الجمعة  01 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحقوقي راجي الصوراني يقول للحدث: لولا الحصانة التي تمنحها أمريكا لإسرائيل لكان العشرات من مجرمي الحرب الإسرائيليين داخل السجون

2014-02-18 00:00:00
الحقوقي راجي الصوراني يقول للحدث:
لولا الحصانة التي تمنحها أمريكا لإسرائيل لكان العشرات من مجرمي الحرب الإسرائيليين داخل السجون
صورة ارشيفية

أول فلسطيني وثالث عربي يفوز بجائزة نوبل البديلة

أجرى اللقاء من غزة-  حامد جاد 

يرى الحقوقي المحامي راجي الصوراني الفائز بجائزة نوبل البديلة أنه لولا الحصانة التي تمنحها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لإسرائيل لكان هناك العشرات من مجرمي الحرب الإسرائيليين داخل السجون، وأن شريعة الغاب التي تفرض بموجبها إسرائيل سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة جاءت نتاج هذه الحصانة الني يمنحها الغرب لدولة الاحتلال.

وقال الصوراني في مقابلة خاصة بـ الحدث: “بالرغم من أن الوضع الذي يعيشه الفلسطينيون حالياً يعد الأشد  سوءاً منذ 65 عاماً إلا أنه لو غاب الدور الذي اضطلعت به مؤسسات حقوق الانسان العاملة في الأراضي الفلسطينية لكانت أوضاعنا أسوأ مئة مرة مما نحن عليه الآن.

وقد كان الصوراني، رئيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ورئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، قد تسلم في الثاني من شهر كانون الأول الماضي جائزة “رايت ليفيلهوود” (جائزة نوبل البديلة) لعام 2013 في البرلمان السويدي في العاصمة ستوكهولم حيث كانت مؤسسة “رايت ليفيلهوود” الخيرية السويدية أعلنت في نهاية أيلول الماضي عن منح الصوراني جائزتها السنوية المعروفة باسم جائزة نوبل البديلة “تقديراً لتفانيه تجاه سيادة القانون وحقوق الإنسان في ظروف صعبة للغاية”  ويعد الصوراني أول فلسطيني وثالث عربي يحصل على هذه الجائزة الدولية.  

وفيما يلي نص المقابلة التي يجيب فيها الصوراني عن جملة من الأسئلة ذات العلاقة بواقع حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية وتقويمه لأداء وتجربة المنظمات الحقوقية ومدى تلبيتها للقضايا الحقوقية المختلفة.     

س: كناشط في مجال حقوق الانسان، وكمدير للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، كيف ترى حالة حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة؟ 

نعمل منذ العام 1994 على أجندتين الفلسطينية والإسرائيلية؛ بمعنى على السلطة والجانب الإسرائيلي، فعلى صعيد أجندة الاحتلال دائماً نؤكد بيقين أن اتفاق أوسلو كان الأسوأ منذ النكبة، وكناشط حقوقي كنت ومازلت من المعارضين لأوسلو، ولم يخطر ببالي أن نصل إلى %1 مما وصنا إليه الآن، فغزة ونتيجة الحصار باتت أشبه بـ “مزرعة للحيوانات” يقذف إليها بقليل من الطعام والدواء في ظل حالة غير مسبوقة من التراجع، فالبطالة والعمالة غير مدفوعة الأجر وصلت إلى %60 وبلغت نسبة من يقبعون تحت خطة الفقر %90، ونسبة من يعتمدون على المساعدات الإنسانية والإغاثية الخارجية بلغت %85 فنحن نتكلم عن أكبر كارثة من صنع الاحتلال، وفي ذات الوقت نتحدث عن سقف اسمه حرية الحركة والحق بالطعام والحق بالحياة والعلاج وللأسف آخر ما يجري الحديث عنه هو تقرير المصير والاستقلال وإنهاء الاحتلال. 

مدينة القدس تعاني حالة من التطهير العرقي والتهويد، والضفة نسخة من التمييز العنصري غير المسبوق إذا أخذنا بهذا الحصاد نضيف له حربين واغتيالات واقتحامات ممنهجة وحالة من التخلف العام في الاقتصاد وإفلات إسرائيل المطلق من العقاب، وبالتالي نتحدث عن شريعة غاب تسود في الأرض المحتلة تجاه الفلسطينيين نتيجة لوجود إرادة سياسية غير مسبوقة بصراحتها ووقاحتها من الغرب الذي يعطي اسرائيل الحصانة للإفلات من العقاب.

