#الحدث- محمد غفري
أشار الباحث في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بشكل مقتضب إلى دراسة أولية أعدتها المخابرات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة حول منفذي عمليات الطعن والدهس، وماذا يمثلون في مجتمعهم؟.
وأفادت هذه الدراسة بحسب أبو عامر، "أن منفذي العمليات هم الأكثر التزاما بالمبادئ الدينية والوطنية، بحيث ارتفعت القيمة التي يدافعون عنها، وباتوا يضحون من أجلها".
وتابع المحاضر الجامعي في شرح هذه الدراسة، "أنه لم يكن عجيباً أن غالبية من نفذوا العمليات هم من أنجح النماذج البشرية، فمنهم المتفوق في دراسته، والدارس لأحدث العلوم، والعروس التي تتحضر لزفافها، وجميعهم ناجحون في حياتهم".
لذلك باتت تعرف المخابرات الإسرائيلية، أن السبب الذي دفعهم لتنفيذ مثل هذه العمليات، هو الإرهاب المنظم الذي تمارسه إسرائيل تجاه أبناء شعبهم، مما دفعهم للتضحية بأنفسهم صيانة لحرية وطنهم.
وكان مراسل صحيفة "يدعوت أحرونوت" للشؤون العسكرية أليكس فيشمان، قد كتب تحليلاً لأسباب اندفاع الشباب الفلسطيني المثقف والمتعلم باتجاه تحقيق أهدافه الوطنية عبر الشهادة، وعبر طعن الإسرائيليين قائلا إن هذه الانتفاضية يقودها الشباب في أعمار العشرين فأقل، وهم من جيل التسعينات وهم لا يشبهون الأجيال السابقة من المتعلمين والقادرين على إدراك حقوقهم الوطنية، وبأهمية الدعم الدولي لقضيتهم.
عليان النموذج
الشهيد بهاء عليان (22 عاما)، من جبل المكبر في القدس المحتلة، لم يحتمل مشاهد الظلم والتنكيل التي تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وقطعان مستوطنيه.
فصباح اليوم التالي، للمشهد المؤلم عندما اعتدى المستوطنون على الطفل الأسير أحمد مناصرة بالضرب والألفاظ البذيئة، تحضر الشهيد بهاء جيداً للشهادة، وطلب من والدته أن تجمل قميصه فهو ذاهب لعرس، ليقوم هو وصديقه بلال أبو غانم بتنفيذ عملية إطلاق نار وطعن، أسفرت عن مقتل 3 مستوطنين وجرح 17 آخرين.
وبالحديث عن هوية منفذي العمليات، يقول أصدقاء الشهيد بهاء عليان، أنه شاب مثقف، قارئ، وناشط اجتماعي، في بداية العشرينات من العمر، كان يفكّر كثيراً في كل حرف يكتبه أو فعل يفعله.
ولا بد هنا من التذكير أن الشهيد بهاء، دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بإجرائه لأطول سلسلة قراءة في العالم حول سور القدس.
كما أن بهاء كان ضمن فرقه ترفيهية تعمل لإسعاد الأطفال وإدارة الأحداث التفاعلية لهم مع المهرجين والممثلين والموسيقى التعليمية.
وليس هذا إلا غيض من فيض، فالشهيد بهاء كان أحد متطوعي حملة (قوارب غزة 2014)، مع مجموعة من أصدقائه في جبل المكبر – القدس، بحيث كانوا يجمعون المساعدات المالية والغذائية والملابس لمركز بيت الحياة في رام الله والتي كان يتم شحنها من هناك إلى غزة بعد الحرب الشرسة على القطاع في عام 2014.
وأكد أحد منسقي حملة قوارب لـ"الحدث"، أن الشهيد بهاء إبان العدوان الإسرائيلي على غزة، كان يجمع لحملة قوارب أسبوعيا ما لا يقل عن 70 ألف شيقل، عدا عن شاحنات الأغذية والملابس.
علم النفس: الضغط يولد الإنفجار
خبيرة علم النفس المقدسية، نفين سالم، قالت لـ "الحدث": "إن شخصية بتلك الملامح، والمواصفات، تكون بلا شك شخصية حساسة تجاه مجريات الأحداث حولها، وهي قادرة على استيعاب ما يجري، إلى حد أن التراكمات الداخلية تحركها باتجاه تغيير هذا الواقع الظالم".
وتضيف سالم: "إن التراكمات النفسية، والضغوطات التي تتراكم في اللاوعي، والشعور الباطن، تسيطر في كثير من الأحيان على الشخص، بحيث يصبح غير قادر على احتمالها، لأنها تشعره بالعجز عن تغيير الواقع، وبالتالي، فإن الحل يكون من خلال القيام بفعل يحمل في طياته فكرة "القدرة على التغيير" وتحديداً تغيير الواقع المعاش."
وتوضح سالم: "لذلك فإنه من الطبيعي في ظل كل الإرهاب الذي يعيشه الفلسطيني، وفي ظل كل تلك الاعتداءات التي يتعرض لها على يد الاحتلال أن يقوم أي شاب في مقتبل العمر، بتحدي الواقع، وإيصال رسالة مفادها أننا قادرون على التغيير."