أثارت محاولات العشرات من الشبان والفتية التسلل من قطاع غزة إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948 عبر خط التحديد، مخاوف وقلق المستويين العسكري والسياسي الإسرائيلي، وبدأ الجيش بتنفيذ خطوات غير مسبوقة على طول السياج الفاصل خاصة شرق مدينة خان يونس، حيث وقعت معظم محاولات التسلل.
وتمثلت الخطوات المذكورة، في نشر أعداد من الدبابات وناقلات الجند المصفحة، إضافة إلى وضع مزيداً من الكاميرات، وأجهزة التجسس والمراقبة المتطورة، تزامناً مع إطلاق عشرة مناطيد تجسس دفعة واحدة، وهو أمر غير مسبوق.
مناطيد وطائرات
ولجأ الجيش الإسرائيلي وفي محاولة لإحكام عملية مراقبة الشريط الحدودي مع قطاع غزة، خاصة شرق مدينة خان يونس، لإطلاق عشر مناطيد تجسس، امتدت في المسافة الواقعة من معبر "صوفاه" جنوباً، وصولاً إلى ما بعد معبر "كيسوفيم" شمالاً، وهي منطقة تغطي كل شرق خان يونس، وأجزاء من شمال شرق رفح أيضا، بواقع منطاد واحد كل كيلو متر طولي.
وتحلق تلك المناطيد المزودة بكاميرات مراقبة ومعدات تجسس حديثة على ارتفاعات مختلفة، بينما كان يتم إنزالها لبعض الوقت، ومن ثم إطلاقها من جديد.
وبالتزامن مع مناطيد التجسس، تم تخصيص طائرات استطلاعية إسرائيلية من الحجم الصغير، وهي تحلق على الدوام على ارتفاعات متوسطة فوق خط التحديد، ويعتقد أنها تراقب وتصور كل تحركات المزارعين وعناصر الأمن الوطني، وأية شخص يقترب من الخط المذكور.
جيبات غير مأهولة
وقال مزارعون يمتلكون أراضي شرق خان يونس، إن جيش الاحتلال كثف خلال الأيام القليلة الماضية، من اعتماده على الجيبات غير المأهولة والتي باتت تتحرك بكثافة شديدة بمحاذاة خط التحديد.
والجيبات المذكورة هي آليات صغيرة غير مأهولة بالجنود، تسير بسرعة فائقة ومزودة بمعدات رصد وتصور ومراقبة، يتم التحكم فيها عن بعد، وتعتمد عليها قوات الاحتلال لحماية جنودها من هجمات قد تتعرض لها الآليات خلال سيرها على الخط المذكور.
من جانبه قال المزارع إبراهيم حمدان، ويمتلك أرضاً شرق مدينة خان يونس، إنه لاحظ تكثيف كبير وغير مسبوق في الإجراءات الأمنية الإسرائيلية على خط التحديد.
فمنذ أيام تقاربت نقاط المراقبة، بحيث أصبح بين كل نقطة ونقطة ثابتة عدد من النقاط المتحركة مثل الدبابات وناقلات الجند، إضافة إلى قيام جرافات عسكرية بتجريف وتسوية تلال رملية، قد يتخفى خلفها متسللون، لينطلقوا نحو خط التحديد.
وأكد حمدان لـ "الحدث" أن الإجراءات المذكورة انعكست سلباً على المزارعين والمواطنين من سكان شرق القطاع، فكل من يقترب من خط التحديد قد يتعرض لإطلاق النار، فلم تعد تفرق قوات الاحتلال في تعاملها ما بين مزارع أو مواطن من سكان المناطق الشرقية، وبين شاب يحاول التسلل.
وكانت قوات الاحتلال أفرجت عن معظم من تم اعتقالهم، وأعادتهم لقطاع غزة، إما بعد ساعات، أو أيام، أو أسابيع، أو بعد أشهر، بعد أن خضعوا لظروف اعتقال وتحقيق صعبة، حسب ما أدلى به المُفرج عنهم.
سياج متطور
من جانبها أعلنت وزارة الجيش الإسرائيلي صباح أمس، عن انتهائها من تشييد 12 سياجاً ذكياً حول المستوطنات القريبة من الحدود مع قطاع غزة، وذلك كجزء من عبر العدوان الأخير.
وذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية، أنه جرى تحصين مستوطنات: صوفا، حولوت، نير يتسحاق، نيريم، نير عوز، العين الثالثة، كيسوفيم، علوميم، سعد، كفار عزة، مفلاسيم، نير عام.
وقالت الصحيفة إن تكلفة المشروع بلغت نحو 30 مليون شيكل، وشملت على عشرات الكيلومترات من السياج الذكي، ووسائل تكنولوجية متقدمة، وكذلك صيانتها على مدار 3 سنوات.
إجراءات فلسطينية مماثلة
وكانت قيادة وزارة الداخلية في غزة، بالتنسيق والتعاون مع فصائل المقاومة، اتخذت قرارات وإجراءات للحد من ظاهرة التسلل التي تزايدت مؤخرًا، لما لها من خطورة على النسيج الاجتماعي الفلسطيني، خاصة وأن بعض من المتسليين قد يكونوا عملاء، حسب المصادر الأمنية.
وأكد مصدر أمني في غزة، أن الإجراءات المذكورة اشتملت على تكثيف الدوريات على مدار الساعة المحمولة والراجلة، وزيادة نقاط المراقبة والرصد، بحيث تكون متقاربة، وتوفير أسلحة متوسطة بجانب الأسلحة الخفيفة، ودوام يومي لكافة عناصر الضبط الميداني، بواقع ثماني ساعاتٍ يوميًا.".