بين دعوات التريث والتوافق واتهامات التقصير والتبعية
رام الله- محمود الفطافطة
عندما قدمت السلطة الفلسطينية ملفاً كاملاً إلى المحكمة الجنائية الدولية يتضمن جرائم إسرائيل أثناء عدوانها على قطاع غزة عام 2008 تم رفض الملف بدعوى أن فلسطين تفتقر لصفة " الدولة". وبما أن فلسطين تغير وضعها من "كيان" مراقب إلى "دولة غير عضو"، وقيامها بالتوقيع على 15 اتفاقية دولية، فقد تزايدت المطالب بضرورة الإسراع في التوقيع على اتفاقية روما كنقطة انطلاق للانضمام لهذه المحكمة الدولية.
هذه المطالب تصاعدت بوتيرة عالية في ظل قيام إسرائيل بشن عدوان غاشم، وغير مسبوق، على القطاع، لا تزال أوارها مشتعلة. هذا العدوان الواسع والدموي كانت كفيلة لأن تدفع بالسلطة للتحرك نحو القيام بالبدء في تحقيق هذاالمسعى القانوني الدولي الهام. ولكن هذه التحرك (وفق السلطة) يحتاج الى دراسة واسعة لتحديد السلبيات والإيجابيات من جهة، وللحصول على توافق وطني لمثل هذاالتوجه خاصة من قبل حركتي حماس والجهاد الإسلامي من جهة أخرى.
وما بين مفردات التأني في اتخاذ هذهالخطوة وضرورة التوافق الوطني عليها، وما بين الاتهامات الموجهة للسلطة بالتقصير والمماطلة في اتخاذها يظل الجدل هو الطاغي لا سيما وأن حركتي حماس والجهاد لم توافقا بعد على مسألة الانضمام، كما أن هناك تخوفا من صعوبة وتعقيد نيل هذاالحق القانوني بسبب هيمنة كثير من الدول المساندة لإسرائيل على مؤسسات حقوقية وقانونية دولية رفيعة ومنها المحكمة ذاتها.
من هنا جاء هذا التقرير ليسلط الضوء على هذه القضية، معرجا في البداية إلى التعريف بالمحكمة الجنائية الدولية من حيث جذورها التأسيسية وانجازاتها وجهودها، لينتقل بعد ذلكإلى الجهود المبذولةفي هذاالشأن من قبل السلطة الفلسطينية، فضلاً عن استعراض آراء عدد من السياسيين والقانونيين والحقوقيين في هذاالخصوص.
جذور وانجازات
تأسست المحكمة الجنائية الدولية في العام 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعيةوالجرائم ضد الإنسانيةوجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. ولا تستطيع المحكمة أن تقوم بدورها القضائي ما لم تُبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير. وتقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد الأول من يوليو 2002، تاريخ إنشائها، أي عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.
وتعتبر المحكمة الجنائية الدولية أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. وقد فتحت المحكمة الجنائية الدولية، التي مقرها لاهاي بهولندا، تحقيقات في أربع قضايا: أوغندة الشمالية وجمهورية الكونغو الديمقراطية والجمهور ية الأفريقية الوسطى ودارفور. كما أنها أصدرت 9 مذكرات اعتقال. وقد تعرضت المحكمة لانتقاد عدد من الدول منها الصينوالهندوأمريكاوروسيا، وهي من الدول التي تمتنع عن التوقيع على ميثاق المحكمة.
بلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 121 دولة حتى الأول من يوليو 2012 ، تشمل غالبية أوروبا وأمريكا الجنوبية، ونصف أفريقيا، 34 دولة أخرى وقعت على القانون لكن لم تصادق عليه بعد. في عام 2002، سحبت دولتان توقيعهما على قانون المحكمة، وأشارتا إلى أنهما لا ترغبان بعد الآن بالعضوية وبذلك لم يعد هناك ما يحملهما على تنفيذ ما يترتب عليهما من التزامات تجاه المحكمة، الدولتان هما: أمريكاوإسرائيل.
