الأحد  20 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص| بؤرة استيطانية جديدة في طريقها نحو "الواد"

المحال التجارية مغلقة لليوم التاسع على التوالي

2015-10-12 04:59:54 PM
 خاص| بؤرة استيطانية جديدة في طريقها نحو
صورة ارشيفية

 

الحدث - آيات يغمور

 

تشرين اول الجاري.. شهرٌ حافلٌ بالأحداث في القدس المحتلة بشكل خاص، وفي الضفة الغربية بشكل عام، سلطات الاحتلال الاسرائيلي استغلت تطورات الاوضاع والهبة الشعبية  لتسابق الزمن  لبسط سيطرتها على مزيد من احياء القدس والتضييق على ساكنيها، بإصدار العديد من القرارت التي تؤكد من خلالها عزمها على تفريغ القدس من ساكنيها وتغيير ديموغرافيتها.

عملية الطعن التي نفذها مهند الحلبي كانت في طريق الواد في البلدة القديمة للقدس المحتلة، وسط مراقبة للكاميرات المعلقة في الأزقة هنا وهناك، وسط أعين أصحاب المحال التجارية، ووسط التشديدات الامنية الإسرائيلية التي أسقطت الحلبي شهيداً، اتخذتها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية  فرصة لاتخاذ عدد من القرارات الاحتلالية، بذريعة الأمن كعادتها لتضييق الخناق على الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة.

طريق الواد الذي افترش بدماء الشهيد الحلبي، بات مقسماً هو الآخر، بضعة أمتار تم تقسيمها، لتفسح الطريق أمام الأعلام الإسرائيلية لتضايق المارة ذهاباً وإياباً، في الطريق هناك، محالٌ تجارية كان لها في يوم من الأيام من العز نصاب، بات ملّاكها مهددين بالطرد والتغريم والاعتقال وغيرها من الأساليب الإسرائيلية لتفريغ البلدة القديمة بحجج قانونية عنصرية.

 

يوضح محامي مؤسسة الضمير محمد محمود أن القرارات التي تبناها الكابينت الإسرائيلي في السادس من الشهر الحالي، خالية من الحجج القانونية تستند على قانون الطوارئ الذي بدوره يستطيع شرعنة القرارات الإسرائيلية العنصرية والتي كان على رأسها: تسريع هدم منازل منفذي العمليات، توسيع الاعتقالات الإدراية للمتظاهرين، تعزيز إضافي للقوات في القدس والضفة الغربية، تعميق نشاطات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية داخل أحياء القدس الشرقية، إبعاد "المحرضين" عن الأقصى والبلدة القديمة، ومعاقبة من لم يمدوا يد العون لمصابي عملية البلدة القديمة من المارة وأصحاب المحلات.

 

قبيل الخروج بتلك القرارات، تم اعتقال جميع أصحاب المحال التجارية في طريق الواد بالقدس المحتلة، واستمر التحقيق معهم من قبل شرطة الاحتلال الإسرائيلية، ليتم الإفراج عنهم لعدم وجود دلالات تبين تورطهم في عملية الطعن التي نفذها الحلبي والتي أسفرت عن مقتل مستوطنين اثنين وثلاثة جرحى آخرين.

 

ثمانية أيام متواصلة والمحال التجارية في طريق الواد لم تر النور، بضائعها مغبرة وأبوابها مغلقة، هكذا أصبحت الطريق ثكنة عسكرية تحول بين المحال التجارية وبين دخول أصحابها، ناهيك عن اختفاء المشترين خوفاً من أن يكونوا أهدافاً متحركة لرصاص المستوطنين الإسرائيليين.

يقول مروان الحاج خليل 50 عاماً: لم أتخيل يوماً أن يصبح محلي خالياً هكذا، منذ سقوط الشهيد الحلبي والمحال مغلقة، وأصحابها ممنوعون من ممارسة عملهم بحجة عدم مساعدة المستوطنين الذين طعنهم الحلبي.

بينما يوضح الحاج فتحي 56 عاماً جملة التهديدات التي يسمعها يومياً من بلدية الاحتلال الإسرائيلية التي تتوعدهم بإغلاق المحال وفر الضرائب الباهظة عليها فضلاً عن تغريم أصحابها لعدم التصدي للحلبي وإسعاف المستوطنين.

ويتساءل التجار المقدسيون، فيما لو كان من المسموح تقديم العون لشروق دويات ابنة 19 عاماً، التي دافعت عن حجابها وتعرضت للضرب ورصاص المستوطن الذي انهال عليها بالضرب، هل كان من الممكن للتجار العرب في ذلك الحين أن يقفوا بوجه المستوطن المسلح المدعوم من شرطة الاحتلال؟ .

