#الحدث- محمد مصطفى
توقفت قوات الاحتلال عن استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع ضد سكان قطاع غزة منذ نحو عقدين من الزمن، فحتى بعد اندلاع انتفاضة الأقصى، كانت معظم المواجهات التي تحدث مع الجيش الإسرائيلي في القطاع مسلحة، يستخدم فيها الجنود الإسرائيليين الرصاص الحي والقذائف، إضافة لغارات من الطيران.
لكن تغير المعادلة، وعودة المظاهرات والمواجهات الشعبية، وعمليات رشق الحجارة، دفع الاحتلال لإعادة استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع في غزة مجدداً، متسببة بحالات إصابة واختناق غير مسبوقة، رجح بعضاً ممن استنشقوه باحتوائه على غازات أكثر فعالية، تتسبب باختناق وحرقة في الوجه، وحالات دوران.
غاز خطير
الصحافي أسامة الكحلوت، من صحيفة دنيا الوطن الالكترونية، أكد أنه كان وهو صغير يشتم رائحة الغاز المسيل للدموع الذي كانت تطلقه قوات الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى، لكنه لا يذكر أن رائحته وتأثيره كان كالذي يستخدم في الوقت الحالي.
وبين الكحلوت لـ "الحدث" أن الغاز الذي يطلقه الجنود حالياً يصدر عنه رائحة نفاثة، تصيب مستنشقها بضيق شديد في النفس، قد يصل إلى حد الاختناق، ويتسبب في ذرف غزير للدموع، وحرقة في الوجه، وأحياناً يسبب لدى بعض الأشخاص حالات دوار شديدة، وغثيان، وقد يصل الأمر إلى تقيء.
وأوضح أنه استنشق الغاز أكثر من مرة خلال تغطيته الفعاليات، وفي كل مرة كان يفر بعكس اتجاه الريح، تجنباً لاستنشاق المزيد، كما شاهد إسعاف مصابين ممن استنشقوا الغاز، ولاحظ وجود تأثير على الأعصاب لدى بعضهم، كحركات لا إرادية، وأحيانا حالة أشبه بفقدان الوعي، ما قد يشير على احتوائه على مواد تؤثر على الأعصاب.
وطالب الكحلوت بإجراء فحوص على قنابل الغاز التي تطلق تجاه المتظاهرين، ومعرفة ماهيتها، وتأثيرها، وطرق الوقاية من مخاطرها.
متظاهرون أذكياء
ولوحظ خلال مواجهات شرق مدينة خان يونس، التي وقعت أمس الجمعة، دراسة بعض المتظاهرين لاتجاه الهواء، وكيفية توجه، وتجمعهم في مناطق غرب قوات الاحتلال، ليقوم الجنود بإطلاق القنابل عليهم، ومن ثم تحمل الرياح الدخان والغاز وتعيده إلى نقطة تجمع الجنود، ما كان يجرعهم من نفس الكأس الذي حاولوا تجريع المتظاهرين منه.
وبدا الشاب إبراهيم صابر متيقظاً من قنابل الغاز، التي كانت تنهمر كالمطر شرق مدينة خان يونس، حيث عمد إلى وضع قماشة على أنفه وفمه، والفرار بعيداً عن مواقع سقوط القنابل.
وأوضح صابر لـ"الحدث" أنه كان تعرض لحالة اختناق إثر استنشاقه لما اسماه بالغاز اللعين قبل نحو أسبوع، ومنذ ذلك اليوم وهو يتجنبه، ويحذر رفاقه منه.
وأكد صابر أن قوات الاحتلال زادت من وتيرة استخدام قنابل الغاز، وجلبت راجمات، تطلق في الدفعة الواحدة ما بين 15- 20 قنبلة، لتعمد خلق سحابة من الدخان الأبيض، يستنشقها المتظاهرون رغما عنهم، مهما حاولوا الفرار.
ورغم تلقي الفتى أحمد أيوب، إسعافات أولية من قبل ضباط إسعاف، إلا أنه لم يستطع الوقوف على قدميه، وسار بمعاونة أحد رفاقه عشرات الأمتار، وجلس في ركن بعيد، يستعيد عافيته، ويستنشق هواء نظيف.
ولم يستطع أيوب غسل وجهه بالماء، أو حتى الشرب ليستعيد نشاطه، فلو فعل فإن الماء سيتسبب في حرقة شديدة في وجهه وعينيه، ويزيد تأثير الغاز.
وأكد أيوب، أنه لم يكن يتخيل أن هذا الغاز يتسبب في أذى كبير كالذي تعرض له، فهو للحظة شعر أن روحه ستخرج من جسده، وقد نطق الشهادتين، مشككا بماهية الغاز، وعلى أي مواد يحتوي.
ولم يسلم حتى المسعفون وسياراتهم من قنابل الغاز، فقد اخترقت إحدى القنابل سيارة إسعاف كان يستقلها المسعفين ياسر الحاج ومحمد الخطيب، ما تسبب بإصابتهما بحالات اختناق.