المحكمة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظفين والتمويل، وقد تم وضع اتفاق بين المنظمتين يحكم طريقة تعاطيهما مع بعضهما من الناحية القانونية. كما أن البعض يخلط ما بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية والتي تدعى اختصاراً في بعض الأحيان المحكمة الدولية (وهي ذراع تابع للأمم المتحدة يهدف لحل النزاعات بين الدول)، فهما نظامان قضائيان منفصلان.
انتظار وإفلات!
في دراسة لرئيس جمعية " عدالة " المحامي عبد العزيز النويضي حول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية للنظر في جرائم إسرائيل على ضوء تصريح السلطة الفلسطينية بقبول اختصاص المحكمة، يذكر أنه بعد العدوان الإسرائيلي الكثيف على غزة في العام 2008 قامت السلطة الفلسطينية في 22 يناير 2009 بتقديم تصريح إلى المحكمة الجنائية الدولية تعترف فيه باختصاص المحكمة في تحديد هوية ومتابعة ومحاكمة مرتكبي الجرائم المقترفة على ارض فلسطين وذلك مند الأول من يوليو 2002 .
أهمية التصريح الفلسطيني تتمثل في كونه إذا ما أنتج آثاره سوف يسمح بالتحقيق في كل انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين مند الأول من يوليو 2002 ، كما سيسمح بتجاوز عقبة كون إسرائيل ترفض أن تكون طرفا في معاهدة روما لتكريس الإفلات من العقاب بالنسبة لقادتها المدنيين والعسكريين المتورطين في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة.
ويبين النويضي إنه على ضوء تصريح السلطة الفلسطينية، وطبقا للمواد 12 و15 من معاهدة روما ما زال المدعي العام يقوم لحد الآن بفحص أولي لتحري ما إذا كان يوجد أساس معقول للقيام بتحقيق في الوضعية بفلسطين أخدا بالاعتبار اختصاص المحكمة وقضية المقبولية ومصالح العدالة .
عدالة وجهود
ويحذر الباحث من ضرورة الحذر من استعمال ذريعة "مفاوضات السلام "لشل العدالة الجنائية الدولية، حيث أنه من المحتمل أن يتم استعمال ذريعة الحفاظ على جهود السلام لعرقلة التوجه نحو متابعة القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين . إذ يمكن أن يستعمل بعض حلفاء إسرائيل في مجلس الأمن هذه الذريعة التي تسمح بها المادة 16 من النظام الأساسي لروما التي تتيح بأغلبية 9 أصوات تأجيل النظر في أي قضية لمدة سنة حيث تنص :"لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهرا بناء على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعني يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها".
بعد العدوان غير المسبوق الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة تعالت الاصوات الفلسطينية الرسمية والحزبية والشعبية بضرورة الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية. فهذه المحكمة التي قد رفضت قبل عامين التحقيق ضد الجيش الإسرائيلي في حرب 2008-2009 متعللة بالوضع القانوني المبهم للسلطة الفلسطينية من شأنها القبول في حال وقع الجانب الفلسطيني على اتفاقية روما والتي حينها تصبح المحكمة مختصة بالنظر في الجرائم التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينية.
هذا التحرك بدأ نظرياً من خلال وضع " حجر الأساس القانوني"، وذلك عندما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضوا بأغلبية ساحقة على الاعتراف بدولة فلسطين بتغيير وضع السلطة الفلسطينية من "كيان" مراقب إلى "دولة غير عضو". ومن الجهود التي قامت بها السلطة الوطنية الفلسطينية في هذا الأمر اجتماع للقيادة الفلسطينية عقدته بعد اسبوع من بدء العدوان على غزة ذُكر فيه أن الرئيس محمود عباس ابلغ المجتمعين أنه قبل الانضمام إلى ميثاق روما، فانه يريد أيضا موافقة حركتي حماس والجهاد الإسلامي حول ذلك.