من المخزي، ونحن في أكثر الأوقات استهدافاً وضعفاً أن ننقسم على أنفسنا، ونعاني من انقسام فلسطيني أسس بصورة استراتيجية للضعف فهذا الانقسام وصمة عار وغير مبرر لا سياسيا ولا وطنيا، وكل الانتهاكات التي تحدث في غزة أو الضفة لحقوق الانسان الفلسطيني تزيد من جرعة المرارة والضعف، وتقلص معسكر الأصدقاء والأنصار والمتضامنين مع القضية وحقوق الشعب الفلسطيني، وما يحدث في غزة والضفة على هذا الصعيد هو تداعي من طرفي الانقسام فكلاهما يعتقل ويحبس ويغلق في ظل حركة تحرر تنتحر وغياب الفعل في مواجهة هذا الأمر يندرج في إطار عدمية سياسية من طراز فريد، أما من حيث التوقيت فنحن حالياً في الوضع الأسوأ منذ 65 عاماً.   

س: كيف تقيم مستوى الأداء الحقوقي في الأرض الفلسطينية، خاصة وأن هناك العديد من مؤسسات حقوق الإنسان التي تعمل في هذا المجال؟ وكيف ترى مستوى التشبيك فيما بينها؟ وكيف يمكن تعزيزه وتفعيل دورها في الدفاع عن سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية؟   

تعد حركة حقوق الانسان في فلسطين الأكثر نضجاً على مستوى المنطقة العربية، وأكثرها مهنية، وبصفتي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومطلع على تجارب 22 دولة عربية فتجربة حقوق الانسان في فلسطين لم تكتسب مع الوقت الخبرة والمعرفة وأدوات العمل فقط بل أصبحت كلمة عالية الصدقية على الأجندتين الفلسطينية والإسرائيلية، ولكن هذا الواقع السيء لحقوق الإنسان لا يعكس حالة إفلاس أو فشل مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين، بل تعبير عن فشل القوى السياسية، فلو غاب دور مؤسسات حقوق الانسان لكان الوضع الذي يعيشه الفلسطينيون أسوأ مئة مرة، فغيابنا دمار، بدليل أن إسرائيل تقر أنها أخذت الدروس المستفادة من حرب 2008 خاصة إثر وقوعها في أخطاء قانونية.

س: ما هي الجهود التي تقومون بها حالياً على المستوى الدولي على صعيد المناصرة وفضح الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في فلسطين واستخدام آليات المحاسبة الدولية في ملاحقة ومحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين وهل من جدوى أو فائدة من ملاحقة مجرمي الحرب؟

نحن على المستوى الدولي نعد الخبراء رقم واحد في هذا المضمار حيث اكتشفنا أننا أكثر الذين قدموا قضايا تتعلق بملاحقة مجرمي الحرب، وهذا الأمر لا يقاس من خلال أننا قمنا بإلقاء القبض على (X أو Y ) من الإسرائيليين بل بما اتخذته إسرائيل من إجراءات وسنته من قوانين لمواجهة تحركنا تجاه ملاحقة مجرمي الحرب، حيث أقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قانون تجريم كل من يعطي معلومة، إذ يقضي هذا القانون بالحبس لمدة تصل لتسع سنوات وشكلت وزارات العدل والحرب والخارجية الإسرائيلية فريقاً يجوب دول أوروبية لحثها على تغيير القوانين ذات العلاقة، ومنعت إسرائيل مغادرة أي مسؤول لديها إلى الخارج بدون أن يكون مزودا بتقرير مغادرة ما لم يكن هناك قضايا لملاحقته في الخارج كما أتاحت إسرائيل حق التحرك لمسؤولين لديها بجوازات سفر مزورة، وهذا يعني مدى درجة الجدية التي تأخذ بها إسرائيل قضايا ملاحقة مجرمي الحرب، كما عقدت مع حلفائها “أمريكا وبريطانيا” أربعة مؤتمرات دولية من أجل التفكير في كيفية مواجهة عمل مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين.

