أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وصور المواجهات وعمليات الطعن التي حدثت في الضفة الغربية خلال الفترات الماضية، حماسة فتية وشبان في مقتبل أعمارهم، ودفعتهم المئات منهم ودون تفكير، للتوجه إلى أكثر مناطق قطاع غزة خطورة، "خط التحديد"، حيث الانتشار الكثيف لقوات الاحتلال، ليواجهوا بصدورهم العارية بنادق قنص متطورة، يجلس خلفها جنود نزعوا الرحمة والشفقة، وسددوا رصاصهم إلى رؤوس وصدور المتظاهرين.
انتفاضة بإسناد إلكتروني
وتحول موقعا "فيس بوك"، و"تويتر"، إلى ساحات إسناد حقيقية للانتفاضة، وباتت معظم المنشورات والصور التي تناقلها النشطاء على صفحات تلك المواقع، تخص أخبار الانتفاضة وحوادث الطعن، وصور لراشقي الحجارة من الشبان والفتيات، سواء في الضفة أو غزة.
وبدت مشاعر الحماسة واضحة من خلال كتابات المئات من النشطاء الغزيين، ممن مجدوا المشاركين في انتفاضة الضفة، مبدين رضاهم لوصول الأحداث لغزة أخيراً، وحدوث مواجهات عند أكثر من محور شرق القطاع.
الشاب محمود عبد الله، أحد المشاركين في مواجهات شرق القطاع، أكد أن الصور ومقاطع الفيديو والمنشوارت الحماسية التي شاهدها على "فيس بوك"، ألهبت مشاعره، وجعلته يبحث عن أي طريقة للمشاركة في الانتفاضة.
وأوضح عبد الله لـ"الحدث" أن منشورات مواقع التواصل الاجتماعي التي غطت الثورة العارمة، أعطت لكل فلسطيني في غزة قوة وعزيمة وفخر، وما من شاب أو فتى في القطاع، إلا ويتمنى أن يشارك في الفعاليات كما فعل هو.
وأكد أنه شارك في رشق الحجارة، وقطع برفقة شبان آخرين السياج الفاصل شرق خان يونس، وقد نجا في مرتين من الإصابة، بعد أن استهدفه رصاص الاحتلال بشكل مباشر.
لا نملك سوى الكلمات
أما الفتاة فاتن زعرب، أكدت أنها خصصت وقت كبير لمتابعة كل ما يدور في الضفة، وبمجرد انقطاع الكهرباء، تسارع بفتح مواقع التواصل الاجتماعي من خلال هاتفها المحمول، لمعرفة كل ما يدور في ربوع الوطن، وآخر أخبار الانتفاضة.
وأوضحت زعرب أن صور الفتيات الملثمات وهن يرشقن الحجارة على جنود الاحتلال، ويشاركن الشبان الثورة، ألهبت مشاعرها، وجعلتها تتمنى لو كانت هناك، كي تشفي غليلها، وتنتفض نصرة للوطن والمسجد الأقصى.
وأعربت زعرب لـ"الحدث" عن رضاها للتحرك الأخير في قطاع غزة، رغم تحفظها على طريقة المواجهة، التي تجعل من الشبان والمتظاهرين ضحايا سهلة، في حين لا يمس جنود الاحتلال بأي أذى.
وأكدت أنها لم تعد تمتلك سوى الدعاء والكلمات، فكلما انتابتها مشاعر ثورية، عبرت عما يجول بخاطرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبت منشورات حماسية، عل أهل الضفة يقرأونها وتسهم في دعمهم ولو معنوياً.
ثورة وفيس بوك
أما الناشط سعيد الطويل، فملأ صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بالكتابات النارية، ومتابعات مستمرة لكل ما يحدث في الضفة والقدس وغزة والداخل.
وكان من أبرز ما دونه الطويل على صفحته منشور قال فيه: " سيكتب التاريخ أن شبان لا يتجاوز أعمارهم 20 عاماً، قد زرعوا الرعب في قلب الدولة صاحبة الجيش الذي لا يقهر".
وأكد الطويل أن الانتفاضة الحالية لها ميزة جديدة وفريدة، كون مواقع التواصل الاجتماعي كانت ولازالت محرك رئيسي لها، فكل النشطاء المشاركين فيها هم نشطاء فاعلين على تلك المواقع، وبعضهم "الشهداء"، كتب آخر وصاياه على "فيس بوك" قبل أن يلقى ربه مقبلا لا مدبر بوقت قصير.
وبين أن فعالية هذه المواقع تظهر من خلال توعد أركان قيادة جيش الاحتلال بملاحقة النشطاء فيها، وإغلاق صفحاتهم، مشدداً على ضرورة التواصل بنفس الروح والعزيمة بلا توقف، فالمكاسب التي سيجنيها الشعب الفلسطيني من هذه الانتفاضة المباركة ستتحقق مع تواصلها.
وأكد الطويل لـ"الحدث"على وجوب دعم النشطاء في القطاع لنظرائهم في الضفة، عبر كل الطرق والوسائل، وأن لا يبقى ذلك مقتصراً على مواجهات شرق القطاع، لم يتضرر الاحتلال منها بشيء.
مطلوب أكثر!
أما الإعلامية والناشطة دعاء أبو جزر، فوجهت تحياتها وتقديرها لفتيات الضفة، اللواتي كن على قدر المسؤولية، وسارعن بتلبية نداء الوطن منذ اللحظة الأولى، وسرن إلى جانب الرجال في الهبة الجماهيرية، بل وبعضهن شاركن في عمليات الطعن، التي نفذت ضد المستوطنين.
وأكدت أبو جزر أن مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية كانت سلاحاً ذو حدين، فحدها الايجابي بأنها خلقت حالة تفاعلية غير مسبوقة، وجمعت أبناء الوطن في مختلف أماكن تواجدهم حول ثورة أهل الضفة، وألهبت حماسة الشبان.
وأوضحت لـ"الحدث" أن لهذه المواقع سلبيات كثيرة، فبعض الشبان ممن يتفاخرون بوطنيتهم، باتوا يتمسمرون أمام شاشات الحاسوب وخلف "الكيبوردات"، يبحثون عن الصور من هنا وهناك، وينشرونها وإلى جانبها عبارات رنانة، ليبحثوا عن شهرة زائفة، وكأن ساحة الانتفاضة المفترضة لديهم أصبحت على "فيس بوك" و"تويتر".
وقالت أبو جزر: ليس هذا ما نأمله من الشبان ومن يسمون انسفهم بالنشطاء، فالمطلوب تحرك على الأرض، وإذا كانت الفصائل نائمة ومتراخية، يجب أن لا تكون الجماهير هكذا.