الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اليوم فَيْهجٌ وغداً إسفَنطُ

مقال رئيس التحرير

2013-11-18 00:00:00
اليوم فَيْهجٌ وغداً إسفَنطُ
صورة ارشيفية

رولا سرحان

كان سكانُ أستراليا الأصليون، الذين يسمون بـ “الأبروجين”، يُطلقون اسماً على ذيل الكلب، واسماً آخر على ذيل البقرة، ولم يكن في لغتهم مصطلحٌ يدل على كلمة (ذيل) بصفة عامة. كذلك كان حالُ الهنود الذين يطلقون اسماً على السنديانة الحمراء، واسماً آخر على السنديانة البيضاء، وثالثاً على السنديانة السوداء، لكنهم لم يعرفوا كلمة واحدة تدل على السنديانة بصفة عامة. وكذا كان حال معظم القبائل والجماعات الإنسانية، وقد احتاج الأمرُ سنين طويلة حتى استطاعت البشرية أن تنتقل من الاسم المتعدد للشيء الواحد إلى اللفظة الواحدة، ما ساعدها في تنظيم التفكير وتطوير علاقات تسلسلية واضحة بين الأمور فانتقل الفكر والحضارة وتطورا إلى أن وصلا إلينا. 

الكلمات واسعة فضفاضة، تحملُ ما تحملُ من معان وتفسيرات، كأن نُفسر اتفاق أوسلو بما نُفسره، ويفسره الجانب الإسرائيلي بما يُفسّره؛ وكأن تفسر ليفني مقارباتها الجنسية لطاقم مفاوضينا بما تفسره هي وحاخامها الأكبر، ونفسره نحنُ أو لا نفسره؛ أو أن يستقيل طاقم المفاوضات أو لا يستقيل، يبقى الأمر خاضعاً للتأويل؛ أو أن يأتي كيري أو يذهب حاملاً حقائبه والخطط؛ أو أن المفاوضات إلى غير طريق مسدود بينما الإسرائيليون سيبنون جداراً عند الحدود، يبقى الأمر بلا تفسير، وقلة التفسير في بعض الأحيان تفسير، ضعفٌ أو عجز لربما، لا إجابات ربما، أو صحة فيما قيل، أو هو لا اعتبارٌ لنا ولأمرنا، لأن شأننا عند صانعي أمرنا قليل. 

 أمّا الفَيهَجُ والإسفنطُ، فهي فذلكة مني في عنوان الافتتاحية، لكنها لغوياً عربية، فالكلمتان لمدلول واحد، هو الخمر، الذي يذهب بالعقل، شأن كل حالنا وما نحنُ فيه من أمر!