ومن الجهود كذلك قيام وزير الخارجية د.رياض المالكي ، مؤخراً، بزيارة مقر المحكمة الجنائية الدولية والتقى بمدعيها العام السيدة فاتوا بنسودا، بالإضافة الى جميع طاقمها، وأطلعها على جملة من الأمور، بما فيها العدوان الإسرائيلي المستمر على شعبنا في الأرض الفلسطينية المحتلة، وخاصة في قطاع غزة.
وأكد المالكي في تصريحات صحفية أن هذا اللقاء يأتي من أجل الاستفسار عن جميع الخطوات والقضايا القانونية والإجرائية التي يتوجب على دولة فلسطين أن تقوم بها للالتحاق بمحكمة الجنايات الدولية، والتوقيع على ميثاق روما، بما فيها اختصاصات المحكمة الموضوعية،واختصاصاتها الإقليمية، والزمانية، وغيرها من الأمور الواجب التعرف عليها وتوضيحها مسبقاً. وأشار المالكي إلى أن الوزارة تعمل منذ فترة للإعداد واستكمال الملف القانوني لذلك. وقال إن فتح تحقيق من المحكمة الجنائية الدولية أصبح أمرا ضروريا في غياب نظام محاسبة حقيقي بسبب ثقافة الإفلات من العقوبة التي تتمتع بها إسرائيل والتي ترجع إلى تقاعس المجتمع الدولي عن التحرك، منوهاً إلى أن الفلسطينيين لا يواجهون صعوبات في بناء قضيتهم أو عرضها لان إسرائيل تنتهك القانون الدولي بشكل واضح.
توافق وبدائل
من جانبه قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. صائب عريقات، إن السلطة تستعد للتوجّه إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بطلب نيل العضوية فيها والانضمام إليها. وأضاف " لقد أعددنا مذكرة تتعلق بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وعرضناها على حركة فتح ولجنتها المركزية والفصائل المختلفة، حيث حظيت المذكرة بتوقيع الجميع لتحمّل تبعات القرار".
وبين د. عريقات أنه قام خلال زيارته الأخيرة لقطر بعرض الوثيقة المذكورة على رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل للتوقيع عليها، غير أن الأخير طلب مهلة زمنية لدراستها. وأشار إلى أنه آن الأوان لمحاسبة إسرائيل أمام القانون الدولي والجهات الدولية الخاصة بجرائم الحرب، فهذا أمر لا يحتمل، ولم يعد ممكناً السكوت عليه".
أما سفير فلسطين بالأمم المتحدة لدى جنيف إبراهيم خريشة فرأى ضرورة وجود آليات قانونية دولية تكون أكثر إلزامًا قبل التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة إسرائيل على جرائمها في القطاع .وعن سبب تأخر السلطة الوطنية الفلسطينية في التوجه للمحكمة الجنائية، كشف السفير الفلسطيني أن السلطة تعمل مع بقية الفصائل حتى يكون هناك توافق من أجل التوجه للمحكمة، وأكد أنها تنتظر توقيع فصيلين على المسألة، وهما حماس والجهاد الاسلامي.
من جانبه قال نائب رئيس البعثة الفلسطينية في بروكسل، هادي الشبلي، في تصريحات صحافية، أن لفلسطين الحق في التوجه للمحكمة للاستشارة حتى وإن لم توقع على معاهدة روما، منوهاً إلى أنه رغم اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار (67/19) في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، الذي منح فلسطين مركز دولة غير عضو تتمتع بصفة المراقب في المنظمة الأممية، فإن المحكمة الجنائية الدولية تعتبر أنه ليس لها اختصاص في النظر في الجرائم المرتكبة في أراضي فلسطين.ويوضح" نظراً لأن فلسطين ليست من الدول الأطراف في نظام روما الأساسي فإن المحكمة لم تستلم أي وثيقة رسمية من فلسطين تشير إلى قبول اختصاص المحكمة أو تطلب من المدعي العام فتح تحقيق في أي جرائم ، ليبقى لقاء الوزير المالكي ذا طابع استشاري بحت".