يمتد شارع الواد من المسجد الهدمي وحتى باب حائط البراق، فهو الطريق الوحيد المؤدي له بصورة مباشرة من باب العامود.

يضم الواد في أزقته حوالي 100 محال تجاري ما بين ألبسة وحلويات وتحف، تعاني جميعها من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة سواء من شرطة الاحتلال أو من المستوطنين أنفسهم، يصف عضو الغرفة التجارية حجازي الرشق حقيقة ما آلت إليه الأمور في طريق الواد ما بعد الاعتداءات الأخيرة التي بلغت ذروتها خلال الأعياد اليهودية: "يعاني التجار في طريق الواد من ظروف اقتصادية صعبة، فالقوى الشرائية تحجب عن وصول هذه المحال لاكتظاظها بالمستوطنين والحراسة الإسرائيلية المشددة التي تهيئ لهم المناخ المناسب لتنفيذ اعتداءاتهم المستفزة تجاه التجار وتقديم بلاغات كاذبة بهم وإحالتهم إلى المحاكم الإسرائئيلية من دون وجود أي تهمة قانونية".

 

ويضيف الرشق: "لكل تاجر في شارع الواد خاصة والبلدة القديمة عامة، ملفٌ لدى شرطة الاحتلال الإسرائيلية بسبب كثرة البلاغات الكاذبة من قبل المستوطنين".

وحول وضع طريق الواد ما بعد عملية الشهيد التلحمي، يوضح الرشق كيفية فصل الطريق وإقامة خيمة تشبه خيمة العزاء للمستوطنين الذين طعنهم الحلبي ليتنبقى ممرٌ صغير حجمه 60 سنتمتراً يتسع لمارٍّ واحد كل على حدى".

ويبدي الرشق أسفه لعجز الغرفة التجارية إحالة القضية للمحاكم الإسرائيلية لسببين: الأول يكمن في إعطاء وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي قراره قبيل 13 عاماً بإغلاق الغرفة التجارية الصناعية العربية التي تعتبر مظلة لتجار القدس مما يجعلها عاجزة من الناحية القانونية، والسبب الثاني وهو الأشد وضوحاً نستطيع لمسه في تبعية الشرطة الاحتلالية للمخابرات الإسرائيلية التابعة لحكومة يمينية متطرفة تقف وقفة عمياء أمام أفعال المستوطنين".

من الناحية الاقتصادية، يؤكد الرشق أن الخسائر التي تكبدها أصحاب المحال التجارية الثمانية المغلقة منذ 9 أيام وصلت 36000 شيقلاً، إلى جانب الغرامات المالية والتهديدات الضريبية التي ستلاحق التجار الذين شهدوا حادثة الطعن الأخيرة في طريق الواد.

ويأمل أعضاء الغرفة التجارية أن تزول هذه المحنة التي يعانيها التجار العرب بزوال خيمة العزاء الإسرائيلية المقامة وسط الطريق، والتي تحول بين التجار وبين أرزاقهم حتى اللحظة.

من جهتها تحاول مؤسسة الائتلاف الأهلية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس، أن توسع دائرة النظر نحو قضية المحال التجارية المغلقة لتشمل مخططات إسرائيلية مبرمجة ممنهجة، والتي تهدف منذ البدايات إلى تحويل الأبنية التجارية والسكنية إلى مراكز أمنية لشرطة الاحتلال.

يقول خليل تفكجي العضو في الائتلاف: "القضية غير محصورة بالمحال الثمانية المغلقة والتي من المحتمل جداً أن يستمر إغلاقها في سبيل تحويلها إلى مراكز أمنية تمهد الطريق أمام إخلاء طريق الواد من أي بقايا عربية لتصبح الطريق آمنة أمام المستوطنين وتسهيل وصولهم لحائط البراق بحجج أمنية".

ويشير التفكجي بأصابع الاتهام نحو التشريع الإسرائيلي الذي يستند على قانون العقوبات الجماعية بحق المقدسيين لسحب ممتلكاتهم لتسريع إنشاء البؤر الاستيطانية".

ويعتقد التفكجي أن الرؤية الإسرائيلية لا تقتصر على طريق الواد فحسب، بل تشمل أيضاً باب العامود بما فيه من ممتلكات عربية في طريقها نحو المصادرة الإسرائيلية تحت بند أملاك الدولة، جميعها تصب في مخطط صهيوني واحد يقود لفتح طريقين أحدهما باب العامود والآخر باب الخليل وصولاً إلى حائط البراق لتكون السيادة إسرائيلية بحتة لا يشوبها عربي.