شهد شهر أيلول المنصرم أعلى معدلات في محاولات تسلل الأفراد من قطاع غزة إلى داخل الخط الأخضر من خلال خط التحديد، خاصة شرق محافظة خان يونس، جنوب القطاع، لاعتقاد المتسللين أن السلك الشائك في تلك المنطقة به ثغرات كثيرة، والتسلل من خلاله أمر أسهل، إذا ما قورن بمناطق أخرى شرق القطاع.
وأعلنت قوات الاحتلال مؤخراً، أن عدد من تم اعتقالهم منذ مطلع أيلول الماضي وحتى نهايته تجاوز إلـ 40 شخص، وهو رقم كبير قياساً بحالات التسلل خلال الأشهر والسنوات الماضية.
ومن المعروف أن الرقم المذكور أكبر لمحاولات التسلل، فهناك أشخاص نجحوا في الإفلات من قبضة قوات الاحتلال، ووصلوا إلى داخل الخط الأخضر، وثمة آخرين منعوا من قبل عناصر الضبط الميداني، إما عبر اعتقالهم، أو فرارهم إلى داخل القطاع من جديد.
ظاهرة يتم منعها
وقال مصدر مطلع على معظم عمليات التسلل التي تمت خلال شهري آب وأيلول الماضيين، إن هذه العمليات المذكورة انقسمت إلى قسمين، الأول بتنسيق مسبق مع قوات الاحتلال وهي محدودة، كما حدث مع عائلتين يبلغ عدد أفرادهما 11 شخص قبل عدة أسابيع، فهم وصلوا إلى خط التحديد، ويبدو أن قوات الاحتلال كانت بانتظارهم، وتم توجيههم بواسطة هاتف نقال كان برفقة أحدهم إلى فتحة في السياج الشائك دخلوا منها، حيث استقلوا مركبات مدنية وغادروا برفقة حراسة من جيبات عسكرية.
أما النوع الثاني وفق المصدر المذكور، فهم شبان وغالباً صغار السن، تتراوح أعمارهم ما بين 17-20 عام، وهدفهم كان البحث عن فرصة عمل، وجلهم غرر بهم من قبل رفاقهم، وخيل لهم بأن الأرض ما بعد خط التحديد ستكون مفروشة بالورود، وسيجدوا هناك كل ما يحلمون.
وأكد المصدر لـ"الحدث" أن 95% ممن حاولوا التسلل كان مصيرهم الاعتقال إما من خلال عناصر الضبط الميداني، المنتشرين على طول الحدود الشرقية للقطاع، وهم عناصر مسلحة ألحقوا مؤخرا بوزارة الداخلية في غزة، وكلفت لهم عدة مهام، أبرزها منع التسلل، ومن استطاع الإفلات منهم وقع في قبضة الاحتلال.
ولفت إلى أنه حتى من نجح في اجتياز خط التحديد، فلم يفلت من قبضة الاحتلال، فالمساحات شرق القطاع خالية ومفتوحة، والمتسلل لن يصل إلى مدن داخل الخط الأخضر مثل بئر السبع بسهولة، إلا إذا كان ثمة شخص ينتظره، ويقله بسيارته، وهذا ما يوقع معظمهم في قبضة الاحتلال.
ولوحظ تكثيف واضح في دوريات الضبط الميداني، سواء المحمولة أو الراجلة، وتمركزها وانتشارها على طول خط التحديد، حيث نجحت هذه الدوريات في اعتقال ومنع نحو 50% من الشبان من محاولة التسلل إلى داخل الخط الأخضر.
وأقدم معظم المتسللين على هذه الخطوة الخطيرة وغير محسوبة العواقب، رغبة في تقليد ومحاكاة غيرهم، ممن زرعوا في رؤوسهم أهمية الخروج من القطاع بأي طريقة لتحسين حياتهم.
مخاطر أمنية
وكان مصدر في المقاومة الفلسطينية، حذر خلال حوار مع "الحدث"، من مخاطر كبيرة قد تترتب على محاولات تسلل الشبان خاصة صغار السن.
وأوضح المصدر لـ"الحدث"، أن كافة المتسللين تقريباً ممن يصلون خط التحديد يقعون في قبضة الاحتلال، ويتم اقتيادهم إلى مراكز تحقيق وتوقيف إسرائيلية، وهناك يقابلون ضباط مخابرات إسرائيليين متمرسين في إيقاع الشبان في شرك العمالة، والتعاون مع إسرائيل، وهذا قد يحول هؤلاء الشبان إلى عملاء محتملين، خاصة وأن جميعهم ذهبوا لجمع المال، وبالتالي فإن إغراء المال مع بعض الترهيب والتخويف وقلة الخبرات والوعي الأمني، قد يوقعهم في هذا الفخ الخطير، ما قد يجلب لهم ولعائلاتهم العار مستقبلاً.
وشدد المصدر على ضرورة إطلاق حملات توعية، ليس للشبان فقط، بل تشمل أولياء الأمور، لمعرفة المخاطر المحتملة لمثل هذه العمليات، ومنع أبنائهم من الإقدام على خطوات مماثلة.
يذكر أن الفقر المدقع وقلة فرص العمل، كان ولازال الدافع الأكبر لحث الشبان لمحاولات التسلل، خاصة إذا ما سمعوا بالأجور العالية التي يتلقاها العمال داخل الخط الأخضر.