شكوى لا تحتمل التأجيل
إلى جانب ذلك، دار جدل وغموض حول الشكوى التي رفعتها وزارة العدل إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد (إسرائيل) بتهمة ارتكابها جرائم حرب ، ففي الوقت خرجت فيه اصوات تقول بسحب الشكوى، أكد وزير العدل سليم السقا أنها ما زالت قائمة ولم تُسحب. واتهم السقا أطرافًا دولية واقليمية ومحلية - لم يسمها - بالسعي وراء تعطيل الشكوى، والاحالة دون إتمام الاجراءات الرامية لمحاكمة إسرائيل.
وأشار إلى أنه تم تكليف مكتب فرنسي برئاسة المحامي الشهير جيل ديفير برفع الدعوة، لدى مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتوا بنسودا، ضمن الصلاحيات التي تجيز للفلسطينيين القيام بذلك حتى وإن لم يحصلوا على عضوية عضو دائم.وقال السقا: "حتى اللحظة لم أبلغ رسميًا بسحب الدعوة، وإنا الطرف المخول بسحبها ولم أفعل ذلك ولن أفعل".، مضيفاً "لو تم محاكمة إسرائيل إبان تقرير غولدستون ما تجرأت على الفلسطينيين مرة أخرى".
ورفض السقا المزاعم التي تحدثت عن تضرر فصائل المقاومة الفلسطينية بفعل الشكوى. وأكد أن المقاومة تمارس حقها القانوني في الدفاع عن نفسها ولديها ما تواجه به مزاعم إسرائيل بالدلائل القوية. وجدد الوزير السقا تأكيده على أن هذه فرصة لدى حكومة التوافق الفلسطينية قد لا تتكرر، مطالبًا السلطة بالوقوف خلف هذا الجهد، متسائلًا "إن لم نتوجه اليوم في الجرائم الإسرائيلية فمتى سنذهب؟.
مماطلة وتجارب
وبالعودة الى آراء ومواقف المتخصصين وأصحاب الشأن بمسألة الانضمام إلى المحكمة ومعاهدة روما، يقول المدير العام لمؤسسة "الحق" شعوان جبارين، إن هناك مماطلة في الإرادة السياسية للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة مجرمي الحرب. وكشف أن الرئيس محمود عباس كان "ضد الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية بحجة أن حركتي الجهاد الإسلامي وحماس ستُلاحقان من قبل المحكمة بسبب إطلاقهما الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية" مؤكدًا أن الحركتين كانتا دعمتا التوجه للانضمام للمحكمة.
وأوضح جبارين إن مسألة الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية "إجرائية بسيطة" ، مضيفاً أنه في حال عدم الانضمام فإن دولة فلسطين تستطيع أن تودع إعلانًا في المحكمة بإقرارها باختصاص المحكمة بالجرائم التي حصلت في الأراضي الفلسطينية، وتحديد المدة الزمنية لذلك. وأكد على أهمية القرار الذي صدر في مجلس حقوق الإنسان، لأنه شامل لكل الجوانب، حيث صدر عنه تشكيل لجنة تحقيق وليس تقصي حقائق، مشيرًا إلى أهمية دعم هذا القرار بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية أو الانضمام بموجب المادة 12/3 من ميثاق روما للمحكمة.