إسرائيل وأمريكا تصف مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين بوكلاء منظمات الإرهاب، ويقولون عنا إننا نقوم بحرب قانونية عبر توظيف القانون الدولي والإنساني في ملاحقة مجرمي الحرب فنحن بلا منازع أكثر من حصد جوائز في حقوق الإنسان، لذلك يسموننا بوكلاء منظمات الإرهاب، وعلى سبيل المثال سألقي يوم الحادي والعشرين من الشهر الحالي أمام ثلاثة آلاف محام في جنوب إفريقيا محاضرة عن ملاحقتنا لمجرمي الحرب الإسرائيليين، فنحن نتحدث هنا عن نضال جاد وحقيقي ومهني وأؤكد بشكل قاطع لولا أن أمريكا تلقي بكل ثقلها في توفير الحصانة لمجرمي الحرب الإسرائيليين لوجدنا أن هناك العشرات منهم داخل السجون كحد أدنى فنحن نقوم بهذا العمل بجهد منفرد وبالتنسيق مع بض الأوفياء لمبادئ القانون الدولي.

س: كيف تقرأ خطوة القيادة الفلسطينية بتاريخ 29/11/2012 بالحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولماذا لم تنضم فلسطين للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان حتى الآن؟ وما هو دوركم على هذا الصعيد ؟ 

تقييم قرار الأمم المتحدة الخاص بالاعتراف بفلسطين دولة مراقب يتخذ شكلين من التقييم: السياسي والحقوقي؛ أما من حيث التقييم السياسي فمن المهم أن تصوت 134 دولة من أجل فلسطين وهي أكثر بكثير من الدول المعترفة بإسرائيل وهذا يعبر عما تحظى به القضية الفلسطينية من تأييد سياسي على المستوى الدولي رغم الضغط الأمريكي والإمتناع الأوروبي، أما البعد الحقوقي فنحن عيننا على ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وليس استهدافهم سياسيا بل حقوقياً، فالبديل عن القانون الدولي الإنساني هو شريعة الغاب ونحن نتمسك بشريعة القانون. 

ومن هنا نواصل جهدنا للاستفادة من الدخول إلى المنظمات الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان ونحن منذ شهر تشرين الثاني من عام 2012 نحاول الضغط على القيادة الفلسطينية كي تتوجه بكتاب “نصف صفحة” لرئيسة المحكمة الجنائية الدولية، هذا من حقنا أن نطالب به كممثلين عن الضحايا ولكننا لسنا سذج ونعلم جيدا مستوى الضغط السياسي الواقع على القيادة الفلسطينية.

س: كيف ترى الأداء الحقوقي الفلسطيني على صعيد الضغط والمناصرة المحلية والدولية على قضايا حقوق الإنسان؟ ولماذا يبدو مشتتاً في أحيان كثيرة ولا يحقق النتائج المرجوة؟ 

نحن قادرون على قلب حياة الإسرائيليين إلى جحيم، حتى القانون الدولي الإنساني ينظر للملف الفلسطيني ضمن إطار الأمن والسلام، لذا فالقانون هو المفترض أن يكون سلاحنا ولا يستطيع أحد المبادلة به فنحن نتحدث عن أسلوب حضاري لا يختلف عليه اثنان وليس من قبيل المدح أو المبالغة القول بأن مؤسسات حقوق الانسان لدينا تتمتع بتجربة ونضج ومهنية على مستوى البرامج والأنشطة التي تقوم بها وفي ذات الوقت ليست كل منظمات حقوق الانسان سواسية فمؤسسة «الحق» التي تأسست عام 79 وتعد المنظمة الأم التي فرضت حقوق الإنسان في فلسطين استطاعت أن تقدم البعد الرابع في الصراع وبالتالي لا أستطيع التعامل معها مثل التعامل مع منظمة تعمل منذ خمس سنوات وهذا لا ينفي ضرورة وجود مؤسسات متخصصة.

