حول آلية المشاركة في جهود اغاثة قطاع غزة "وطبيعة الاحتياجات والتدخلات المطلوبة لاعادة اعمار القطاع
رام الله ـ خاص بالحدث:
تداعى رجال اعمال فلسطينيون وممثلو مؤسسات وشركات القطاع الخاص وبعض مؤسسات المجتمع المدني للتشاور في لقاء عقد مؤخرا في نادي الأعمال برام الله حول آلية إشراك القطاع الخاص في جهود اغاثة قطاع غزة "وطبيعة الاحتياجات والتدخلات المطلوبة لاغاثة قطاع غزة".
ولكن وجدنا بعض المشاركين يغطسون في محيط ذاتيتهم وانانيتهم في تدخلاتهم فبعضهم أغرق اللقاء باستعراض عضلاتهم وتشبيحاتهم في ما تمكنوا من تقديمه من تبرعات لابناء شعبنا وأطفالنا وشيوخنا ونساءنا النازفة جراحهم في قطاع غزة، بينما قتل البعض الاخر اللقاء بتشخيص ما هو مشخص وماثل أمام الجميع وحاضر على شاشات الفضائيات.
كان ينبغي في مثل هذا اللقاء ان يتم وضع النقاط على الحروف والدخول مباشرة في البحث عن ألية تنفيذية موحدة يتوافق عليها الجميع لتوحيد جهود الدعم والمناصرة واعادة البناء بدلا من الابقاء عليها مبعثرة ومشتتة والكف عن السباحة منفردين والتباهي في ما قمنا بتقديمة وليس فيما يمكننا تقديمه.
وبعد جذب وشد توافق المشاركون على ما اقترحه ابراهيم برهم ـ أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص بضرورة الاسراع في تشكيل هيئة اغاثة فلسطين مختصة بالتعامل مع الكوارث، ولكن كان يجب التنبه الى اننا لا نتعامل مع كوارث طبيعية وانما مع كوارث مرتبطة ارتباطا وثيقا بجرائم حرب وضد الانسانية، والعمل على مأسستها لتوحيد الجهود الوطنية في اعادة اعمار قطاع غزة ودعم ابناء شعبنا الذين تعرضوا للتشريد والقتل وتدمير ممتلكاتهم، ومنعا للتعامل مع نتائج العدوان والحرب بردات فعل غير مجدية.
إلا أنه ظهر اجماع في صفوف المشاركين على أن عملية إعادة الاعمار ستستغرق وقتا طويلا، وستحتاج جهودا مضنية بغية عودة شتى القطاعات في القطاع إلى سابق عهدها ما قبل العدوان.
وتباينت وجهات نظر ممثلين عن عدد من المؤسسات، إزاء آلية إغاثة، وإعادة اعمار قطاع غزة، اثر العدوان الإسرائيلي الأخير عليه، بيد أنهم أكدوا ضرورة أن تتم هذه المسألة في اطار عملية تشاركية واسعة تساهم فيها شتى مكونات المجتمع.
وأشار المشاركون إلى أن 63 ألف مواطن لا يوجد مكان لهم ليعودوا إليه بعد تدمير منازلهم، ولا يستطيعون أن يبقوا في مراكز الإيواء، لذا فالقطاع الخاص يمكن أن يلعب دورا في هذا المجال، بالإضافة إلى أن التقديرات الأولية التي تشير إلى أن 50 ألف مواطن آخرين تضررت بيوتهم بشكل كبير جدا ويصعب العودة إليها، وتجري حاليا تقدير للأضرار ويجري تقديم مساعدات غذائية لهم.
وتطرق المشاركون إلى أهمية إزالة الركام، إذ أنتج العدوان كميات كبيرة من الركام، وهي بحاجة لفصلها وتنظيفها من المخلفات الخطرة، وبعد ذلك إزالة الركام، وهذه أبرز الاحتياجات التي بحاجة لها المواطنون في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، اعتبر مستشار الرئيس محمود عباس لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات د. صبري صيدم، أن "ما تعرض له القطاع أكبر من كارثة وأقل من قيامة".
وأضاف: المسألة بالنسبة للقطاع ليس فتح معابر أو زيادة المساحة المسموح فيها بالصيد، إذ أنه إذا لم يتحقق التحرير، بعد أن قدم القطاع نحو 2000 شهيد، فإننا سنعود لنفس الكرة مجددا.
وأكد رئيس مجلس ادارة "باديكو" منيب المصري، أن حجم العدوان وتبعاته على القطاع تفوق الخيال، لافتا إلى أن هناك حاجة لوضع تصور مناسب لإدارة الأزمة الحالية، بما يكفل الوصول إلى حلم اقامة الدولة.
وقال: غزة بحاجة إلى جهود وطنية من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، والشتات، والعرب والأجانب، وعلينا أن نعرف ما هو واجبنا نحن أيضا.
