب المستهدفين، وهذا يسهل من عملية سحب المعلومات، التي توظف لاحقاً ضدهم وتستغل لإسقاطهم.
 
وفي ذات الأسلوب، من خلال "الجنس الإلكتروني"، كأن تطلب فتاة من شاب أن يقوم بحركات معينة في الوقت الذي تؤدي فيه هي ذات الحركات، ودفعه إلى المزيد من التفاعل، وهو ما حصل في الكثير من الحالات، وخاصة لدينا في فلسطين، وبالتالي يتم تهديد الشاب أو الفتاة بنشر ما تم تسجيله، ومن باب الخجل أو خوف الفضيحة، يكون الباب مفتوح  للإسقاط.
 
لماذا يستهدف شباب غزة عبر "الفيس بوك" أكثر من الأساليب التقليدية الأخرى؟
يجيب الخبير الأمني من قطاع غزة إسلام شهوان عن ذلك بثلاثة أسباب دفعت مخابرات الاحتلال إلى استهداف شباب غزة عبر "الفيس بوك" بشكل أساسي.
 
السبب الأول، حسب شهوان، أن شباب غزة يعتبرون رقم واحد من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها موقع فيس بوك.
 
أما السبب الثاني يرجع إلى النشاط الأمني الكبير لأجهزة المقاومة الفلسطينية، التي تكللت بالكشف عن عدد كبير من جواسيس الاحتلال وتنفيذ الأحكام بحقهم، وهو ما أدى إلى الحد الكبير من انتشار ظاهرة العمالة واستدراج الشباب في غزة، وما أقر به الاحتلال عندما أعلنت لجان الأمن الإسرائيلي، أن هناك صعوبة في التواصل مع الكوادر البشرية على الأرض وتحديث قواعد البيانات وبنك الأهداف وصعوبة في إجاد معلومات جديدة، خير دليل على ذلك.
 
أما السبب الثالث، فيتمثل بالحصار الإسرائيلي والوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة، بالإضافة إلى انسداد الأفق أمام الشباب، يمكن أن يدفعهم إلى البحث عن وسائل فيها إثارة وتفاعل مع الصفحات الأمنية، مما يسهل على ضباط المخابرات التفاعل معهم، وهو ما يحتاج إلى دراسة مفصلة من أجل الحكم على صحته بشكل فاصل.
 
ويتفق أبو الرب مع شهوان في هذا السبب، حيث أن البطالة والحصار والوضع الاقتصادي السيء ووجود بعض الأشخاص الناقمين على الوضع الراهن هناك، تكون مدخلاً قوياً للمخابرات الإسرائيلية، وتطلب ما تشاء من المعلومات، لذلك قد تجد الإعلانات الصريحة في "فيس بوك" طريقها ويدلي بعض الشباب بالمعلومات.
 
كيف يمكن مواجهة الإسقاط الإلكتروني؟
يجمع خبراء مواقع التواصل الاجتماعي والخبراء الأمنيون على أن أفضل طريقة لمواجهة محاولات الاحتلال إسقاط الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هي المواجهة بنفس الأسلوب.
 
وأكد الخبير في هذا الشأن محمد أبو الرب، أن المواجة يجب أن تكون من خلال الأسلوب المعاكس، بنفس الأدوات ونفس الطريقة، عبر نشر الإعلان الممول، وهذه مسؤولية السلطات في غزة والمؤسسات الحقوقية والأهلية، أن تنشر إعلانات ممولة وعلى أوسع نطاق، وبالأخص أن تظهر على صفحات الشباب المستهدفين في إعلانات الاحتلال.
 
وأردف أبو الرب، هذه الإعلانات الممولة ليست مكلفة وتستقطب الناس في قطاع غزة، وتزيد من وعيهم بطرق التعاطي مع مختلف محاولات الإسقاط الأمني، التي من الممكن أن يتعرضوا لها، وتحذرهم من مختلف هذه الأمور، مشيراً إلى ضرورة نشر هذه الإعلانات بطريقة ذكية ومستعجلة نظراً للظروف الراهنة.
 
الخبير الأمني إسلام شهوان بدوره قال: "إن المواجهة تتم عبر المواجهة، والكلمة بالكلمة، والرسالة بالرسالة، والأسلوب بنفس الأسلوب، لذلك ما هو مطلوب من أجهزة الأمن في غزة دور كبير ومستمر ولا  أن يكون مرتبطاً في أوقات معينة".
 
وأكد على ضرورة تجهيز تقنيات وطاقم كامل مختص في آليات الاختراق وما إلى ذلك، بالإضافة إلى التعمق والتطور في موضوع الاتصالات، بمعنى تطوير الجانب التقني، دون استشناء الاعتماد على العنصر البشري وهو أهم عنصر كما يتم العمل عليه الآن. 
 

وذكر شهوان أحد الأمثلة المشهورة، وهو صفحة الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفخاي أدرعي، حيث كان هناك أكثر من نصف مليون متابع لصفحته من الشباب الفلسطيني والعربي، وعندما تم نشر التوعية وتوجيه رسائل تحذيرية، انخفض عدد المتابعين، والمشاركين بالتعليقات عليها، وأصبحت هذه الصفحة من الصفحات غير المفعلة، كما كانت عليه في السابق.