الحدث - آيات يغمور
ليتنا كصحفيين نستطيع أن نوثق مشاعرنا حين ننقل صورة الحياة والموت التي نراها أمامنا في مواجهات أولئك الشباب الشجعان عند نقاط التماس مع المحتل. المواجهات فيها من الموت بقدر ما فيها من الحياة، وفيها من الضحك بقدر ما فيها من الجد، وفيها من المواقف والمواقف التي تجعلنا ننحني احتراماً لها.
بيت إيل قوقعة رام الله
للقرب الجغرافي دلالته، ولكن الأضواء التي سلطتها وسائل الإعلام على مواجهات بيت إيل، جعلت من الأحداث الأخرى تبدو ضئيلة إلى جانبها، فتجمعت الصحافة التي تستقر في مدينة رام الله وتوجهت نحو بيت إيل، فهي الأقرب والأكثر إثارة.
هي رام الله التي تعيش مواجهاتها هناك على حدود مستوطنة بيت إيل، كونت حالة من التقوقع الذي فرضته على شبانها لتحظى هي ببعض الاستقرار، فتكون رام الله هانئة بمركزها بعيدة عن الأجواء المشحونة في أطرافها الشمالية.
شهيد بالموت البطيء وسيارات الإسعاف ناقلة للموتى
من بين 61 شهيداً، ارتقى 52 منهم في موقع الحدث دون نقلهم إلى المشافي، غالبيتهم تركوا وحيدين هناك، ينزفون حتى الموت، لم تستطع طواقم الإسعاف إسعافهم، وقفت عاجزة بعيدة، لم تتمكن صافراتها من الوقوف أمام أسلحة جنود الاحتلال الذين تعمدوا إيصالهم حد الموت أو "الشهادة"، فالعقاب مستمرٌ ما بعد الشهادة، فسيارات الإسعاف فقدت آهليتها وأصبحت مجرد ناقلة للموتى، والجثامين سرقت لتبقي قلوب الأمهات على حسرتها لفقد أبنائها الذين لم يكن لهم دفن يليق بشهادتهم.
تنظيم بدون تنظيم
يتجمعون بمفردهم، بعيداً عن الدعوات الجماعية الحزبية الفصائلية أو حتى الرئاسية. بشكلٍ فردي يعكس قوة الإرادة وصدقها، صفوفهم احتوت ما عجزت الحكومة عن توحيده، خلعوا معاطف الحزبية ليكون اللباس كوفية تغطي الوجوه وتنظم العمل الجماعي، لتكون حالة الفوضى والعبثية نظاما من نوع آخر في موازين أخرى لا تعرف انقساما.
هم يعرفون معنى إنكار الإشاعات التي دعت إلى التجمهر في مكان دون غيره في ساعة دون الاخرى، معتبرينها دخيلة تحمل أهدافاً بعيدة كل البعد عن الوطنية التي يؤمن بها الشبان الذين خرجوا بأنفسهم إلى خط التماس.
حكايا المواجهات
في مواجهات بيت إيل كان أحد الفتيان وكلما إشتد الضرب يصيح برفاقه: "معك شيكلين؟ فيضحك الجميع، أحدهم تقدم منه ليعطيه شيكلين حقاً، إلا انه ضحك بخجل وقال: "لا أنا بمزح"
عندما إنتهت المواجهات وأثناء توجه البعض لغسل أيديهم وملابسهم، قال له صديقه: روح وقف سيارة مشان نروح
فرد عليه: "لا شو سيارة! معيش شيكلين، أنا مروح مشي".
وفي حكاية أخرى، وأثناء ملاحقة قوات الاحتلال لأحد الشبان الذي كان يركض ويضحك في الوقت ذاته ليتوقف فجأة.... فتوقف جنود الاحتلال على مسافة قريبة منه متسائلين بقلق عن سبب هذا الوقوف المفاجئ معتقدين أنه سيقدم على شيءٍ مباغت، وإذ بالشاب يحني ظهره ويتناول سيجارته قائلاً "إلا السيجارة" ثم انفجر ضاحكاً مكملاً جريه بعيداً عن نظراتهم التي اعتلتها الدهشة.
شعلة القدس التي لا تنطفئ
نشرت قوات الاحتلال منذ بداية الشهر الحالي 5500 جندي إسرائيلي في أرجاء القدس، إلى جانب ترخيص 300 ألف إسرائيلي لحمل السلاح.
وفي خضم حملة التسلح والخنق "الأمني" الإسرائيلي، قامت مجموعة شبابية مقدسية بإنشاء حملة تحمل اسم "مش خايفين"، والتي هدفت لخلق وجود مقدسي على مدرجات باب العامود لإثبات الهوية الفلسطينية وإعطاء شعور بالأمان مجدداً للقدس وأهلها.