وذكرت المديرة العامة لمؤسسة "مجتمعات عالمية" لانا أبو حجلة، أن حجم الأضرار التي لحقت بشتى القطاعات في غزة غير مسبوق، مضيفة "الوضع الذي رأيناه هناك في الأسابيع الأربعة الأخيرة لم نشهد مثيلا له من قبل، إذ أن أعداد من نزحوا من منازلهم يتجاوز الـ 500 ألف مواطن، علما بأن هناك تقديرات أولية بأن هناك 63 ألف مواطن لا توجد لديهم امكانية للعودة لبيوتهم بعد أن دمرت بفعل القصف الاسرائيلي، بخلاف 40-50 ألفا آخرين بيوتهم تضررت بشكل كبير، لكن يمكن عبر تدخلات تحسين مساكنهم".
ولفتت إلى المخاطر المحدقة بالمواطنين جراء وجود مخلفات خطرة بفعل العدوان، منوهة إلى الحاجة لإصلاح شبكات الكهرباء والمياه.
وأشارت إلى ضرورة الارتقاء بمستوى التنسيق بين شتى الجهات المعنية، خاصة أن عملية اعادة الاعمار ستحتاج لأشهر وسنوات.
واستعرض أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص إبراهيم برهم، جانبا من المساعدات التي قدمتها هيئات القطاع الخاص، مبينا أنه كان يفترض أن تتم عملية إدارة مسألة الإغاثة بطريقة أفضل.
وتابع: آن الاوان لإنشاء هيئة اغاثة وطنية تكون معدة لمواجهة الكوارث، وهذه الهيئة يجب أن تكون مستقلة، وعبرها يتم التعامل بصورة أفضل مع عملية الإغاثة.
وذكر أنه لا بد من تفعيل القطاع الخاص في غزة، بعد التدمير الذي لحق بكثير من منشآتها، موضحا أن هناك ما بين 130-150 دمرت بالكامل، لافتا بالمقابل إلى ضرورة الإعداد بأفضل صورة لمؤتمر اعادة اعمار القطاع، لتحقيق النتائج المرجوة.
وانتقد المدير التنفيذي لمنتدى "شارك" الشبابي بدر زماعرة، غياب التنسيق بالشكل المطلوب بين الجهات القائمة على جمع التبرعات وتنفيذ الحملات لصالح غزة، معتبرا أن حالة النازحين في مراكز الإيواء يرثى لها.
وأشار إلى عظم الدور الملقى على كاهل الحكومة، مستعرضا بالمقابل ما قام به المنتدى على صعيد توفير جانب من مستلزمات أهالي القطاع خلال الفترة الأخيرة.
وفي المقابل، استعرض ممثل الحكومة أيمن صوالحة، جانبا مما قامت به غرفة الطوارئ الحكومية المركزية، مشيرا إلى أنه جراء الهبة الشعبية العارمة لإسناد القطاع، فإن المخازن المخصصة لاستقبال التبرعات من المواد العينية باتت لا تتسع لاستقبالها.
وأشار أن غرفة الطوارئ المركزية قدمت 10 ملايين دولار من أجل توفير الوقود لشركة كهرباء غزة التي لا تعمل حاليا، و30 مليون شيكل كمساعدات نقدية خاصة في ظل افتقار أعداد كبيرة من الأسر إلى السيولة.
وقال: تم توزيع مبالغ نقدية على 40 ألف أسرة، بواقع 300 شيكل لكل منها، وستكون هناك حاجة لمساعدات غذائية منتظمة لعشرات الآلاف من المواطنين. وذكر أن هناك إشكالية على صعيد التنسيق فيما يتصل بإرسال المساعدات العينية إلى القطاع.
وكان قدم ممثل عن وكالة الغوث الدولية"الأنروا"، مداخلة في مستهل اللقاء، أشار فيها إلى صعوبة الأوضاع القائمة في القطاع، والجهود التي تقوم بها الوكالة من أجل الحد من معاناة المواطنين.
وأشار إلى جهود الوكالة لجهة استقبال النازحين في مراكز الإيواء، منوها إلى وجود صعوبات عديدة تلقي بظلالها على عملية تقديم الخدمة للنازحين.
وأوضح أن الوكالة عمدت إلى اعلان حالة الطوارئ خلال فترة مبكرة من بدء العدوان، لافتا إلى الموقف الذي كان أعلنه مفوضها العام حينما أشار إلى أنه لا يريد أن يتكرر العدوان على القطاع مجددا.
اللجنة الفنية للاشراف على جهود التحضير لاعادة اعمار المحافظات الجنوبية تعقد اجتماعها الاول
من جهة اخرى وكما عودتنا عليه الحالة الفلسطينية في التفرد والتشرذم عقد بشكل منفصل في مقر الامانة العامة لمجلس الوزراء الاجتماع الاول للجنة الفنية المكلفة بقرار من مجلس الوزراء لمساعدة اللجنة الوزارية للاشراف على جهود التحضير لاعادة اعمار المحافظات الجنوبية، برئاسة كل من نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الاقتصاد الوطني ورئيس اللجنة د. محمد مصطفى ووزير المالية ووزير التخطيط شكري بشارة بحضور ممثلي الوزارات والمؤسسات الحكومية وممثلي الوزارات المقيمين في غزة عبر الفيديو كونفراس.