أما الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي فيرى أن تقديم الشكاوى للمؤسسات الحقوقية الدولية أمر إيجابي ولكن لا يكفي لأن هذه الشكوى مثل شكاوى كثيرة جرى إهمالها ولا تعالج. وأوضح أن الضمانة الوحيدة لأن تعالج الشكاوى هو أن يتم توقيع ميثاق روما من قبل الرئيس محمود عباس، وأن يتم تقديم اسرائيل لمحكمة الجنايات الدولية، وخاصة في الوقت الذي أقدمت فيه اسرائيل على قتل الالاف في قطاع غزة والضفة الغربية ومواصة جرائمها.
وأضاف " إنه لا مجال للتردد، داعيا إلى ضرورة المسارعة بالتوقيع على اتفاقية روما والتوجه إلى المحكمة الجنائية، ثم المطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل وعزلها دوليا مثلما جرى مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
من جانبها تقول المحامية الحقوقية والدولية نائلة عطية أن التوقيع، الآن، على ميثاق روما هو الرد على العنجهية والاجرام الاسرائيلي، منوهة إلى أن المعركة القانونية مهمة جداً لصالح إحقاق الحقوق والمطالب الفلسطينية، وهذا ما يتطلب الارادة السياسية، والتخطيط السليم، والمتابعة الدقيقة، والتنسيق الدائم. وتبين المحامية عطية أن الشكوى التي رفعتها وزارة العدل إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد (إسرائيل) بتهمة ارتكابها جرائم حرب خطوة مهمة وضرورية.
وتؤكد على أهمية اتباع وسائل أخرى إلى جانب التوقيع على اتفاقية روما والانضمام للمحكمة مثل تقديم ملفات لجرائم اسرائيل، فضلاً عن اصطحاب عدد من الأطفال مبتوري الأطراف إلى المحكمة الدولية ليكونوا ملفاً عينياً وشاهداً واقعياً. وشددت عطية على ضرورة التمسك ببقاء الشكوى في المحكمة الدولية ، محذرة في الوقت ذاته من مغبة سحبها ، ومتساءلة في الوقت زيارة عن ماهية وهدف زيارة وزير الخارجية د. رياض المالكي الى مقر المحكمة بعد تقديم طلب الشكوى دون أن يعلن عن حقيقة ما جرى في زيارته.
بين القلق والشرعية
وبخصوص موقف حماس من معاهدة روما والمحكمة الجنائية الدولية يؤكد المحلل السياسي د. مجدي عيسى أن تخوف حماس من التوقيع على اتفاقية روما والانضمام للمحكمة بداعي وجود مخاطر عديدة ضد أفرادهم ليس منطقي أو واقعي، لاسباب منها: إن المقاومة تأتي في إطار الدفاع عن النفس بما أن أرضنا محتلة ولا نقاتل إسرائيل إلا في إطار الدفاع عن النفس كوننا الطرف الأضعف عسكريا وماديا وبالتالي فإن الوسيلة الأسلم لهجومنا دوما هي الهجوم السياسي عبر المنظمات الدولية وسبل حل الصراع سلميا ، في حين السبب الثاني فيتمثل في أن كل ما يترتب على "انضمامنا لمعاهدة روما يأتي في اطار المستقبل، أي أن الاحتلال سيتم محاسبته على جرائمه التي تأتي بعد انضمامنا للمعاهدة وليس قبل، وبالتالي فإن انضمامنا اليوم يحمي شعبنا في المستقبل من جرائم الاحتلال ومجازر".
في الاطار ذاته ؛ تقول ناريمان شقورة "ندعم قيادتنا الوطنية في هذا التوجه حتى على الأقل تُرضي الشارع الفلسطيني وتشعره بأن القيادة لا تسكت عن حقه ولا تغفل عن الاعتقالات والعدوان الذي يتعرض له، منوهة إلى ضرورة دراسة هذه الخطوة بشمولية وتعمق، وتحديد السلبيات والإيجابيات وشرحها للعموم ومن ثم عمل استفتاء او استطلاع رأي وأن يكن سريع حتى لا تكون ذات مردود سلبي على الفلسطينيين مستقبلا.