رغم بدء وصول أسراب أسماك السردين المهاجرة إلى شواطئ قطاع غزة بعد انتظار طويل، إلا أن ذلك لم يفرح الصيادين، بل كان بداية لمشقة وعمل دءوب تخلله الكثير من المخاطر.
فالأسماك التي بدأت بالوصول منذ أيام، لازالت تسير على مسافة تتراوح ما بين 5-12 ميل بحري، وهي مسافة كبيرة، في الغالب يعتبر الوصول إليها أمر بالغ الصعوبة، كون جزء منها يقع في نطاق المنطقة المحظورة على الصيادين.
كر وفر
ويقول الصياد محمود عوض، من سكان محافظة خان يونس، إن اشتياق الأسواق للأسماك البحرية الطازجة، وارتفاع أسعارها نسبياً في هذه الفترة، يشجع الصيادين على خوض المغامرة، والإبحار في المياه طوال ساعات الليل، في رحلة البحث عن الأسماك.
وأكد أن زوارق الاحتلال تنتشر بكثافة في البحر، وتقف للصيادين بالمرصاد، وتلاحقهم وتطلق النار تجاههم، خلال عمليات الصيد التي يقومون بها.
وأوضح عوض أن الصيادين في الغالب يصلون حتى مسافة خمسة أميال بحرية، ويتحركون من مساحة قصيرة، وإذا ما رصدت أجهزة تعقب الأسماك الخاصة بهم أسراب قريبة، يسارعون بمطاردتها، وهذا يعرضهم لإطلاق النار، حتى وإن كانوا ضمن المنطقة المسموح بها.
ولفت لـ"الحدث"، إلى أن الأمر أصبح في بعض الأيام يشبه لعبة الكر والفر، فمراكب الصيادين تتحين فرصة ابتعاد الزوارق لملاحقة أسراب الأسماك، والأمر قد ينجح تارة ويفشل أخرى، فالصيادون لا يمتلكون خيار آخر سوى المغامرة في سبيل تحصيل لقمة العيش.
أسماك تستحق الجهد
أما الصياد خالد عمر، فأكد أن الأسماك في الموسم الحالي مميزة، وتستحق أن يبذل الصيادون كل جهد ممكن للحصول عليها، فالأنواع المتوفرة حالياً إما سردين أو سكمبلة من الإحجام الجيدة التي يرغبها المواطنون، أو الغزلان، وهي اسماك أسعارها عالية، إضافة إلى أنواع أخرى.
وبين عمر لـ"الحدث"، أن عدد كبير من المراكب متعددة الأحجام والأشكال تدخل البحر عند مغيب الشمس من كل يوم، وتنتشر في البحر، ويتأهب الصيادون المتواجدون على متنها بانتظار حلول الليل، وحين يحل الظلام، يشعل الصيادون الأنوار الساطعة، ويوجهونها إلى المياه مباشرة، لتبدأ العوالق البحرية الصغيرة بالتجمع حولها، وهذا بدوره يجلب الأسماك التي تأتي لأكلها، ما يجعلها تقع لاحقاً في شباك الصيادين.
وتوقع عمر أن يستمر موسم الصيد الخريفي حتى نهاية شهر تشرين ثاني المقبل، وأن يشهد تزايد بعد التقلبات والمنخفضات الجوية "نوات"، خاصة المتوقع قدومها الأسبوع المقبل.
تصعيد متعمد
من جانبه أكد الصياد أحمد حسونة، أن مواسم الصيد في فصلي الخريف والربيع من كل عام، غالباً ما تتزامن مع تصعيد قوات الاحتلال اعتداءاتها بحق الصيادين، بهدف التنغيص عليهم، وحرمانهم من مصادر أرزاقهم.
وبين حسونة أن التصعيد في الغالب يكون له أشكال عديدة، أبرزها إطلاق النار ومطاردة المراكب، إضافة إلى تركيب قواطع معدنية على هيئة مراوح تدور في المياه، ويتعمد الاحتلال المرور من خلالها على شباك الصيادين لتقطيعها، وكثيراً ما يمارس الجنود الإسرائيليين عمليات قرصنة مقصودة، فيصادرون معدات صيد ومراكب بدون إبداء أسباب.
وأكد أنه ورغم كل هذه الاعتداءات والمضايقات، فالصيادون مصرون على التمسك بمهنتهم، والاستمرار في دخول البحر، وصيد الأسماك، مهما كلفهم ذلك من مشقة وخطر.
وأوضح حسونة لـ"الحدث" أن الصيادين في مواسم الأسماك باتوا يجتهدون لتجنب اعتداءات الاحتلال، وبعضهم يلعب ما يشبه لعبة القط والفأر، فكلما غادرت زوارق الاحتلال أو ابتعدت، أبحر الصيادون إلى أعماق أكبر، وحين تعود يفرون على مقربة من الشاطئ، فهم مجبرون على ذلك في سبيل تحصيل قوت يومهم.