س: لماذا يتم التركيز من قبل مؤسسات حقوق الإنسان على الحقوق المدنية والسياسية وهنالك إهمال كبير للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في حين أن حقوق الإنسان لا تتجزأ؟

حقوق الانسان علم مازال في طور البناء والتكوين وليس كاملاً، كل يوم هناك موضوعات تتفتح وتضاف لست ضد وجود عشرات المؤسسات لحقوق الإنسان، وأنا مع التخصص وعدم التكرار، أما ما يثار حول التنسيق بين مؤسسات حقوق الانسان فهذا لا يدور إلا في آذاننا نحن، في فرنسا وبريطانيا هناك تنافس إنساني وحضاري لكن كلما نتحدث عن التكرار يكون هناك خطأ، إعادة انتاج الأمور هو خطأ، هناك مؤسسة مختصة بالحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية وأخرى مختصة بملاحقة مجرمي الحرب وهناك منظمة للدفاع عن حقوق النساء وأخرى ركزت على تقديم المساعدة الانسانية للنساء.

س: ماذا يعني لك الفوز بجائزة نوبل البديلة  

عندما نتحدث عن الجائزة نقول إنها سميت بإسم جائزة نوبل البديلة لإعتقاد من أسس لهذه الجائزة أنها لم تأت على حقوق الإنسان وذكرها، ولأن هناك مجالات أخرى كالتنمية المستدامة والبيئة والطب بمفهومه الإنساني والاجتماعي وليس العلمي وهي مجالات لم يتم التطرق لها، وهنالك اعتقاد بأن جائزة نوبل سيست وأصبحت إنتقائية وبيد الحكومات، وبالتالي فجائزة «نوبل البديلة» تعد انتصارا للقضايا والحالات الإنسانية التي دافعنا عنها وأثرنا قضاياها وانتصرنا لها في المحافل الدولية، وبالتالي الموضوع بالنسبة لي لا يتعلق بشخص راجي الصوراني ومسيرة 40 عاماً في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيلين.

ولست أعتبر أن هذه الجائزة لشخصي أو للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بل للمظلومية الفلسطينية وللقضية الفلسطينية التي تمر بأسوأ مراحلها، هذه الجائزة مهداة لأهالي حي الدرج وهدى غاليه والسموني والدلو و “بلوك 0” في رفح وللأسرى والمعتقلين وذويهم، وللمبعدين، واللذين دمرت منازلهم وصودرت أراضيهم، لأهالي غزة الذين يعانون هذا الحصار غير الإنساني وغير القانوني وغير الأخلاقي، والذي يشكل أكبر كارثة من صنع الإنسان في هذا القرن صنعها الاحتلال الإسرائيلي مؤيدا بغطاء سياسي وقانوني من الرباعية الدولية.

 هذه الجائزة لأهالي القدس، الذين يتعرضون للتطهير العرقي وتتعرض مدينتهم المقدسه للتهويد بصورة غير مسبوقة، هذه الجائزة لأهالي الضفة التي يتسع بها الاستيطان رأسيا وأفقيا وتبنى على أراضيها مستوطنات جديدة كل يوم والتي ينتشر بها 600 حاجز إسرائيلي تخنق الحركة بين مدن وقرى ومخيمات الضفه الغربية، وضد جدار الفصل العنصري الذي جرّمته أهم محكمه على وجه الأرض وطالبت بإزالته باعتباره جريمة حرب، هذه الجائزة للخمسة آلاف معتقل اللذين يتعرضون للتعذيب وللظروف المهينة والمذله للكرامة الإنسانية، هذه الجائزة لمن قضوا بالاغتيالات التي مارسها الاحتلال المجرم، الذي مارس جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ويتمتع بحماية وحصانة سياسية وقانونية من أمريكا وأوروبا الذين وقفوا وحموا إسرائيل وقادتها السياسيين والعسكريين ممن ارتكبوا جرائم حرب ومارسوا شريعة الغاب ضد المدنيين الفلسطينيين ومنعوا بذلك مساءلتهم ومحاسبتهم بموجب القانون الدولي الإنساني. لذا ليست القضية مجرد حفل في البرلمان وليس الأمر شخصيا للصوراني فهناك أناس في الشمال البارد والجليدي في أوروبا تفكر بك والعالم يقول لك أن ما تقوم به هو الأمر الصحيح وما نقوم به نضال ليس له علاقة بكافة أشكال النضال الأخرى الفلسطينية فنحن نمارس النضال على جبهة محدودة قادتنا إلى تحقيق حالة من التفوق الانساني والأخلاقي والقانوني