الحدث - محمد مصطفى
توقع معظم المتظاهرين ممن غادروا منازلهم وبلداتهم وأحيائهم في قطاع غزة، متجهين إلى نقاط التماس مع الاحتلال بهدف التظاهر، بأن يجدوا جنود إسرائيليين يواجهونهم على خط التحديد، كما يحدث في الضفة الغربية، فيلقون تجاههم حجارة، وهم يردون بإطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع.
لكن واقع الحال شرق القطاع كان مختلفاً، فما وجده المتظاهرون هناك كان مواقع حصينة ومغلقة، ودبابات وآليات عسكرية بعضها غير مأهول، إضافة إلى كاميرات، وبنادق مثبتة على نقاط مراقبة، تطلق النار بواسطة التحكم عن بعد.
وكان حصيلة ذلك إصابات وشهداء في صفوف المتظاهرين بأعداد كبيرة نسبياً، دون أن يصاب أي من جنود الاحتلال بأذى، ودفع هذا كله الشبان للقيام بتصرفات توصف بالمجنونة.
قص السياج والبحث عن جنود
فما حدث شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة، خلال اليومين الماضيين، كان أمر غير متوقع، حيث استشاط المتظاهرون غضباً، فلم يجدوا من يلقون تجاهه الحجارة، فقاموا بقص الشريط الشائك، وتوغلوا مئات الأمتار داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وبحثوا عن جنود، حتى وجدوا جيبات فقاموا برشقها بالحجارة، وتعرضوا لإطلاق النار وقد أصيب بعضهم واعتقل آخرون، بينما تمكن البعض من المغادرة.
وقال الشاب لؤي سالم، إنه توجه إلى خط التحديد عدة مرات، ورشق مواقع وأجهزة رصد بالحجارة، فلم يجد أي جنود، وأحياناً كان يرشق ورفاقه جيبات وآليات عسكرية، لكنه لا يعتقد بأن الجنود إذا كانوا بداخلها لم تعرضوا للإصابة أو الأذى.
ونوه سالم إلى أنه فوجئ بمدى التحصين الكبير الذي يحيط بمواقع الاحتلال وأماكن تواجد الجنود، فمنظومة الأمن على خط التحديد غريبة، وتعتمد على الأجهزة، والكاميرات، والجنود في الغالب لا يظهرون للعيان، وحتى الآليات التي تمر ترى من بعيد، وبعضها غير مأهولة.
أما الشاب سعيد إبراهيم، فأكد أن غضبه زاد حين وجد أشباح ومواقع خالية على خط التحديد، ولم يجد جندياً يقابله، يرشقه بالحجارة ليشفي غليله، منوهاً إلى أن جبن وخوف الجنود يدفعهم لإطلاق النار بواسطة بنادق يتم التحكم فيها عن بعد، فالشاب يصاب أو يستشهد دون معرفة من أين أتت الرصاصة ولا من يطلقها.
دعوة لإعادة النظر
ونوه إبراهيم إلى وجوب مراجعة الأمر فيما يخص المواجهات شرق القطاع، فهي حتى الآن توقع خسائر في جانب واحد، وتعتبر شكل من أشكال إلقاء النفس للتهلكة، لذلك يجب التفكير والبحث عن ساحات مواجهة أو طرق للمشاركة في الانتفاضة غير ذلك.
أما الشاب أحمد بركة، فقال على المتظاهرين ممن تملأ قلوبهم الحماسة أن يدركوا بأن الضفة ليست غزة، وساحات المواجهة في القطاع منعدمة، فلا يمكن أن تجد جندي ترشقه، أو مستوطن تطعنه.
وأكد أن ساحة المواجهة في قطاع غزة تكون عبر أمرين، إما عسكري كما حدث في صيف العام الماضي، بأن أطلقت الفصائل الصواريخ وتستهدف الآليات، وهذا أمر لا يفضله أحد، خاصة في ظل الظروف الراهنة، أو من تضامن سلمي شعبي عبر التظاهرات السلمية، والاعتصامات، والإضرابات وغير ذلك.
ودعا بركة الشبان للكف عن تعريض حياتهم للخطر بهذه الطريقة، فمهما فعلو لن يجدوا من يواجهونه، وسيقتلون بسهولة ودون أن يتأذى أي جندي.
وأوضح بركة أنه ورغم تقديرنا لحماسة الشباب، ورغبتهم في المشاركة في الانتفاضة، لكن يجب تحكيم العقل والمنطق، وعدم المجازفة بهذه الطريقة.
وكان عدد من الشبان استشهدوا وأصيب العشرات في تظاهرات واحتجاجات جرت في أكثر من نقطة على خط التحديد، شرق وشمال قطاع غزة، للتضامن مع انتفاضة الضفة والقدس.