أما قبل، أريدُ إذناً لأُحبكِ أكثر.. أن أقول للحاشيةِ وللقصرِ أنكِ أثمن.
أريدُ إذناً من يديكِ البيضاوين، كي أدونَ ذلك الحُلمَ المُحرم وأصيح، نحن هنا كنا، وسنبقى. أريدُ إذنَ يديكِ لأدورَ مع الشمسِ والقمرِ وسائرِ الكواكبِ من حولكِ، لا لأثبتَ أنكِ مركزَ الكون، وإنما لأنكِ عندي سيدةَ الكون.
أصغي إلىَّ جيداً.. يقولون: إن الإناءَ المقلوبَ أبداً لا يُملأ، فبالله عليكِ كيف ملأتِنا، ونحن المنكبين على حُبكِ؟ الساهرين، المستسلمين، الموالين، الغارقين، وكأنا في حلمٍ لم يزل مُصراً على سماعِ المزيدِ من الاعترافات، إنَّا دونكِ ما كنا، ولن نكون.
بالطريقةِ نفسِها سأكررُ السؤالَ وأبوح، بالله عليكِ كيف ملأتِنا؟
لا شك أن أحدهم سيقول الآن: قد جُنَ.. سأجيبُ نعم، فالمرءُ في لعبةِ الحبِ، إما أن يُجن أو يُجن ولا خيارَ ثالث، وهذا ببساطةٍ متناهيةٍ تخريجٌ يجنحُ إلى السهولةِ والبساطةِ في آن.
أما بعد، والبعضُ منا متهمٌ بعددٍ لا يُحصى من جرائمِ الإفراطِ في حبِ البلاد، وفي كلِ خُطوةِ إدراكٍ للإثمِ المُباغت، نجدُ طاهراً من كلِ ظن، أدام الله حكمته، يعترفُ بين الفينةِ والفينةِ بامتياز هذا الجيل على الاستيقاظ، تمهيداً لإرسالِ وفدٍ رفيعِ المستوى من تجارِ وسماسرةِ الوطنية، لا لردِ التهمِ الباطلة، ولكن لإجراء التغييراتِ اللازمة لمنسوبِ الحماسةِ، تماشياً مع قوانينِ الانتماءِ الحزبي الدارجِ في البلاد.
هكذا، وفي موقفٍ متقدمٍ لا مثيلَ له، دعوا الجميعَ برباطةِ جأشٍ قلَّ نظيرُها، لضرورةِ الالتفافِ حولَ الرّوحِ لا الجسد.. أن نُشيدَ قصرَ الرمادِ ونقسّم أجنحته، لنكتبَ سيرة الريحِ باسم كل جناحٍ ونسَبهِ وحزبه.
باختصار، ولأنكِ الوحيدة التي تُقبلُ في حُبكِ القسمةُ على الملايين، لن نقعَ في التباس الأسئلة، وإنما سنقول: هل من مزيد؟
وأما ما بعدَ البَعد، حيث لا زمان ولا مكان يمكنهُ أن يشغلَنا عنكِ، وكي نَحفظَ ما تبقى من الحلم، طازجاً وشهياً، سنعترفُ جميعاً، كُلنا جنود، لا يُمكنُ أن نبقى في حيزِ السؤالِ المنحوت: لأي الجهاتِ يُصلي الشهيد؟