الأخضر بركة/شاعر جزائري
.......
أَحَاجٍ هُمْ..
بسيقانِ اللقالقِ في مروج القوتِ
أمْ أسرى حساباتٍ على كرّاسِ حانوت الوجود،
على مخدّاتٍ من العدمِ الوثير اليُمْنِ يـتّكئون،
ها..أعشاشُهُمْ ملأى بدود الرزقِ، مثبتةً عُرَى في تُرْقُوَاتِ الوقتِ أحدبَ،
نومُهُم اسمنتُهُمْ
متأبّطا دين الحديدِ، سماؤُهُم اسمنتُهُمْ
شهباءَ تعرجُ، ليلهم اسمنتهم يعلو طوابق من زفيرٍ
من غسيل ثيابهمْ،
ممّا تيسّر في ترائبَ من غرائبَ.
في الثياب الداخليّة يدخلُ الاسمنتُ
ما بين العباءة والرمال يعضّ لحم النومِ، تصطدم الخيولُ
بحائط الاسمنتِ،
تنطحُ ظلمةٌ وضَحَ الظهيرةِ ظلمةً أخرى
هنالك، القمرُ المسمّرُ في قصائدَ، ثقبةٌ في ثوب شحّاذٍ يدخّن غيمتين،
نوافذ الأحياء ضربٌ من عيونٍ في جماجمِ ميّتين،
نوافذ الموتى عيونُ جماجمِ الأحياءِ، هل تأتي
على درّاجةٍ ناريَّةٍ لتبيعنَا كِتّانكَ الدّمَ أيّها الماضي
***
مساءُ الخير ياجسدي
عليك أُطِلُّ من آجرّةٍ مكسورةٍ في حائطِ البلدِ، النهاراتُ انتبهنَ
إلى غياب الضوْءِ في الضوضاءِ، شكرا
للقناديل التي احتفظت بوميضها في الرّيح،
لا يجري ولا يمشي هنالك ذلك المخلوقُ من صُلْبِ الهواءِ
فراشةٌ تكفي لتتبعني قواميس الخيال إلى الجبالِ
حقيبةٌ من جلد صوت البحر تكفي
كي تفكّر صخرةٌ في الهجرةِ، المعنى ثقوبٌ
تنظر الكلماتُ منها في مهاوي الرّوح،
تكفي عثرةٌ في سلّم المجهولِ كي يتشدّقُ المعلومُ بالفتوى
***
جهاتُ تراكمِ الحصواتِ في مرّارة المعنى، هُمُ..
اسمَنْتُ جغرافيا الدَّمِ المُصْفَرِّ في أوراق أشجارِ النّهار، همُ..
حساءُ الخيرِ في ماعون طبّاخ المصائرِ،
طبلةُ المدّاحِ في سُوق القيامةِ،
نملةُ القرآنِ تخطبُ من وراء منصّةٍ شعثاءَ،
***
يا جسدي مساءُ الخير
لا تنسى بأن تكوي قميصكَ،
لا تصدّقْ وُجهةَ المرآة،
خذ قسطا من الكسلِ اللذيذ على سرير تأمّل اللاشيءَ،
كنُ.. مُحْلولكاً في البال،
لا تنسى دواء السكّرِ المرِّ، اتخذْ حجرا صديقاً،
لا تثبّتْ في جدارٍ حكمةً ببلاهةِ الدبّوس،
لا أرقيكَ من مسّ الذهول الحرّ،
لا مصباحَ في بعض الممرّاتِ، استنرْ بالعثرةِ اليسرى
تعال إليّ من أقصى متاهكِ، حين تأتي
حين تذهبُ جُرّني كالحبلِ في رملٍ
***
هُمُ الستُّ الجهاتُ المحصناتُ الحافظاتُ الحرْثَ
كن أسرار سابعةٍ
همُ الكلماتُ، كن صمتا
هُمُ.. مبراةُ أقلام الّرُقى، شرْحُ المتون على الهوامش،
بائعوا أعشابِ ترقيع الخرابِ
مزارعُ اللّحمِ المُذكّر في دُمى اللّحْمِ المؤنّثِ،
يرتقون الوقتَ بالأسلاكِ خوف مفاتقِ الأيّامِ،
غرقى
في مشاغلَ من شؤون المَضْغِ،
غرقى
في مسابحَ من زيوتِ معابدِ الماضي،
مناقيرُ التقاطِ اللّحم من أسنان تمساحٍ،..همُ،
أسرى حروبٍ مع ذبابٍ حول جثّةِ حاكمٍ،
أسرى التثاؤبِ في أسرّة عيشِهِمْ
أسرى قروض البنْكِ،
ليس لهمْ ظلالٌ تحت عين الشمسِ تتبعهُمْ إلى قيلولةٍ.
أسرى مقاهٍ
فوق أرصفة المتاه يدخنّون حشائش الضجر،
الصباحاتُ انتبهنَ
إلى الهواءِ وقد ترهّلَ قبل أن يأوي إلى رئةٍ
***
مساء الخير ياجسدي
هُمُ الكُتّابُ،
كن حبرَ التلطّخِ في البياض الفظّ من صفحاتِ عُريكَ،
هُمْ دموعٌ في مناديل المواسمِ
كنْ مُخاط تحيّراتِ الطفلِ،
همْ تطريز برنوس المؤرّخِ،
كنْ عواء الذئبِ في ليل الحرائقِ،
همْ شوارعُ
كن أزّقةَ،
همُ قواربُ،
كن جروح المِلْحِ في خشَبِ القواربِ
هم فروجٌ تحفظ الميراثَ والإسمنتَ والألقابَ،
كن هرب المنيّ إلى الشِّعاب.
***
فراشةٌ تكفي
لأحلم بالتمزّق في شرانقَ ما يكونُ،
الموتُ أنبلُ من جنائزِ لا تموتُ،
كأنهمْ عسسُ الصراطِ،
طلاءُ جدران السجونِ، مقابض الأبواب،
خشخشةُ المفاتيح المسنّةِ في حزامٍ لا يُرى
تحت اندلاق الكِرْشِ،
أو نقشٌ على ألواح مقبرةٍ مصمّمةٍ على ورق المقاولِ في السماءِ،
ذوو الأصابع يحسبون بها النقود بسرعة الأوراد،
حجّابُ الجحيم،
ذوو العثانين، الدكاكينِ، العطورِ المسكِ،
ينتبهون إلى رذاذ الرزق قبل الغيمِ، حجّاجُ الحلالِ الباذخ الردفينِ،
جلاّسُ البُظور على أرائكَ من شحومِ الخيرِ
****
يا جسدي مساءُ الخير،
هل أبطأتُ في تجهيز طقس السُّكْرُ كي
لا يبرأ الاجهاش من وخَزِ الكتابةِ، هل أنا
ندمُ الولادةِ فيكَ،
هل تأتي معي في نزْهةٍ قرب البحيرةِ،
كنْ زحافًا في تفاعيلِ التنفّسِ،
علّةً، إن شئتَ، في ماءِ التكاثُرِ،
صفحةً منزوعةٌ من دفترِ التفسير .. كنْ
***