كان حلمي ان يكون جيل الشباب الصحافيين متفوقا على جيلنا الذي اكلت بدنه الطرقات النائية والاودية والازقة وميادين المواجهات والتعامل المذل والعنيف ضدنا من قوات الاحتلال ، ولعبة القط والفار التي كنا نمارسها. مع الجنود في الانتفاضة الاولى وما قبلها وبعدها .
وقتها لم نكن نمتلك من وسائل الاتصال سوى الهواتف الثابتة ، ونضطر لكتم اخبارنا العاجلة عن بعضنا البعض حفاظا على السبق الصحفي والمصادر الى ان نعود الى مكاتبنا منهكين فنحرص قبل النسكافيه والقهوة المرة على ارسال صيد يومنا بوسائلنا البدائية من هاتف ارضي او فاكس الى انحاء العالم .
كنا نحرص حينه على جمال لغتنا العربية ومتانتها فتكون صياغتنا للاخبار متقنة ودقيقة ، ولا نوزع خبرا الا بعد التاكد من مصادره وصدقيته ، والاهم اننا لم نكن نعتمد الصحافة الاسرائيلية من جرائد واذاعات وتلفزة كمصدر يوثق به .
اما اليوم وانا اتابع تغطيات المراسلين فاني اشعر بالحزن والاسف على ما اصاب الصحافة والصحافيين من عدم اهتمام بل اهمال متعمد احيانا او لنقل استسهال في الحصول على الاخبار وعدم التاكد من مصادرها وقلة الاهتمام بجمال اللغة وبالمصطلحات المستخدمة في الاخبار .
واشد ما يؤلمني بعدما كنا نحن مصدر الاخبار للصحافة الاسرائيلية ان تنقلب الاشياء لتصبح هي مصدر الثقة لوسائلنا الصحافية ،
لماذا لا يكترث بعض الصحافيين الشبان اقصد المراسلين الذين ورثوا المهنة عن اسلافهم باللغة والصياغة وترتيب الاخبار حسب اولويتها ، رغم انهم يمتلكون ما لم نكن نمتلكه من وسائل الاتصال التقنية السريعة ووسائل المواصلات الحديثة.
لماذا يفعل " بعض " شباب صحافة هذه الايام عكس ما كنا نفعل تماما ، هل ما يفعلونه الان هو الصواب بعدما تغيرت الاحوال والظروف والوسائل والاهداف ، ام هي المدرسة الجديدة في الجلوس على المكاتب والمقاهي بانتظار ان يدق الخبر ابوابهم او هواتفهم الذكية ..؟
ام اننا كنا من اصحاب مدرسة الحنبلية اكثر من اللازم ، في الحقيقة لا املك الاجابة .
وكل ما يمكنني قوله : انني خائب الظن بالبعض ، ولكني اكن كل الاحترام والتقدير للبعض الاخر المبدع من شبان وصبايا صحافة اليوم .