#الحدث - القدس
قال المحلل العسكري لصحيفة يدعوت أحرونوت رون بن يشاي، في تحليل نشرته الصحيفة، إن حكومة دولة الاحتلال قد انتقلت يوم أمس الثلاثاء في تعاملها مع موجة الأحداث الحالية من مرحلة الإنكار إلى مرحلة العمل الفعال، رغم أنها لن تطبق العديد من تلك الإجراءات لاعتبارات سياسية. وأكد في تحليله أنه لا قيادة حتى الآن لمجريات الأحداث سوى "الفيسبوك وتويتر"، وأنه ليست لدى القائمين عليها أية خطة أو استراتيجية،
وفيما يلي نص التحليل:
انتقلت حكومة إسرائيل يوم أمس الثلاثاء في تعاملها مع موجة الإرهاب الحالية من مرحلة الإنكار إلى مرحلة العمل الفعال، وجيد أنها فعلت ذلك. وتعتبر القرارات التي اتخذها المجلس الوزاري الأمني فعالة، على الرغم من أنها حتى الآن، جاءت نتيجة لاعتبارات سياسية وهي تعتبر إجراءات جزئية وتطبيقها سيكون ممكنا فقط على المدى المتوسط والبعيد. ويجب النظر إلى هذه الخطوات بسياق أوسع لإخماد الموجة الحالية.
1. إن أكثر أمر طارئ الآن هو منع العمليات وخاصة عمليات الطعن والدهس في شوارع القدس ومدن إسرائيل الأخرى. يمكن منع هذه العمليات فقط بواسطة الصد الجسماني والاتصال المباشر بين المنفذ أو المنفذين وبين ضحاياهم، لذلك فإن قسما كبيرًا من التدابير التي أتخذت تهدف إلى منع الاتصال المباشر مع منفذ العملية.
على سبيل المثال، السماح بفرض طوق أمني على أحياء وقرى شرقي القدس التي يخرج منها معظم منفذي العمليات، وإشباع هذه الأحياء بقوات الأمن وإلى ما ذلك. هناك هدفان رئيسيان لإشباع شوارع القدس بقسميها بقوات الأمن بما في ذلك جنود الجيش الإسرائيلي: الأول هو ردع منفذي العمليات لمجرد وجود قوات الأمن المسلحين في الشوارع والهدف الثاني، ليس أقل أهمية، وهو زيادة احتمال مصادفة منفذ العملية لأحد رجال الأمن ومواجهته بدلا من مواجهة مدنيين عابري سبيل غير مستعدين لمثل هذه المواجهة.
إن موضوع الردع مفهوم وواضح: المخرب المنفذ الذي سيلاحظ وجود رجل أمن مسلح، سيفكر مرتين الخروج للشارع والتفكير مرات عديدة قبل تنفيذ عملية الطعن، لأنه يعلم أنه سيتلقى رصاصات وسيقتل خلال ثوان معدودات. أما الأمر الثاني الذي دفع إلى إشباع الشوارع برجال الأمن فهو بسيط وذلك من أجل صد المنفذين بأجسادهم والاستعداد للمواجهة معهم كي لا يصلوا إلى المدنيين. إن وظيفة الجندي أو الشرطي تكمن في الحفاظ على المواطن حتى لو كان ذلك من خلال دفع حياته ثمنا لذلك وليس العكس.
2. منح الشعور بالأمن للمواطنين من أجل تمكينهم من العودة إلى حياتهم الاعتيادية بشكل طبيعي. هذا الأمر مهم أيضا من أجل منع الاستنزاف والخوف بصفوف مواطني إسرائيل، وأيضا من أجل منع انهيار الاقتصاد بما في ذلك في القدس والقدس الشرقية.
3. تهدئة الأوضاع. موجة الإرهاب الحالية "موجة شباب السكاكين" تتحرك إلى مدى كبير بسبب دوافع التقليد والاستلهام من الإسلام المتطرف مثل داعش. يمكن خفض وتيرة هذه الموجة، وهي موجة عاطفية وتوعوية في مضمونها بواسطة تهدئة الأوضاع وإجراء حوار مع جهات مسؤولة في الشارع الفلسطيني مثل التجار، رجال الأمن في السلطة الفلسطينية، أئمة المساجد المعتدلين في المساجد، المعلمين وأولياء الأمور الفلسطينيين القلقين، وهذا الأمر من المحتمل أن يكون فعالا بشرط عدم تغذية التحريض على القتل المتبادل بين الفلسطينيين واليهود. إن كل عملية وكل عملية قتل مخرب من شأنها أن تدفع إلى ثورة مشاعر لدى الطرفين. ولذلك فإن تهدئة الخواطر في هذه المرحلة مهمة جدا وذلك أيضا بواسطة منع الاحتكاك وأيضا بواسطة الحوار. نعم يوجد للكلمات قوة كبيرة في تهدئة الأوضاع.
