السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ماذا بعد 72 ساعة من التهدئة الجديدة/ بقلم: سامي سرحان

2014-08-12 10:59:36 AM
ماذا بعد 72 ساعة من التهدئة الجديدة/ بقلم: سامي سرحان
صورة ارشيفية
 
وافق الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة، على وقف إطلاق نار جديد لمدة 72 ساعة إعتباراً من الساعة الواحدة فجراً بتوقيت القاهرة (الثانية فجراً بتوقيت القدس)، من يوم أمس الإثنين بناءً على طلب مصري. قاطعت اسرائيل المفاوضات حتى يتم وقف إطلاق النار في موقف شكلي من رئيس الحكومة "بنيامن نتنياهو"، وهي المرة الأولى في تاريخ الحروب العربية-الإسرائيلية تطلب فيه إسرائيل وقف إطلاق النار كشرطٍ  لبدء مفاوضات، ويرفض الجانب العربي او الفلسطيني وقف إطلاق النار. ودلالة هذا الموقف هو تماسك الموقف العسكري للمقاومة الفلسطينية وهشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، رغم الفارق الهائل بين قوة النيران لدى الجانبين، والتي تميل بلا أدنى شك لصالح جيش الإحتلال الإسرائيلي.
لقد حققت صواريخ المقاومة والأنفاق نوعاً من توازن القوى مع سلاح الجو الإسرائيلي وسلاح البحرية وسلاح المشاة البري، ما مكّن الوفد الفلسطيني الموحد في القاهرة أن يتمسك بمطالبه في رفع الحصار عن القطاع وفتح المعابر وإدخال المعونات الغذائية والطبية والإنسانية، وتشغيل ميناء غزة ومطارها وإطلاق سراح الأسرى القدامى، وصفقة شاليط الذين أُعيد إعتقالهم.
ولأول مرة يهرب المستوطنون من الجنوب إلى الوسط والشمال وخارج البلاد، ففي تموز 2006 هرب مستوطنو الشمال إلى الوسط والجنوب، وفي حرب إسرائيل على جنوب لبنان وحزب الله. وكنا نتوقع طيلة أيام الحرب أن تنطلق صواريخ حزب الله جنوباً وتتكامل جبهة جنوب لبنان مع جبهة قطاع غزة، رغم إدراكنا لعمق الشرخ في الجسم العربي والإسلامي، وما نجم عنه من محاور متصارعة غلّبت الصراع المذهبي والطائفي والعرقي على الصراع المركزي المفترض مع العدو الإسرائيلي، الذي بات يتحدث عن مصالح تجمعه مع أطراف عر بية أكثر مما تجمع هذه الأطراف مع المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني والقضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية.
لقد عجز الجيش الإسرائيلي رغم ما ألحقه من دمار رهيب وكارثة إنسانية بقطاع غزة أن يوقف صواريخ المقاومة وأن يدخل الطمأنينة الى نفوس مستوطنين في محيط القطاع، فهربوا شمالاً وهم يرفضون العودة إلى المستوطنات، ولسان حالهم يقول: "من يحمينا من الأنفاق التي تمر من تحت مستوطناتنا ويخرج منها مقاتلون داخل بيوتنا"، خاصة أن كبار عسكرييهم صرحوا بإستحالة إيجاد حل تكنولوجي لهذه الأنفاق.
ورغم ما لحق بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، خاصة في محيط قطاع غزة من هزة وأزمة ثقة فإنه لا يمكن القبول بحرب على غزة كل سنة أو سنتين تتحول فيها غزة إلى كومة من الركام، ويفقد شعبنا آلاف القتلى والجرحى وتدمر البنى التحتية للقطاع، ثم نعود نستجدي العالم للمساهمة في إعادة إعمار غزة. إن المطلب الذي يجب على المفاوض الفلسطيني ان يركز عليه هو أن تتحمل إسرائيل كلفة إعمار ما دمرته الآله الحربية الإسرائيلية، وعلى المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن (المصادر قراره بالفيتو الأمركي) أن يلزم إسرائيل بإعادة إعمار ما دمرته.
وأما في الجانب الذي يختص بضحايا حرب إسرائيل على القطاع، وجرائمها بحق الأطفال والنساء والمسنين والمسالمين من المدنيين ورجال الإسعاف والأطباء، وإستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، فيجب التقدم بشكوى إلى محكمة الجنائية الدولية لسوق مجرمي الحرب من القادة وجنود الإحتلال والسياسيين المتورطين في الجريمة أمام المحكمة لنيل قصاص عادل يستحقونه. فليس هناك ما يخيف الجانب الفلسطيني من الإنضمام إلى ميثاق روما والمحكمة الجنائية الدولية، ففلسطين دولة تحت الإحتلال يحق لشعبها مقاومة المحتل ومالم تساق القيادة العسكرية والسياسية المتورطة في جرائم الحرب الى محكمة دولية فإن إسرائيل سوف تستمر في عدوانها وتكرر جرائمها ضد الشعب الفلسطيني التي لا تحاسب عليها.
لقد دفع الشعب الفلسطيني وخاصة قطاع غزة، ضريبة العجز العربي وتواطؤ المجتمع الدولي عديد المرات منذ عام 1948، وتكرر العدوان الإسرائيلي بوتيرة متسارعة منذ عام 2000 وحتى أعوام 2006 و2008 و2009 و2012، وما بين هذه الأعوام. وهو اليوم أكثر ثباتاً وأشد بأساً وطموحاً وثقة وأملاً في الوصول إلى حقوقه الوطنية المشروعة في الحرية والإستقلال وتقرير المصير والعيش بكرامة وعزة في دولته المستقلة ذات السيادة على أرضه فلسطين.
وقد عر ض الجانب الفلسطيني السلام والعيش المشترك على الجانب الإسرائيلي الذي يبدو أنه حتى الآن يدير ظهره للشعب الفلسطيني ولحقوقه المشروعة ويسير وراء بنيامين نتنياهو وحكومته من ليبرمان وبينت وقد أصابه الصلف والغرور وبات بتطاول حتى على أولياء نعمته في البيت الأبيض، ولكنه بات عاجزاً عن بث الطمأنينة في نفوس مستوطنين في محيط غزة. وهو ما سيحكم مفاوضات الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ف الأيام التالية لتهدئة الـ 72 ساعة. فهل يختار نتنياهو السلام أم الحالة غير الطبيعية للحياة في إسرائيل.