حيث أشاد د. مصطفى بجهود الوزارات والمؤسسات الحكومية وارادتهم القوية في اعادة الاعمار، مؤكداً على أن الخسائر التي تعرضت لها المحافظات الجنوبية هي مادية ومعنوية وهو ما وضع الحكومة امام تحديات كبيرة لانجاح هذه المهمة.
وشدد د. مصطفى، على أن حكومة الوفاق الوطني هي العنوان لكل ما يتم تقديمه من دعم لاعادة اعمار المحافظات الجنوبية، ومرحباً بأية مبادرة من مؤسسات اخرى وذلك حتى تدار بشكل ايجابي وفعال، كون قطاع غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين، والعدوان الاسرائيلي مسّ كافة أنحاء الوطن وأن جهد اعادة الاعمار يجب أن يكون أيضاً ضمن إعادة انتعاش الاقتصاد الفلسطيني ككل.
وقال د. مصطفى:" ستركز اللجنة الفنية في خطتها على أربعة قطاعات وهي قطاع البنية التحتية، والقطاع الاقتصادي، والقطاع الاجتماعي وقطاع الحوكمة وبالاضافة الى الموازنة العامة، وستعمل على التحضير لمؤتمر المانحين والمزمع عقده بداية شهر أيلول القادم لاعادة اعمار غزة بشكل خاص ومساعدة الانتعاش الاقتصادي الفلسطيني بشكل عام. بالاضافة الى أن اللجنة تقود عملية تقييم الأضرار بالتعاون مع (UNDP) ومؤسسات الأمم المتحدة.
بدوره أكد د. بشارة على أن طاقم وزارة التخطيط بدأ العمل على اعداد الخطط والاولويات لانجاز عمل مهني ومتقن لعمل الفريق، وأن الوزارة تعمل على مدار 24 ساعة بالتنسيق ما بين المانحين والمؤسسات الدولية والوزارات، وان المرجعية لاي عمل تقييمي لاعادة إعمار غزة مرجعيته وزارة التخطيط، مؤكداً على أن وزارتي المالية والتخطيط يعملان على تكريس كافة الجهود لانجاز العمل المطلوب.
مؤسسات المجتمع المدني تحدد أولويات العمل تجاه تداعيات العدوان على قطاع غزة
وفي نفس الاطار وبنفس الروحية الانقسامية بحثت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية ومجلس منظمات حقوق الإنسان، آخر المستجدات المتعلقة بقطاع غزة وأثرها على حالة حقوق الإنسان، ولتنسيق الجهود وتطوير العمل المشترك لترقى إلى مستوى تداعيات العدوان على مختلف المستويات الإغاثية والقانونية ومحاكمة مجرمي الحرب.
وتبنى المجتمعون تشكيل لجان متخصصة تتعلق بالتوثيق الجنائي للعدوان والجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين في قطاع غزة والتي ستساهم في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وفق أسس ومعايير موحدة لآليات التوثيق، ورفد لجنة التحقيق الدولية المؤسسة بقرار من مجلس حقوق الإنسان والمؤسسات الوطنية الحقوقية الإقليمية والدولية بالمعلومات والتقارير الموثقة.
ودعا المجتمعون إلى تشكيل لجنة خاصة تهدف إلى التدخل بشكل مهني وعلمي مدروس في الآليات المتاحة لملاحقة مجرمي الحرب قضائيا بما يتطلب انضمام فلسطين الفوري إلى ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية والاستفادة من الولاية الجنائية الدولية في القضاء الإقليمي والدولي باعتباره قرارا أصيلا في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية
وأكد المجتمعون على ضرورة الاستجابة السريعة والطارئة للقضايا الإنسانية بما يشمل الإغاثة والإيواء والمساعدات الإنسانية المختلفة وما يتطلب ذلك من إجراءات فورية ومخاطبة أصحاب الشأن وتقديم المعلومات اللازمة لذلك وتحديد أنواع الاحتياجات المطلوبة وفق الأولويات.
حيث أكد د. أحمد حرب المفوض العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان "ديوان المظالم"، على أن العدوان الاحتلالي الحربي على قطاع غزة تجاوز كل الأوصاف في همجيته وما ترتب عنه من مجازر ومآسي لذلك يجب العمل بشكل مشترك ومنسق وتكاملي مع مختلف المؤسسات ذات العلاقة لخوض معركتنا الحقوقية إلى جانب المعركة السياسية بشكل يساهم بفاعلية لإحقاق الحقوق ومعالجة الوضع الإنساني والكارثي في قطاع غزة ومحاكمة مجرمي الحرب.