4. اعتبار آخر هو وجود إرادة بعدم المساس بنسيج حياة الفلسطينيين في القدس وفي مناطق يهودا والسامرة. لقد أدركت أجهزة الأمن أن ما يهيج الشارع الفلسطيني هو المساس بحرية التنقل والحركة، حرية التجارة، الإهانات من قبل أفراد الشرطة والجنود الإسرائيليين، فرض الحصار، الاعتقالات والخطوات الأخرى التي تتخذ باسم الأمن، ولكنها تمنع الفلسطينيين من مواصلة عيش حياتهم.
لذلك، فإن الخطوات التي قرر المجلس الوزاري اتخاذها تمشي على حبل رفيع بين المساس بنسيج حياة الفلسطينيين وبين الحاجة لمنع العمليات ومنع الاحتكاك والتهدئة. المشي على هذا الحبل الرفيع يعني الامتناع عن القيام بعقوبات جماعية وتركيز وسائل المنع ومعاقبة منفذي العمليات فقط قدر الإمكان.
على سبيل المثال، فإن الطوق الأمني الذي فرض على الأحياء العربية في شرقي القدس سيكون بحسب تسمية الجيش الإسرائيلي "طوق متنفس"، أي سيتم من خلاله السماح للسكان بالدخول والخروج من وإلى الحي أو القرية الفلسطينية. ولكن ذلك سيتم فقط من خلال مخرج أو مدخل واحد أو اثنين فيما ستكون باقي المخارج أو الطرق المؤدية للحي أو القرية مغلقة. هكذا سيكون بإمكان الفلسطينيين من شرقي القدس من جانب واحد الخروج للعمل في القدس الغربية (35 ألف فلسطيني من شرقي القدس يعملون في غربي القدس)، والعودة إلى بيوتهم. صحيح أنه سيتم تفتيشهم وتفتيش سياراتهم من أجل منع وصول سكين أو عبوة ناسفة إلى غربي المدينة أو مدن إسرائيل الأخرى، ولكن ذلك لن يتسبب بشكل كبير بالمساس بنسيج حياة الفلسطينيين.
5. أما المبدأ الخامس الذي قاد المجلس الوزاري لهذه القرارات فهو مبدأ سياسي: منع مظاهر تقسيم مدينة القدس من جديد. وتجسد الأحداث الأخيرة في القدس فقط أن التعايش بين الفلسطينيين واليهود يخلق أوضاعا صعبة، وهي من المحتمل أن تتصاعد وأن تتحول إلى غير محتملة على المدى غير البعيد.
الحكومة الحالية، هي حكومة يمين واضحة، وحتى الآن لم تصل إلى استنتاج بأنه يجب تغيير الوضع القائم، ولذلك فهي تريد منع المواجهة بين نتنياهو والوزراء الذي يدعمونه وبين وزراء حزب البيت اليهودي والأحزاب الأخرى المشاركة في الائتلاف الحكومي. سيمر وقت حتى يتم تجنيد حراس الأمن في وسائل المواصلات العامة، وسيمر وقت أطول حتى يقوم الكنيست بسن قانون يسمح بسحب مواطنة منفذي العمليات وما إلى ذلك. ولكن تعزيز قوات الأمن ميدانيا بجنود الجيش الإسرائيلي والسماح للشرطة بفرض طوق أمني على الأحياء والقرى في شرقي القدس من شأنه باعتقادي أن يؤدي إلى تحقيق تأثير نحو التهدئة بشكل فوري.
من المهم التأكيد: لا يوجد أي قيادة لخط الإرهاب الحالي (باستثناء الفيسبوك وتويتر)، لا يوجد له بنى تحتية أو استراتيجية. لذلك، بحسب تقديري فإنه سيتراجع خلال وقت غير طويل. ويمكن أن نرى علامات على ذلك في أوساط العرب في إسرائيل وأيضا في أوساط مثيري الشغب في يهودا والسامرة وغزة. يجب الصلاة فقط بأن لا يقع أي حادث يكون فيه عدد كبير من الإصابات لأن من شأن ذلك أن يثقل على التوجهات الظاهرة لتراجع العمليات.